التفوق الجوي للجيش الليبي يبقي أردوغان عاجزا في ليبيا

وزير الخارجية التركي يقوم بزيارة إلى الجزائر لبلورة موقف سياسي يوحي بانحياز لصالح تركيا على غرار زيارة أردوغان لتونس الشهر الماضي.
جنود أتراك وصلوا طرابلس للتشويش على الرادارات ودفاع الجيش الجوي
أنقرة تريد أن تعيد حكومة الوفاق إلى طاولة المفاوضات لبسط نفوذها في المتوسط
سفينتان حربيتان تركيتان تنتظران على سواحل الجزائر
خطط تركية لإنشاء قاعدة بحرية وبرية في مدينة مصراتة

أنقرة - أقرّ وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الاثنين، بتفوق الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من ناحية القوة الجوية، في تلميح واضح إلى أن التدخل التركي في الأراضي الليبية سيركز على سد تلك الفجوة لصالح حكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها في العاصمة طرابلس.

ونقلت وكالة الأناضول الرسمية عن تشاووش أوغلو قوله إن "أي طرف في الحرب الداخلية الليبية لن يحقق النصر، وأن هذه الحرب ستطول إذا لم يتم إيقافها"، في وقت بدأ التحرك العسكري التركي فعلا في ليبيا.

وأضاف تشاويش أوغلو أن "قوات خليفة حفتر تتفوق في ليبيا من ناحية القوة الجوية".

 وحسب خبراء عسكريون فإن هذا التفوق الجوي للقوات حفتر سيركز عليه أردوغان حتى تتمكن القوات التي أرسلها إلى ليبيا من مساعدة حكومة السراج على البقاء من خلال التصدي للحظر الجوي الذي يفرضه الجيش منذ أكتبور الماضي فوق طرابلس واستهدافه جوا للميليشيات فوق المنطقة الغربية.

ويسيطر الجيش الوطني الليبي فعليا على المجال الجوي بعد أن شن حملة جوية مكثفة منذ أغسطس/آب وحتى أكتوبر/الأول لتحييد الطائرات التابعة لحكومة الوفاق، التي تمكنت قوات حفتر من إسقاط أكثر من طائرة مسيرة تركية تابعة لها في الأشهر الأخيرة.

واستطاع سلاح الجو التابع للجيش الليبي في الفترة الأخيرة من السيطرة على معارك طرابلس والتقدم أكثر عبر تنفيذ عدد من الضربات الناجحة على عدة مواقع ومراكز تخزين وتجميع الطيران التركي المسير وتمركزات وذخائر المليشيات ما أفقدها القدرة على التحرك على الأرض.

وكشفت مصادر صحفية تركية السبت على موقع تويتر عن وصول مجموعة من الجنود الأتراك المتخصصين في التشويش على الرادار والدفاع الجوي إلى طرابلس.

ومع الضغط عسكريا واقتراب قوات الجيش الليبي من إحكام سيطرتها على العاصمة لجأت حكومة الوفاق إلى الرئيس التركي طالبة منه التدخل عسكريا وبريا وجويا لإعادة الموقف لصالحها، في خطوة أدانها البرلمان الليبي ومقره شرق البلاد ورفضها مطالبا بمحاكمة السراج واتهامه بـ"الخيانة العظمى".

وفي موقف لطمأنة الداخل التركي، أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الأحد أن الجنود الأتراك لن يقوموا بالقتال في ليبيا، لكنهم سيشرفون على عمليات التدريب والتنسيق الاستخباراتي.

يأتي ذلك بعد أن تحدثت تقارير إعلامية عن وصول مقاتلين من فصائل سورية موالين لتركيا في شمال سوريا، إلى طرابلس للقتال في صفوف حكومة الوفاق وميليشياتها ضمن رحلات سرية انطلقت من مطار إسطنبول.

ووسط التستر التركي عن العدد الرسمي للجنود والقوات التي سترسلها أنقرة إلى ليبيا، نقل تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الأحد، عن محللين عسكريين أتراك، أن أنقرة لديها خطط لإنشاء قاعدة بحرية وبرية في مدينة مصراتة، بالإضافة إلى تقديم الجيش التركي تدريبات عسكرية لمقاتلين يدافعون عن حكومة الوفاق.

وتحدث تقرير نيويورك تايمز عن رسو فرقاطتين بحريتين مؤخرا على سواحل الجزائر ووجود غواصة تركية قبالة ليبيا سبق لوزارة الدفاع التركية الحديث عنهما الأسبوع الماضي زاعمة إن ذلك يندرج ضمن عمليات حلف شمال الأطلسي.

وكشفت الدفاع التركية عبر صفحتها الرسمية على تويتر عن رسو سفينتين بحريتين في ميناء الجزائر ضمن مهمة زعمت إنها "تدريبية وتأتي في إطار عملية للحلف الأطلسي الناتو".

وقالت وزارة الدفاع التركية إن "الفرقاطتين التركيتين تقومان بزيارة إلى ميناء الجزائر في الفترة من 7 إلى 10 يناير لإحياء ذكرى قائد البحرية التركية الرايس عروج"، وهو قرصان عثماني كان يقوم باعتراض السفن الأوروبية وخاصة الإسبانية، بمساعدة شقيقه خيرالدين بربروس فاتح الجزائر لصالح السلطان العثماني سليمان القانوني عندما وصلت حدود الإمبراطورية إلى أطراف البحر المتوسط.

ورغم نفي بعض وسائل الإعلام الجزائرية وجود قوات بحرية تركية في ميناء الجزائر، إلا أن سكوت السلطات الرسمية حول ما كشفته وزارة الدفاع التركية زاد الموقف الجزائري غموضا في وقت يشهد فيه المنطقة تصعيدا تركيا كبيرا في الجارة الشرقية.

ومن المنتظر أن يقوم تشاووش أوغلو بزيارة اليوم الاثنين إلى الجزائر قالت وزارة الخارجية التركية إنها ستدوم يومان.

وأوضحت الخارجية التركية أنه من "المتوقع أن تتناول (زيارة تشاووش أوغلو) العلاقات الثنائية بين البلدين بجميع جوانبها و تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية".

ويقوم الرئيس التركي بالضغط حاليا على الجارتان الجنوبيتان لليبيا (الجزائر وتونس) للحصول على تأييد لتدخله في ليبيا عبر تسهيل عمل قواتها هناك حتى يتمكن من إضعاف التفوق الجوي للجيش الوطني الليبي.

وأمس الأحد، قال أردوغان في تصريح لقناة "سي أن أن تورك" إن "وحدات من القوات التركية بدأت في التحرك إلى ليبيا وستُعزَز تِباعا، وأن هدف أنقرة هو دعم حكومة الوفاق ومساعدتها على الوقوف وتحقيق الانتصار".

وكشف عن وجود "فرق أخرى مختلفة كقوة محاربة على الأرض في ليبيا"، مشيرا إلى أن أفراد هذه القوة ليسوا من الجنود الأتراك".

 وقال إن القوات الأخرى ، في إشارة على ما يبدو إلى المقاتلين السوريين المدعومين من تركيا ، ستشكل الوحدات القتالية.

وفي 25 ديسمبر الماضي، حاول أردوغان من خلال زيارة غير معلنة قام بها في إلى تونس، الإيحاء إلى وجود انحياز تونسي لصالح حكومة الوفاق وهو ما نفته الرئاسة التونسية لاحقا مؤكدة تمسكها بالحل السياسي في ليبيا.

واستفزت تلك الزيارة دول جوار ليبيا منها تونس والجزائر والمغرب، حيث نددت أحزاب ومنظمات من الدول الثلاثة بالتدخل التركي السافر في الشؤون الليبية والسعي لإعادة السيناريو السوري في ليبا، فيما فضلت الحكومات الحياد والدعوة إلى إيجاد حلولا سلمية لإنهاء الأزمة بين الطرفين.

التدخ
التدخل التركي السافر في الأراضي الليبية وحّد الليبيين حول الجيش الوطني

ويرى مراقبون إن زيارة تشاووش أوغلو إلى الجزائر ستكون أيضا في هذا الاتجاه لبلورة موقف سياسي جزائري يوحي بانحياز لصالح تركيا.

وكانت صحيفة "ديلي صباح" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا قد أشارت في مقال نشرته أواخر ديسمبر الماضي، إلى أن تركيا تقوم "بتحركات دبلوماسية حثيثة حول الملف الليبي من خلال العمل الوثيق مع حكومات تونس والجزائر وقطر".

وأضافت الصحيفة التركية إن "موازين القوى في شمال إفريقيا يمكن أن تتغير إذا ما تمكنت تركيا من التعاون الفعّال مع تلك الدول."

وأوضحت أن "التدابير العسكرية والدبلوماسية التي اتخذتها تركيا لتغيير ميزان القوى في شرق البحر المتوسط، تهدف إلى تعزيز موقفها على طاولة المفاوضات، لأن قضية ليبيا تحتل مكانةً بارزة على جدول الأعمال التركي، شأنها شأن الملف السوري".

وألقت "ديلي صباح" باللوم على المعارضة التركية التي لرفضها "الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق، دون أخذ المصالح التركية في شرق البحر المتوسط وليبيا بعين الاعتبار".

ويرى مراقبون أن الهدف السياسي لتركيا في ليبيا ليس دعم حكومة السراج لكسب الحرب أو محافظة على أرواح سكان طرابلس كما يدعي ويروج له أردوغان، وإنما لمساعدة حكومة الوفاق التي تعترف بها الأمم المتحدة في البقاء أطول وقت حتى تتمكن من مساعدتها قي الحصول على حصة من مشاريع التنقيب عن الغاز شرقي البحر الأبيض المتوسط.

ولتركيا سجل حالف بمثل هذه الأعمال في السنوات الأخيرة في سوريا والعراق، اتخذت فيها محاربة المقاتلين الأكراد والإرهابيين ذريعة للتدخل العسكري في الدول المجاورة لها.

لكن ليبيا تبدو مغايرة تماما لما تطمح له تركيا فهي لا تتقاسم معها حدودا برية تمكنها من افشال السيطرة الكلية للجيش الليبي على المجال الجوي الذي يعد أهم عنصر للتحكم في ميادين القتال في الحروب.