
قلق أوروبي من تضييق أجهزة اردوغان الخناق على المحامين
بروكسل - أعرب برلمانيون تابعون للمجلس الأوروبي الأربعاء عن قلقهم حيال الأحكام المشددة التي أصدرتها السلطات التركية مؤخرا ضد المحامين في تركيا، فيما تستمر تركيا في توسيع حملة القمع بحق عشرات المحامين بزعم علاقتهم بتنظيمات إرهابية.
وأصدرت السلطات التركية الأربعاء قرارات بحق 39 محاميًا سبق اعتقالهم هذا الشهر من أصل 60، حيث تقرر استمرار اعتقال 6 محامين بينهم قاض تم فصله، بسبب دفاعهم عن متهمين بالانتماء إلى حركة الخدمة التي تتهمها أنقرة 'بالإرهاب'، فيما تم حظر شقا من الـ33 الباقين من السفر وفرض على قسم آخر الرقابة القضائية.
وأكد البرلمانيون في بيان تم نشره على موقع المجلس الأوروبي، أن تصديق المحكمة العليا في تركيا على الأحكام المشددة بالسجن في حق محامين أتراك من أعضاء جمعية الحقوقيين المعاصرين بزعم علاقتهم بتنظيمات إرهابية، قرار "مثير للقلق".
وعبر المجلس الذي أكد أن الأحكام القاسية طالت 14 محاميا عن قلقه الكبير بخصوص واقع المحامين القابع تحت طائلة القمع في تركيا في ظل تواصل عمليات الاعتقال والحبس المتزايدة في الفترة الأخيرة ضدهم.
وكان القضاء التركي قد صادق على قرار الحكم بالسجن 14 محاميًا من أعضاء جمعية الحقوقيين المعاصرين، مع إلغاء الأحكام الصادرة في حق 4 محامين آخرين، وفق ما أفادت به صحيفة 'زمان التركية'.
وشارك العشرات من رؤساء نقابات المحامين الإقليمية التركية والمئات من زملائهم في مسيرات عدة احتجاجا على ممارسات القمع ضد المحامين وتضييق الخناق على القطاع.
يذكر أن المحامية التركية السجينة إبرو تيمتك قد توفيت أواخر أغسطس/آب الماضي في مستشفى بإسطنبول بعد إضراب عن الطعام دام 238 يوما بسبب إدانتها العام الماضي بتهمة الانتماء لمنظمة إرهابية عقب الدفاع عن موكليها في قضايا مشابهة. من الأشكال.
وتختزل النهاية المأساوية لتيمتك مدى حجم القمع الواسع في تركيا الذي يشمل صحفيين وناشطين وحقوقيين وموظفين حكوميين، فيما يواجه محامون آخرون لا يزالون قيد الاعتقال منذ أشهر، مصيرا مجهولا في ظل استمرار إضرابهم عن الطعام.
ودخل أيتاج أونسال زميلا تيمتك في إضراب عن الطعام في أبريل/نيسان الماضي لدعم مطلبهما بمحاكمات عادلة وتطبيق العدالة في تركيا.
وكان المحاميان قد تعهدا بمواصلة الإضراب عن الطعام حتى وإن أفضى لموتهما، وفق ما جاء في بيان للرابطة الدولية للمحامين ومنظمات أخرى في 11 أغسطس/آب الفائت.

وفي سياق حملة القمع الشديدة في تركيا اعتقلت الشرطة مؤخرا أكثر من 100 محام بسبب دفاعهم عن أشخاص خضعوا للتحقيق بتهمة الانتماء لحركة الخدمة.
وأدان رئيس جمعية المحاماة الدولية أحد أبرز المحامين في إسبانيا خافيير كريماديس، حملة اعتقال المحامين في تركيا لدفاعهم عن المعتقلين والمفصولين من العمل بدعوى الانتماء إلى حركة الخدمة.
ونوه كريماديس إلى أن الحكومة التركية المستمرة في شن حملة الاعتقالات الواسعة بحق المحامين، تهدف إلى تضييق الخناق عليهم لإنشاء نقابات محاماة حزبية خدمة لمصالح حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وعبر المحامي الاسباني عن حزنه الشديد لسماع أنباء اعتقال زملائه في تركيا، أن استقلال المحاماة أمر أساسي لا غنى عنه بقدر استقلال القضاة لرسم استقلالية القضاء وتحقيق العدالة كما ينبغي، فيما باتت تركيا من بين أكثر البلدان في العالم قمعا للحريات.
ومنذ محاولة الانقلاب عام 2016 جرى احتجاز نحو 80 ألفا على ذمة المحاكمة، وعزلت السلطات أو أوقفت عن العمل نحو 150 ألفا من العاملين بالحكومة وأفراد الجيش وآخرين. وطردت أكثر من 20 ألفا من الجيش وحده.
وذكرت مصادر إعلامية تركية أن عدد الصحفيين المعتقلين بالسجون هو الأعلى عالميا، مع تراجع مستمر لقطاع الإعلام منذ محاولة الانقلاب الفاشل.
وتحتل تركيا المرتبة 157 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود.
وأنهكت السياسات القمعية التي ينتهجها حزب العدالة والتنمية منذ توليه السلطة، شريحة عريضة من المجتمع التركي وخاصة المعارضون والمخالفون لسياسة أردوغان، حيث تضررت أكثر أحزاب المعارضة من هذه السياسات فضلا عن المنتقدين والصحفيين والنشطاء، ما دفع بهم إلى حالة كبيرة من الشعور باليأس أمام حزب حاكم لا يقبل المنافسة السياسية والانتقادات بأي شكل