
برهم صالح يثير غضب إيران وحلفائها العراقيين
بغداد - أثارت مواقف الرئيس العراقي برهم صالح الأخيرة برفض تكليف مرشحي كتلة "البناء" الثلاثة لرئاسة الحكومة تماهيا مع المطالب الشعبية غضب حلفاء إيران.
وفي هذا الإطار شنت "كتائب حزب الله" العراقية المقربة من إيران، هجوما حادا على الرئيس صالح مؤكدة أن البلاد دخلت في أزمةٍ خانقةٍ "أحدُ أسبابِ تعقيدِها التعاملُ المريبُ لرئيسِ الجمهوريةِ، بخرقِهِ الدستورَ بعد رفضِهِ أداءَ مهمّتِه وواجبِه الدستوريّ بتكليفِ الشخصيةِ التي ترشّحُها الكتلةُ الأكبرَ لرئاسةِ الوزراءِ".
واتهم البيان، صالح، "بالخضوع للإملاءاتِ الأميركيّةِ، ولضغوطِ أطرافٍ مشبوهةٍ تعملُ على استغلالِ التظاهراتِ لفرضِ إرادتها".
وطالبت الكتائب، القوى السياسية، بالتصدي لما وصفته بـ"التصرفاتِ غيرِ المسؤولةِ لرئيسِ الجمهوريةِ بعد خرقِهِ الدستورَ".
ودائما ما توجه الجماعات المرتبطة بإيران الاتهامات لكل السياسيين الرافضين لتدخلات طهران في الحياة السياسية في العراق وتغيير المشهد السياسي لصالحها.
ودعت المنظمة التابعة للحشد الشعبي للإسراعِ باختيارِ شخصيةٍ وطنيةٍ مقبولةٍ وغيرِ جدليّةٍ لرئاسةِ الحكومةِ، وعدمِ السماحِ لأيّ طرفٍ بأن يفرضَ شخصيات معروفة بعمالتِها للأميركيّ".
ولم يرد من الرئيس صالح أو من مكتبه رد فوري بشأن هذه الاتهامات.

والخميس، اعتذر،صالح عن تكليف مرشح تحالف "البناء" محافظ البصرة الحالي أسعد العيداني، بتشكيل الحكومة الجديدة، وقال إنه يفضل الاستقالة على تكليف مرشح لا يحظى بتأييد المتظاهرين.
واستند صالح في كتاب رسمي موجه إلى البرلمان للماد 76 من الدستور التي تلزم الرئيس بتكليف مرشح الكتلة النيابية الأكثر عدداً لتشكيل الحكومة من دون أن يكون له اعتراض.
واتهم تحالف "البناء" العراقي، الخميس، صالح بـ"خرق الدستور والحنث باليمين"، داعياً البرلمان إلى اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه على خلفية ذلك.
وتحالف "البناء" يقوده الثنائي الشيعي المقرب من إيران، رئيس الوزراء الأسبق زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، وزعيم تحالف "الفتح" هادي العامري.
ورشح هذا التحالف أسعد العيداني بعد أن رفض الحراك الشعبي ترشيحها السابق لعضو البرلمان محمد شياع السوداني، وأيضا وزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل.
وواجهت هذه الأسماء التي زكتها أحزاب موالية لإيران لخلافة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي الذي أسقطته الاحتجاجات، رفضا قاطعا من قبل الشارع الثائر.
وصباح الخميس، أعلنت اللجنة المنظمة للتظاهرات رفضها ترشيح العيداني لرئاسة الحكومة، محملين إياه المسؤولية عن قتل المتظاهرين في البصرة.
والعيداني الذي يشغل منصب محافظ البصرة، معروف بعلاقته المقربة بقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.
كما ان العيداني قيادي في حزب المؤتمر الوطني الذي يترأسه حاليا السياسي الموضوع على قائمة العقوبات الأميركية آراس حبيب.
وعاقبت الولايات المتحدة حبيب، بسبب ضلوع "مصرف البلاد" الإسلامي الذي كان يديره في عمليات غسيل أموال لصالح الحرس الثوري الإيراني. وشغل العيداني شخصيا منصب مدير فرع "مصرف البلاد" في البصرة، مسقط رأسه، قبل أن يتولّى منصب المحافظ.
وسبق لبرهم صالح أن لوح بالاستقالة من منصبة جراء ضغوط "كبيرة جداً" من قوى سياسية مدعومة من إيران لقبول مرشحها قصي السهيل لرئاسة الحكومة المقبلة.
وكان البعض يأمل الجمعة أن يوضح المرجع الديني الشيعي الأعلى في خطبته المعتادة مستقبل الأزمة الضبابية التي تتعمق في البلاد. لكن آية الله السيستاني أشار إلى أنه لن يتطرق هذه المرة إلى الوضع السياسي، نائياً بنفسه عن جدال الطبقة السياسية التي يندد بها حراك شعبي عفوي غير مسبوق يستعد لدخول شهره الرابع، رغم سقوط نحو 460 قتيلاً وإصابة 25 ألفاً بجروح.
ورُفعت لافتة جديدة ليلاً في ساحة التحرير، مركز الاحتجاجات في وسط بغداد، إلى جانب أخرى تحمل صور جميع المرشحين لمنصب رئاسة الوزراء وعليها إشارات حمراء تعبيراً عن رفضهم.

شكراً برهم
وتحت اللافتة الجديدة التي تحمل صورة رئيس الجمهورية، كتب المتظاهرون "شكراً برهم على وقوفك مع مطالب الجماهير وعدم الاستجابة لمرشحي الأحزاب المرفوضين. أخرج من دائرة الأحزاب الفاسدة".
لكن لا يتفق جميع المتظاهرين مع هذا الرأي. فبالنسبة للمدرس علي محمد الذي يتظاهر في حافظة بابل جنوب بغداد فإن "الاستقالة ستؤدي إلى فوضى عارمة وزيادة سيطرة الأحزاب على مقدرات البلاد".
وأضاف محمد لوكالة فرانس برس أنه يجب على الرئيس "العدول عن الاستقالة ومواصلة التصدي للأحزاب، لأن وجوده يمثل صمام أمان لتأمين وطنية المرشح الجديد" لرئاسة الوزراء.
وفي معسكر المتظاهرين في الديوانية، جنوباً أيضاً، يأمل محمد مهدي من جانبه أن "تكون استقالة الرئيس برهم صالح فعلية حقيقة وجادة لننتقل بعدها إلى حل البرلمان، بعد مرور شهر، وتجري بعدها انتخابات مبكرة ونتخلص من كل هذه الوجوه الفاسدة".
وأكد مهدي "نرحب بهذه الاستقالة، وهي أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين من البداية باستقالة الرئاسات الثلاث" في إشارة إلى رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان.
وفي 19 ديسمبر/كانون الأول الماضي، انتهت المهلة الدستورية لتكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة، إلا أن رئاسة الجمهورية حددت الأحد الماضي، آخر يوم للمهلة، وذلك من دون احتساب أيام العطل ضمن المهلة الرسمية.
وأجبر المحتجون حكومة عادل عبدالمهدي على الاستقالة، مطلع ديسمبر الجاري، ويصرون على رحيل ومحاسبة كل النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.
كما يطالب المتظاهرون باختيار مرشح مستقل نزيه لا يخضع للخارج وخاصة إيران، يتولى إدارة البلد لمرحلة انتقالية تمهيداً لإجراء انتخابات مبكرة.