فرنسا تحث الناتو على وقف أعمال تركيا العدوانية

حرب كلامية بين المسؤولين الأتراك والفرنسيين بعد اتهام باريس الصريح لانقرة بتعريض الأمن الأوروبي للخطر عبر ارسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا ومنع عملية مراقبة حظر السلاح عليها.
الخلاف التركي الفرنسي يؤثر على علاقات دول حلف شمال الاطلسي
باريس منزعجة من تصاعد النفوذين التركي والروسي على حساب مصالحها

باريس - جددت فرنسا تنديدها بالانتهاكات التي تمادت تركيا في ممارستها في ليبيا مستنكرة العمل "العدواني" لسفن تركية مؤخرا في البحر المتوسط.

وأعلنت وزارة الجيوش الفرنسية الأربعاء أن سفينة فرنسية تشارك في مهمة للحلف الأطلسي في البحر المتوسط تعرضت مؤخرا لعمل "عدواني للغاية" من قبل زوارق تركية، منددة بمسألة "بالغة الخطورة" مع شريك في حلف شمال الأطلسي.

وأوضحت الوزارة أن السفينة الفرنسية تعرضت لثلاث "ومضات إشعاعات رادار" من أحد الزوارق التركية، معتبرة ذلك "عملا عدوانيا للغاية لا يمكن أن يكون من فعل حليف تجاه سفينة تابعة للحلف الأطلسي"، في وقت يعقد وزراء الدفاع في دول الحلف اجتماعا.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع الفرنسية الأربعاء إنه ينبغي لحلف شمال الأطلسي ألا يدفن رأسه في الرمال فيما يتعلق بتصرفات تركيا الأخيرة تجاه أعضائه، واتهم البحرية التركية بالتحرش بسفينة حربية فرنسية تنفذ مهمة للحلف.

ويعقد وزراء الدفاع من الدول الأعضاء في الحلف اجتماعا افتراضيا اليوم الأربعاء وسط تصاعد للتوتر بين باريس وأنقرة. 

وقال المسؤول في وزارة الدفاع الفرنسية، الذي تحدث قبيل الاجتماع، إن الوقت قد حان لأن يجري الحلف نقاشا صريحا بشأن تركيا وتصرفاتها، ليس فقط في ليبيا ولكن هناك قضايا أخرى مثل شرائها منظومة إس-400 الدفاعية الروسية وتعطيلها خطط الحلف الدفاعية لمنطقة البلقان وبولندا.

ويعد بيان الدفاع الفرنسية الثاني للبلد الأوروبي ضد تركيا في أقل من 24 ساعة بعد بيان شديد اللهجة أصدرته الرئاسة الفرنسية الثلاثاء ضد التدخلات التركية في ليبيا ووصفها بغير المقبولة.

وقال الإيليزيه إن الرئيس إيمانويل ماكرون تحادث مع نظيره الأميركي دونالد ترامب بشأن التدخلات التركية واعدا بالتحرك خلال الأسابيع القادمة.

واعتبرت فرنسا أن تركيا تستغل وضعها ضمن حلف شمال الأطلسي، مشددة على أن هذا أمر ترفضه باريس وسوف تناقشه مع أعضاء الحلف الفاعلين في الملف.

وأضاف الإيليزيه أن "الأتراك يتصرفون بطريقة غير مقبولة من خلال الاستفادة من الناتو وفرنسا لا يمكنها التغاضي عن هذا".

كما وصف البيان التحركات في ليبيا بالطموح الإقليمي التركي في المنطقة.

والموقف الفرنسي هو الأشد بين المواقف الأوروبية التي استنكرت الأسبوع الماضي قيام سفن حربية تركية بمنع قوات يونانية تابعة لعملية "إيريني" التي أطلقها الاتحاد الاوروبي لمراقبة حظر الأسحلة إلى ليبيا، من تفتيش سفينة شحن محملة بالأسلحة أبحرت من تركيا نحو ليبيا.

والخميس الماضي، قال الاتحاد الأوروبي إن سفنا حربية تركية منعت عمليات المهمة الأوروبية "إيرني" من مراقبة حظر الأسلحة المفروض على ليبيا في البحر المتوسط وهي مهمة كلفت بموجب قرار تبناه مجلس الأمن الأسبوع الماضي.

وأكد التكتل الأوروبي "أنه سيتم إبلاغ الأمم المتحدة عن هذا الحادث".

فرنسا قلقة من تصاعد خطر الجماعات الارهابية جنوب المتوسط
فرنسا قلقة من تصاعد خطر الجماعات الارهابية جنوب المتوسط

وتجد تركيا نفسها في موقف محرج بعد أن اتفقت القوى الدولية والاقليمية على اتهامها صراحة بالتسبب في الأزمة التي تعيشها ليبيا نظرا لتورط أنقرة في نقل الأسلحة والمرتزقة بهدف دعم ميليشيات حكومة الوفاق والتصدي لكل محاولات ايجاد فرصة للحلول السلمية.
وأمام حجم الانتقادات الدولية خاصة الفرنسية وجهت تركيا اتهاما غاضبا لباريس الثلاثاء زاعمة إنها هي من يقوم بتصعيد الأزمة في ليبيا وانتهاك قرارات الأمم المتحدة وحلف شمال الأطلسي من خلال تأييد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
ويمثل هذا التصعيد فصلا جديدا من الحرب الكلامية الدائرة بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي واللذين يختلفان حول سلسلة من القضايا من بينها ليبيا، حيث ساعدت تركيا حكومة الوفاق الوطني في الآونة الأخيرة لصد محاولات الجيش الوطني الليبي تخليص العاصمة طرابلس من الميليشيات.

وكانت فرنسا قد قالت الاثنين إنها تريد إجراء محادثات مع شركائها في حلف شمال الأطلسي لبحث دور تركيا "العدواني" بشكل متزايد في ليبيا، واتهمت أنقرة بإحباط مساعي التوصل إلى هدنة بكسرها حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة.
وتضاعف النفوذ التركي في ليبيا مع تمكن ميليشيات الوفاق من السيطرة على الغرب الليبي مع حديث عن منح الوفاق قاعدتين عسكريتين جوية وبحرية لانقرة ما سيزيد من مخاطر التدخل التركي في المنطقة.
وحاولت الخارجية التركية تبرير تهجمها باتهام فرنسا بتقديم دعم عسكري للجيش الليبي لكن تلك التهم غير موثقة وتشكك فيها باريس في وقت يتاكد للعالم حجم الدعم العسكري واللوجستي التركي لميليشيات الوفاق وانتهاك القرارات الدولية بحظر السلاح.

hg
تركيا تعزز تواجدها العسكري في المتوسط لابتزاز أوروبا

وتنفي فرنسا دعم الجيش الليبي لكنها في المقابل تؤكد انها قدمت له مساعدات في السابق لقتال إسلاميين متشددين. وأيضا لم تنتقد فرنسا الدول التي تدعمه علنا بينما كررت انتقادها لموقف تركيا.

وفي العام الماضي، وقعت حكومة الوفاق وتركيا اتفاق تعاون عسكريا. ومنذ ذلك الوقت أرسلت أنقرة مستشارين ومدربين عسكريين بجانب مقاتلين سوريين متحالفين معها من جماعة المعارضة السورية التي تحمل اسم الجيش الوطني السوري إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق الوطني.
وفي مقابلة مع صحيفة لاكروا الثلاثاء، كرر وزير خارجية فرنسا جان إيف لو دريان القول إن باريس لا تنحاز لطرف في ليبيا لكنه قال إن تركيا تعرض الأمن الأوروبي للخطر بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا.
وقال "إنه خطر علينا ومقامرة إستراتيجية غير مقبولة لأنها (ليبيا) على مسافة 200 كيلومتر من ساحل إيطاليا".
وليست فرنسا وحدها من تنتقد التدخلات التركية في ليبيا وتشعر بالقلق من تداعياته على امن المنطقة لكنها الاكثر صراحة وقوة في مواجهة للانتهاكات التركية خاصة وان تهديد الجماعات الإرهابية يقترب من حدودها.
وتمكن الجيش الوطني الليبي من إلقاء القبض على عدد من المرتزقة السوريين اتضح ان عددا منهم قيادات سابقة في تنظيمات متطرفة شديدة الخطورة على غرار القاعدة وداعش.
وعانت فرنسا في السنوات الماضية من هجمات دامية نفذها متطرفون لهم علاقة بالأزمتين السورية والليبية.
لكن باريس كذلك منزعجة من تعاظم نفوذ دول مثل تركيا وروسيا على حساب نفوذها ما يدفع المسؤولين الفرنسيين الى انتقاد الأوضاع الحالية.
وتطالب فرنسا بتقوية الموقف الاوروبي الضعيف في ليبيا وذلك عبر مواجهة نفوذ دول تبعد عن المنطقة عشرات الالاف من الكلمترات لكنها اليوم حاضرة بقوة في المشهد الليبي.