ماذا ينتظر بريطانيا لو استقال جونسون أو أُقيل من منصبه
لندن - تحاصر سلسلة من الفضائح رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الذي فاز في 2019 بأكبر أغلبية لحزب المحافظين منذ أكثر من 30 عاما، واضعة مستقبله السياسي على المحك وتقربه أكثر من الاستقالة طوعا أو الإقالة عن طريق مذكرة سحب الثقة منه وهذا يتطلب وجوبا أن يكتب 54 نائبا من أصل 359 من نواب المحافظين رسالة وإرسالها إلى رئيس لجنة حزبية.
وفي هذه الحالة فإن بريطانيا ستكون مقبلة على فترة عصيبة وشلل محتمل حيث ستؤدي الإطاحة بجونسون أو استقالته إلى تعليق القرارات لأشهر في وقت يتعامل فيه الغرب مع الأزمة الأوكرانية وتكافح فيه بلاده صاحبة خامس أكبر اقتصاد في العالم موجة تضخم لا تحدث سوى مرة كل نحو 30 عاما تسببت فيها الجائحة.
ويجد رئيس الوزراء البريطاني نفسه في وضع صعب وأزمة لا سابق لها وسط اتهامات بأنه حضر حفلا مع العاملين في رئاسة الوزراء خلال أسوأ جائحة يشهدها العالم منذ قرن واتهام جديد بالتمييز العنصري في صفوف حزبه وبرهاب الإسلام في أحدث فضيحة من شأنها أن تفاقم متاعب الرجل الذي يكابد للحفاظ على منصبه.
وأمر جونسون بفتح تحقيق في تعرض مسؤولة سابقة مسلمة للإقصاء من منصبها في الحكومة وحزب المحافظين بسبب ديانتها.
وأكدت نصرت غني (49 عاما) لصحيفة 'صنداي تايمز' أن مسؤولا كبيرا في الحزب قال لها في شباط/فبراير 2020 إن "أصولها ومعتقدها" كانا وراء إقصائها، ما أعاد إثارة الشكوك بوجود رهاب الإسلام في صفوف الغالبية الحاكمة.
وتأتي هذه الاتهامات في مرحلة صعبة من مسيرة جونسون السياسية، إذ يقف على المحك بعد فضيحة الحفلات في داونينغ ستريت خلال فترة الحجر.
ويُنتظر صدور نتائج تحقيق داخلي بهذا الشأن خلال الأيام المقبلة، ستكون حاسمة بالنسبة للمستقبل السياسي لرئيس الوزراء البريطاني.
وأكد متحدث باسم داونينغ ستريت في بيان الاثنين أن "رئيس الوزراء طلب من مكتب مجلس الوزراء فتح تحقيق بشأن الاتهامات الصادرة عن النائبة نصرت غني"، مضيفا نقلا عن جونسون أنه طلب أن يتم "إظهار حقيقة ما حصل"، مؤكدا أن بوريس جونسون يأخذ هذه الاتهامات على محمل الجد.
وذكّر المتحدث بأنه عندما تم الإعلان عن هذه الادعاءات للمرة الأولى طلب جونسون من غني تقديم شكوى رسمية إلى سلطات الحزب، ولكنها لم تفعل.
ورحبت النائبة ووزيرة النقل السابقة نصرت غني بقرار رئيس الوزراء في بيان نشرته على تويتر وقالت "كما قلت بالأمس لرئيس الوزراء كل ما أريده هو أن يتم أخذ ما حدث على محمل الجد وأن يجري تحقيق".
وأضافت أن التحقيق يجب أن يشمل "كل ما تم الحديث عنه في داونينغ ستريت"، وما قاله المسؤول الكبير في الحزب.
وتابعت "قالوا لي إنه خلال اجتماع تعديل وزاري عُقد في داونينغ ستريت تمت إثارة قضية إيماني الإسلامي كمشكلة. وجود امرأة مسلمة في الحكومة يُشعر زملائي بعدم الارتياح، وكانوا يخشون من عدم وفائي تجاه الحزب لأنني لم أقم بمجهود كاف للدفاع عنه ضد ادعاءات برهاب الإسلام"، حسب تصريح أدلت به لصنداي تايمز.
وقالت "شعرت بالإهانة والعجز"، مضيفة أنها التزمت الصمت خوفا من أن "ينبذها الزملاء وأن تدمر سمعتها ومسيرتها المهنية".
وعرّف المسؤول الحزبي الرفيع مارك سبنسر نفسه على أنه الشخص المعني بالادعاءات، نافيا إياها في الوقت ذاته، بينما تعزز هذه الادعاءات مزاعم تنامي رهاب الإسلام داخل حزب المحافظين.
وأكد تقرير في 2021 أن "شعور رهاب الإسلام لا يزال يشكل مشكلة داخل الحزب".
وتم اتهام بوريس جونسون نفسه برهاب الإسلام بعدما كتب في 2018 أثناء تبوئه منصب وزير الخارجية مقالا قارن فيه المسلمات اللواتي يرتدين البرقع بصناديق البريد أو سارقي البنوك.
وكان يمكن أن تكون وطأة هذه الفضيحة أقل تأثيرا على وضع رئيس الوزراء البريطاني، لكنها تأتي في غمرة فضيحة اكبر تتعلق بانتهاك جونسون ذاته التدابير التي أقرتها حكومته في مواجهة تفشي فيروس كورونا خلال الموجة الأولى التي أودت بحياة عشرات الآلاف من البريطانيين خاصة منهم كبار السن في دور رعاية المسنين.
ويكابد جونسون للحفاظ على منصبه في وقت يواجه فيه صدور نتائج تحقيق هذا الأسبوع عن حفلات شراب في قلب مؤسسات الدولة خلال إغلاق عام لمكافحة كوفيد-19.
ومن المقرر أن تنشر في وقت لاحق من الأسبوع الحالي نتائج تحقيق رسمي تجريه سو جراي المسؤولة برئاسة الوزراء في تنظيم حفلات خلال الإغلاق.
وكان جونسون قد أطلق تفسيرات مختلفة للحفلات فقال في البداية إنه لم يحدث انتهاك لأي قواعد، لكنه عاد واعتذر للشعب البريطاني عما في هذه التجمعات من رياء.
وقالت صحيفة تلغراف نقلا عن مصدر لم تحدده، إن ضباط الشرطة الذين يحرسون مقر رئاسة الوزراء في داوننغ ستريت قدموا "أدلة دامغة" في مقابلات مع جراي.
وقال نيك تيموثي الذي كان رئيسا للعاملين برئاسة الوزراء في حكومة رئيسة الوزراء المحافظة السابقة تيريزا ماي في مقال بصحيفة تلغراف إن "جونسون فقد الثقة فيه بالكامل".
وأضاف "انهيار الثقة في جونسون يتسبب في تعطل سياسي واسع النطاق وينطوي على المزيد من الخطر على المحافظين. لم تعد لجونسون شعبية ولم يعد له نفوذ".
ومن المقرر اليوم الاثنين سماع أقوال مستشاره السابق دومينيك كامنجز الذي أصبح من أشد منتقديه.