صمت اعلامي حول مشروع أميركي لتأهيل حماس سياسيا‎‎

الأوروبيون يسعون إلى دمج حماس في مصالحة وطنية لا يبدو أن الفلسطينيين أنفسهم معنيون بها.
موضوع الانتخابات لا يزال يراوح مكانه مع غياب موقف صريح من حماس
الإدارة الاميركية أدركت أن بالإمكان إعطاء فرصة لحماس بدلا من تقوية نفوذ إيران في فلسطين

نشرت صحيفة ألمانية مقالا صحفيا نقلا عما سمته مصادر إسرائيلية، يتحدث عن مساعي أميركية جادة بمباركة الاتحاد الأوروبي لإعادة تأهيل حركة حماس واشراكها في عملية مصالحة سياسية مع السلطة الفلسطينية وتسوية تهدف الى انهاء الانقسام الفلسطيني، شريطة أن تلغي حماس معاداتها للسامية وقبولها بحل الدولتين كأساس تسوية شاملة وحل نهائي يسمح بقيام دولة فعلية لفلسطين تكون فيها حماس مكونا أساسيا لهذه الدولة. عملية التأهيل تعني أيضا اسقاط تهمة الإرهاب عن المنظمة لتصبح حركة سياسية تمارس دورا سياسيا يسمح لها بإدارة مؤسسات الدولة الفلسطينية بشكل يحظى بالشرعية والاعتراف الدولي الكامل.

ويبدوا ان الإدارة الاميركية قد أدركت أنه بالإمكان إعطاء فرصة لحماس، في لعب دور سياسي جنبا لجنب مع السلطة الفلسطينية، لأنها ترى ان السياسات السابقة التي تركزت على الاقصاء كانت خاطئة، وزادت من تقوية نفوذ إيران في فلسطين نظرا لتقارب الأجندة بينهما، وهذا الذي يجعل حماس اليد الضاربة ووكيل إيران الذي يمارس التهديد المباشر ضد إسرائيل. تريد إدارة باين الان أن تقطع الطريق امام إيران مقابل تقديم البديل الجدي للحركة، وترى الإدارة الأميركية أن طهران هي حجرة العثرة في ملف المصالحة الفلسطينية اذ انها تمارس تأثيرا على حماس لا يسمح بالتقارب مع السلطة الفلسطينية، كما تقود حربا إعلامية قذرة ضد السلطة الفلسطينية تتهمها فيها بالعمالة للاحتلال في محاولة لتعزيز تقسيم البيت الفلسطيني وزيادة الشحن المعنوي في غزة ضد السلطة.

استغرب صاحب المقال الصمت المطبق لوكالات الاعلام العالمية وحتى الفلسطينية التي مارست تعتيما إعلاميا حول هذا الموضوع ونقل من خلال تحليل أجرته منظمة HonestReporting أن أيا من المنشورات ووكالات الأنباء الـ23 الأكثر قراءة على نطاق واسع، بما في ذلك The New York Times وThe Washington Post وAssociated Press وCNN وغيرها لم تتداول مواضيع تخص مسألة إعادة تأهيل حماس للحياة السياسية في فلسطين وخطة بايدن لدعم جهود المصالحة. ويبدو أن الكاتب يلمح لوجود أطراف لها نفود اعلامي كبير في العواصم الكبرى للعالم، تحاول اجهاض هذا المشروع قبل ولادته، وقد يكمن السر في أن هذه الأطراف لا تريد تكرار خطأ إعطاء الفرصة لشرعنه حركة حماس دوليا أكثر مما حدث في انتخابات 2006، لأنها لا تثق في جدية حماس في التخلي عن ممارسة التهديدات ضد إسرائيل ولا يمكن ان تتنازل بقبول بمشروع حل الدولتين، كما انها ترى انه مادامت حماس في حلف ايران فلن تتحقق أي هدنة وأي سلام في المنطقة.

ومن خلال متابعتي اليومية لما يجري في الداخل الفلسطيني وتصفحي للعديد من المواقع الفلسطينية الخاصة منها والتابعة للسلطة الفلسطينية، لاحظت أن تصريحات الممثل الأعلى للشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، في لقاءه مع رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد اشتية، والتي ترى أوروبا من خلالها "حاجة الفصائل الفلسطينية إلى استئناف الجهود الجادة نحو المصالحة الفلسطينية الداخلية وتحديد موعد جديد للانتخابات الوطنية المؤجلة"، لم تلقَ الصدى الواسع من طرف الكتاب والمتابعين للشأن الفلسطيني بالرغم من أهميتها ومؤشراتها الإيجابية في دعم مساعي السلطة الفلسطينية ومد يد الصلح لحماس. وقد يقرا هذا التجاهل من طرف الاعلام الرسمي الفلسطيني على انه رد فعل على عدم وصول رسائل إيجابية من طرف حماس ووجود نقاط خلاف جوهرية في ملف المصالحة الذي ترعاه القاهرة وبالتالي فان موضوع الانتخابات لا يزال يراوح مكانه في ظل غياب موقف صريح من حماس يسمح للسلطة الفلسطينية بالمضي قدما في خطوة أساسية لتوحيد الصف الفلسطيني.