
عقيلة صالح في الجزائر لاستثمار مخاوفها من التدخل التركي في ليبيا
الجزائر - ظهر جليا في الآونة الأخيرة ان الموقف الجزائري من الازمة الليبية يتجه شيئا فشيئا لمعارضة التدخلات الاجنبية وفي مقدمتها التدخلات التركية باكثر حدية بعد ان خيرت الجزائر طوال الفترة الماضية متابعة التطورات على حدودها الشرقية واتخاذ موقف اقرب للحياد بين المتصارعين.
وتلقى رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح إشارات وتصريحات الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون الذي انتقد التدخل العسكري الأجنبي في الغرب الليبي في تلميح واضح للتدخل التركي الذي اصبح مقلقا للجزائر.
ووصل عقيلة صالح، السبت، إلى الجزائر في زيارة مفاجئة حيث أفاد التلفزيون الجزائري الرسمي، أن رئيس المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري) سليمان شنين، ووزير الخارجية صبري بوقادوم، كانا في استقبال صالح في مطار الجزائر الدولي بالعاصمة.
وبدات الجزائر تتخلى عن مواقفها المتحفظة من التطورات في ليبيا على وقع تسارع التدخلات الأجنبية لكن تبون أصر في المقابل على حياد الجزائر ودعوته الى ايجاد حلول سياسية للازمة.
وقال تبون، في مقابلة مع وسائل إعلام محلية بثها التلفزيون الرسمي.مساء الجمعة إن بلاده لن تنخرط في لعبة المد والجزر بين الطرفين المتصارعين في ليبيا وهي ملتزمة بالحياد وترى أن الخيار العسكري ليس حلا.
وفي انتقاد صريح لمواقف حكومة فائز السراج ومن ورائها تركيا بعد رفضهما لمبادرة السلام المصرية قال تبون أن بلاده "لن تدخل في لعبة المد والجزر بين الطرفين المتصارعين إذ يطلب الخاسر في كل مرة وقف إطلاق النار والرابح يرفض".
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عرض الاسبوع الماضي مبادرة للسلام في ليبيا اثر اجتماع مع قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح اثر تمكن حكومة الوفاق من تحقيق تقدم ميداني بدعم تركي.
ولفت تبون أن موقف بلاده "واضح وتؤيده مختلف الدول بأن الحل لن يكون عسكريا ويجب الجلَوس إلى طاولة الحوار لحل الأزمة".
والاسبوع الجاري افاد الوزير المستشار للاتصال الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، محند أوسعيد بلعيد ان بلاده ترحب بالمبادرة الأخيرة لمصر لوقف إطلاق النار في ليبيا.
واكد أن الجزائر ترحب بكل مبادرة من شأنها كف الدماء وانها تلعب في نفس الوقت دور الوسيط .
ووجه تبون انتقادات لتركيا رغم انه لم يذكرها بالاسم قائلا "للاسف الشديد أطراف إقليمية متورطة في الأزمة الليبية لم تلتزم بمخرجات مؤتمر برلين وتعمل على اغراق ليبيا بالسلاح.
واضاف تبون دون ذكر اسماء الدول "هنالك دولة لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر برلين يمنع تدفق الأسلحة والمرتزقة، لكن هناك دولة أرسلت بعد شهر 3400 طن من الأسلحة إلى ليبيا".
وتورطت تركيا وفق تقارير دولية في ارسال الالاف من المرتزقة والاسلحة الى ليبيا ما يشكل خطرا على منطقة شمال افريقيا التي تعاني من خطر التنظيمات الارهابية.
وحذر تبون من تكرار النموذج السوري او الصومالي في ليبيا متهما ضمنيا السلطات التركية بنقل النموذج السوري الى شمال افريقيا داعيا الاطراف المتورطة بترك المجال للدول المجاورة لليبيا كمصر وتونس والجزائر للمساعدة على انهاء المشكلة.
واتهم تبون جهات لم يسمها بالاسم الى محاولة جر الجزائر للمستنقع الليبي والتدخل عسكريا.
ويظهر من تصريحات تبون مخاوف الجزائر من تدهور الاوضاع في ليبيا وانتشار الجماعات الارهابية على حدودها الشرقية مع تورط تركيا في نقل الالاف من المجموعات المتشددة المرتبطة بالقاعدة وداعش.
وعانت الجزائر في العقود الاخيرة من خطر تنظيمات جهادية مرتبطة بالقاعدة ومازال شبح العشرية السوداء يؤرق الجزائريين في ظل عدم استقرار داخلي.

لكن الاخطر بالنسبة للجزائر هو تصاعد الحديث في الاروقة الدولية عن التقسيم كخيار ممكن بين الغرب والشرق الليبي وهو خيار ترفضه الجزائر اضافة الى دول الجوار.
وترفض الجزائر التقسيم لكونه يشكل لبنة ممكنة لتاسيس اقليم عرقي امازيغي مستقل بذاته في الغرب الليبي خاصة وان عددا هاما من ميليشيات الوفاق من اصول ومناطق امازيغية.
وظهر الأمازيغ مؤخرا كطرف في تحالف جهوي - إسلامي يقوده كل من آمر المنطقة العسكرية الغربية التابع لحكومة الوفاق اللواء أسامة الجويلي والقيادي في تنظيم القاعدة أبوعبيدة الزاوي المطلوب دوليا.
ولعبت تلك الميليشيات والمجموعات دورا هاما في القتال الى جانب الوفاق بل وحمل مقاتلوها في بعض الأحيان الأعلام الامازيغية التي تثير حساسية لدى السلطة في الجزائر.
وتاتي زيارة عقيلة صالح الى الجزائر في محاولة لاستثمار مخاوف الجزائر الجدية وتحويلها الي وسيلة للغط على حكومة الوفاق وداعميها الاتراك.
كما يسعى رئيس البرلمان الليبي كذلك الى استثمار مخاوف الجزائر من النفوذ التركي ومن ورائه حلف الناتو وبالأخص نفوذ الولايات المتحدة الأميركية الذي ينظر اليه بكثير من التحفظ والقلق من الجانب الجزائري
ويرغب صالح والجيش الليبي الى تشكيل تفاهمات اقليمية خاصة بين مصر والجزائر قادرة على مواجهة الاطماع التركية في المغرب العربي وشمال افريقيا وكذلك انهاء التدخلات الاجنبية التي اججت الصراع في الداخل الليبي.