تركيا تتلقى من السراج أموالا طائلة ثمنا لدعمها العسكري

أنقرة توقع مع حكومة الوفاق اتفاقا جديدا ستجني من خلاله 35 مليار دولار أميركي، فيما يسعى أردوغان منذ توقيعه اتفاقا أمنيا وعسكريا مع السراج لتنفيس اقتصاد بلاده المتأزم مستثمرا في ليبيا الغارقة في الفوضى.
تركيا تحل مشاكلها الاقتصادية المتناثرة بالاستثمار في حرب ليبيا
السراج يفسح المجال أمام تركيا للتوسع عسكريا واقتصاديا
أردوغان يتمسك بدعم السراج لضمان بقاء دائم في ليبيا
تركيا تنقذ قطاع البناء المتهالك بصفقات مشبوهة في ليبيا

أنقرة – وقعت تركيا مع حكومة الوفاق بقيادة فايز السراج مؤخرا اتفاقا جديدا ستجني من خلاله نحو 35 مليار دولار أميركي، فيما يسعى الرئيس التركي رجب أردوغان منذ توقيعه أواخر العام الماضي اتفاقا أمنيا وعسكريا مع السراج لتنفيس اقتصاد بلاده المتأزم مستثمرا في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ سنوات.

وأفاد موقع 'أحوال تركية' الخميس بأن تركيا وقعت في 13 أغسطس/آب فضلا عن الاتفاق الأمني العسكري مع حكومة السراج، اتفاقا آخر يفتح سوق الدولة الغنية بالنفط في شمال إفريقيا أمام المقاولين الأتراك.

ويعد الاتفاق الموقع بين تركيا وحكومة بمثابة الحل للمشاكل العالقة بين الشركات التركية وأصحاب العمل الليبيين ويمهد الطريق لاستثمارات ومشاريع جديدة، كما يشجّع شركات المقاولات التركية على قيادة مشاريع في البلاد، وفق موقع 'أحوال' المتخصص في الشأن التركي.

وبحسب ذات المصادر توفر الاتفاقية لحوالي 100 شركة تركية، تخلت عن مشاريعها في ليبيا في 2011 بسبب الحرب الأهلية، القدرة على الاستمرار في أعمالها مع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بممتلكاتها.

وفي يناير/كانون الثاني الماضي كشف مسؤول تركي حجم الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا التي بلغت قيمتها 35 مليار دولار في مشاريع البنية التحتية في البلد الذي دمرته الحرب.

ويتوزع حجم الصفقة بين 16 مليار دولار في مشاريع لم تبدأ بعد و19 مليار دولار في أخرى غير مكتملة في مشاريع البناء بليبيا.

ووصفت السلطات التركية في أنقرة الاتفاق "بفرصة جديدة لإظهار التعاون التركي الليبي للعالم"، فيما يخفي هذا مطامع أنقرة في تنفيس أزمتها الاقتصادية وكبح انهيار الليرة وتخفيض نسب البطالة من خلال استنزاف ثروات ليبيا الغنية بالنفط واستغلال ميزانيتها لتمويل عجزها.

وفي هذا الإطار أشارت وزيرة التجارة التركية روهصار بكجان إلى أن عمل المتعاقدين الأتراك يظهر في أكثر من 10 آلاف مشروع في 127 دولة في العالم، بقيمة تبلغ 407 مليار دولار.

وأكدت إدارة اتحاد المقاولين الأتراك، أن الصفقة مع حكومة السراج تعد بمثابة فرصة لإنقاذ قطاع البناء المتهالك في تركيا. وأضافت أن هناك نحو مليار دولار ستستلمها الشركات التركية في ليبيا كتعويض عن خسائرها، و1.7 مليار دولار أخرى كدفعات مقدّمة وضمانات للمشاريع الجارية، و1.3 مليار دولار أخرى عن الأضرار التي لحقت بالمعدات والآلات والمخزون الذي تركته الشركات التركية بعد انسحابها في 2011.

ويأتي الاتفاق الأخير بين أنقرة وحكومة الوفاق في ظل استمرار انكماش الاقتصاد التركي ظهرت ملامحه من خلال انهيار تلو آخر لليرة في خضم أزمات متفاقمة تعيشها تركيا بسبب سياسات الحكومة التركية الفاشلة في إدارة البلاد.

ويسعى الرئيس التركي من خلال استمرار دعم حكومة الوفاق بالعتاد والعدة في حربها ضد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، إلى تثبيت حكم الإخوان لضمان بقاء دائم في ليبيا وعينه على ثرواتها النفطية لتنفيس اقتصاده المتأزم ووقف نزيف انهيار الليرة.

 السراج ملاذ تركيا لتخفيف أزمتها الاقتصادية
السراج ملاذ تركيا لتخفيف أزمتها الاقتصادية

ومطلع العام الجاري هرعت حكومة السراج لإسعاف الليرة التركية المتهاوية لأدنى مستوياتها مؤخرا، بضخ 4 مليارات دولار من أموال الشعب الليبي الذي يعاني منذ سنوات من شح السيولة وسط أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة.

في المقابل تعاني المصارف الليبية من أزمة سيولة بلغت ذروتها العام الماضي، ما انعكس سلبا على الحياة اليومية لليبيين الذين يواجهون صعوبة في تأمين حاجياتهم الضرورية وسط ارتفاع مشط لأسعار السلع الأساسية.

ورغم أن ليبيا بحاجة لمساعدات خارجية لوقف الصراع القائم منذ سنوات ونزع فتيل الحرب من أجل التمهيد لحلحلة أزمة اقتصادية متفاقمة وصلت إلى عجز الليبيين عن سحب ودائعهم بالبنوك، يقدم السراج هبات مالية من أموال الشعب الليبي لإنقاذ الاقتصاد التركي الذي يقف على حافة الهاوية.

وبينما تقدم حكومة الوفاق أموالا طائلة لكسب مزيد من الدعم العسكري التركي وجلب المقاتلين المرتزقة إلى طرابلس، يكثف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر المدعوم من قبل القبائل الليبية جهوده لتحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات المتطرفة.

وعلى عكس توقعات مناصريه يبدو أن الرئيس التركي قد أثقل بتدخلاته العسكرية كاهل تركيا بنفقات كانت في غنى عنها، متعللا بأن المعارك التي يخوضها على أكثر من جبهة سواء تلك المتعلقة بالتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط أو التدخل العسكري في سوريا وليبيا وأذربيجان والعراق، ضرورية لتحصين الأمن القومي التركي، وهو ما يرفضه شق كبير من الأتراك الذين يتهمونه بإغراق تركيا في مطبّات بدت عواقبها متسارعة على الاقتصاد التركي وساهمت في عزلة تركيا إقليميا ودوليا وخلقت لها عداءات مجانية مع دول حليفة.

ويعيش الأتراك حالة من الهلع من تواصل انهيار الليرة في ظل اتساع نطاق تدخلات أردوغان المدفوعة بأطماع شخصية والمقامرة في محاولة استرجاع أمجاد عثمانية واهية.

ولم تعرف الليرة التركية في السنوات الأخيرة استقرارا إلا في مناسبات قليلة فما أن تستعيد عافيتها حتى تهوي مجددا بفعل تدخلات الرئيس التركي في السياسات النقدية وبفعل التوترات التي أحدثها على أكثر من جبهة.