جائزة نوبل الطب تتوج مكتشفي فيروس التهاب الكبد سي

لجنة نوبل تمنح جائزتها العريقة للطب إلى البريطاني مايكل هوتن والأميركيين هارفي ألتر وتشارلز رايس لمساهمتهم الحاسمة في مكافحة مشكلة صحية عالمية تتسبب بتشمّع الكبد وسرطان الكبد.
جائحة كورونا أزمة كبرى للبشرية لكنها تسلط الضوء على أهمية العلم
وجود حوالي 70 مليون إصابة بالتهاب الكبد سي و400 ألف وفاة سنويا
أول جائزة نوبل للطب مرتبطة مباشرة بنوع من الفيروسات منذ 2008
السويدية غريتا تونبرغ الناشطة في مجال البيئة مرشحة للفوز بنوبل للسلام .
الغاء حفل توزيع المكافآت العريقة للمرة الأولى منذ 1944

ستوكهولم- أعلنت لجنة نوبل الاثنين منح جائزة نوبل للطب إلى البريطاني مايكل هوتن والأميركيين هارفي ألتر وتشارلز رايس بفضل "اكتشاف فيروس التهاب الكبد سي".
وفاز العلماء الثلاثة بالجائزة العريقة تكريما لـ"مساهمتهم الحاسمة" في مكافحة هذه "المشكلة الصحية العالمية التي تتسبب بتشمّع الكبد وسرطان الكبد لأناس من العالم أجمع".
وقالت جمعية نوبل في معهد كارولينسكا بالسويد في بيان بشأن منح الجائزة وقدرها عشرة ملايين كرونة سويدية (1.1 مليون دولار) "قبل عملهم، كان اكتشاف فيروسات التهاب الكبد إيه وبي يمر بخطوات غير حاسمة".
واضافت "ألقى اكتشاف فيروس التهاب الكبد الوبائي سي الضوء على سبب باقي حالات التهاب الكبد المزمن وجعل من الممكن إجراء فحوص دم وتطوير أدوية جديدة أنقذت حياة الملايين".
وفي نهاية سبعينات القرن الماضي، خلص هارفي ألتر إلى أن التهابا غامضا في الكبد يحصل خلال عمليات نقل الدم من دون ارتباط بمرض التهاب الكبد من النوعين "إيه" و"بي"، وفق اللجنة، ما ساهم خصوصا في الحد من حالات الإصابة بهذه الطريقة إلى مستوى شبه معدوم.
وبعد حوالى عقد، في 1989، نجح مايكل هوتن وأعضاء فريقه من مقرهم في كندا، في اكتشاف التسلسل الجيني للفيروس.
أما تشارلز رايس (68 عاما)، فقد حلّل لاحقا على مدى سنوات طويلة طريقة تنسخ الفيروس، وهي أعمال قادت خصوصا إلى تطوير علاج ثوري جديد بحلول العقد الثاني من القرن الحالي، يحمل اسم "سوفوسبوفير".
وقال رئيس اللجنة التي اختارت الفائزين باتريك إرنفورس إن رايس "قدم الدليل الأخير على أن فيروس التهاب الكبد سي قادر على التسبب منفردا بالمرض"
وأضاف "أظن أنه من السهل إقامة رابط مع الوضع الحالي. الأمر الأول الواجب فعله هو تحديد الفيروس المسؤول، وفور إنجاز المهمة، سيشكّل ذلك نقطة انطلاق لتطوير علاجات للمرض إضافة إلى لقاحات. لذا فإن الاكتشاف الفيروسي يمثّل لحظة حاسمة".
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى وجود حوالى 70 مليون إصابة بالتهاب الكبد سي ما يتسبب بـ400 ألف وفاة سنويا، رغم أن باحثين طوروا في السنوات الأخيرة علاجات فعالة لكنها باهظة ضد هذا المرض.
وهذه أول جائزة نوبل للطب مرتبطة مباشرة بنوع من الفيروسات منذ 2008.
وكانت جائزة نوبل للطب سنة 1976 مُنحت أيضا تقديرا لبحوث مرتبطة بالتهاب الكبد بي.
وقال هارفي ألتر في تعليق للإذاعة السويدية العامة "لقد أيقظوني من النوم قرابة الساعة الرابعة والربع صباحا. لم أكن على علم أن الجائزة ستُمنح اليوم. هذا رائع".
وبات ألتر البالغ 85 عاما أحد أكبر الفائزين سنا بجائزة نوبل للطب، لكنه لم يحطم الرقم القياسي في هذا المجال (87 عاما).
ومنذ أول جائزة نوبل (للكيمياء) أعطيت لعالمي فيروسات سنة 1946، تضاف الجائزة الجديدة إلى 17 مكافأة أخرى مرتبطة بصورة مباشرة أو غير مباشرة بأعمال علمية عن الفيروسات، وفق الأمين العام السابق للأكاديمية السويدية للعلوم إرلينغ نوربي.
وبات عدد الأشخاص الذين نالوا جائزة نوبل في "علم الوظائف (فيزيولوجيا) أو الطب" 222 منذ إطلاقها سنة 1901، بينهم 12 امرأة فقط.
وقد جرى التداول بأسماء خبراء كثر هذه السنة كمرشحين محتملين لنيل الجائزة، بينهم المساهمون قبل أكثر من نصف قرن في اكتشاف الخلايا اللمفاوية البائية والتائية التي تؤدي دورا أساسيا في عمل جهاز المناعة، وأولئك القائمون أيضا على الخرق العلمي المرتبط بما عُرف بـ"المقصات الجزيئية" في علم الوراثة في العقد الماضي، مرورا بالأعمال المتصلة بسرطان الثدي.
كذلك سرت تكهنات عن إمكان منح الجائزة لباحثين آخرين ساهما في تطوير البحوث بشأن التهاب الكبد سي، وهما الألماني رالف بارتنشلاغر عن البحوث الأساسية التي أجراها، والأميركي مايكل صوفيا عن تطوير علاج "سوفوسبوفير" الذي بات يباع بأسعار باهظة من جانب مختبرات غيلياد الأميركية تحت اسم "سوفالدي".
وتحرص الأكاديمية السويدية للعلوم على التكتم حيال المرشحين للفوز، من دون تأكيد أي من التسريبات التي تشمل سنويا مئات الأسماء.
وفي العام الماضي، فاز بجائزة نوبل للطب الأميركيان وليام كايلين وغريغ سيمنزا والبريطاني بيتر راتلكيف مكافأة على اكتشافهم، اعتبارا من تسعينات القرن الماضي، "آليات جزيئية مسؤولة عن تكيف الخلايا مع مستوى الأكسجين المتقلب" في الجسم. وقد فتحت هذه البحوث آفاقا علاجية بدأت تتجلى منذ منتصف العقد الأول من القرن الحالي، خصوصا من خلال علاجات ضد السرطان.
يتركز الاهتمام في العادة ضمن جوائز نوبل، على تلك المخصصة للسلام أو على فئة الآداب، لكنّ الجائحة التي لا يزال العالم يشهدها، وهي الأخطر منذ قرن، ومعها الركود الاقتصادي الكبير، سيضفيان أهمية خاصة هذه السنة، اعتباراً من الاثنين، على جوائز الطب والاقتصاد والفيزياء والكيمياء.
وتؤكد اللجان العلمية المختصة بكل فئة من جوائز نوبل أنها لن تتأثر بالأحداث الراهنة.
وتعلَن أسماء الفائزين بجائزتي نوبل للآداب وللسلام تباعاً في 8 و9 تشرين الأول/أكتوبر، في حين سيكون الموعد مع جوائز الفيزياء الثلاثاء والكيمياء الأربعاء والاقتصاد في 12 تشرين الأول/أكتوبر.
وقال لارس هايكنستن رئيس مؤسسة نوبل المشرفة على منح الجوائز التي أطلقها المخترع السويدي ألفرد نوبل إن "الجائحة أزمة كبرى للبشرية لكنها تجسّد مدى أهمية العلم".
ومع ذلك، من المستبعَد أن تُمنَح أيّ من الجوائز لأعمال أو بحوث مرتبطة بمباشرة بجائحة كوفيد-19، إذ أن منح الجائزة لأي بحث يستلزم التحقق منه أولاً، وهذا الأمر يستغرق سنوات.
وقد ألقت جائحة كوفيد-19 بثقلها على موسم جوائز نوبل هذه السنة، إذ دفعت بالقائمين على الحدث إلى إلغاء حفل توزيع هذه المكافآت العريقة المقرر أساسا في العاشر من كانون الأول/ديسمبر في ستوكهولم، للمرة الأولى منذ 1944. وقد أبقي على موعد الإعلان عن الفائزين خلال الأسبوع الحالي.
ويتشارك الفائزون بالجائزة مكافأة مالية تقرب قيمتها من مليون دولار، على أن يتسلّموها في بلد الإقامة.
ويتسم موسم الجوائز هذا العام بمنافسة مفتوحة بدرجة كبيرة، خصوصا على صعيد جائزة نوبل للسلام التي جرى التداول بمرشحين كثر لنيلها خلفا لرئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد الذي نال هذه المكافأة العام الماضي. ومن بين هؤلاء هيئات مدافعة عن حرية الصحافة (كمنظمة "مراسلون بلا حدود") أو ناشطون من أجل المناخ أبرزهم المراهقة السويدية غريتا تونبرغ.
كذلك ثمة تكهنات عن اتجاه لمنح الجائزة لهيئة أممية، بينها على سبيل المثال منظمة الصحة العالمية، أو للأفغانية فوزية كوفي.
ولناحية جائزة نوبل لللآداب، أورد النقاد الذين استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس سلسلة أسماء تشمل الأميركية الكاريبية جامايكا كينكايد والألباني اسماعيل قادري مرورا بالكندية آن كارسون أو الفرنسيين ميشال ويلبيك وماريز كونديه.