مالي تلغي الاتفاقات الدفاعية مع فرنسا في أحدث جولة توتر

المجلس العسكري في مالي يبلغ السلطات الفرنسية بقرار إلغاء الاتفاقيات الدفاعية وبأنه سيدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من هذا الإخطار.
فرنسا تعتبر قرار المجلس العسكري في مالي غير مبرر وتنفي أي انتهاكات منسوبة لقوة برخان
السلطات العسكرية في مالي تتهم الجيش الفرنسي بانتهاك سيادة البلاد
هل سيؤثر إلغاء اتفاقات 'وضع القوات' على الانسحاب المستمر لقوات برخان

باماكو - أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إلغاء الاتفاقات الدفاعية الموقّعة مع فرنسا وشركائها الأوروبيين، في خطوة جديدة تعكس تدهور العلاقات بين باماكو وحلفائها السابقين في المعركة ضد الجهاديين.

واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية في أول رد فعل أن قرار المجلس العسكري بإلغاء الاتفاقيات الدفاعية مع باريس "غير مبرر"، مؤكدة أن فرنسا ستواصل انسحابها العسكري "بشكل منظم" كما هو مخطط بحلول أغسطس/اب.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية في إعلان خطي "بعد أن تبلغت فرنسا في 2 مايو القرار أحادي الجانب للسلطات الانتقالية المالية إلغاء هذه الاتفاقات... تعتبر باريس هذا القرار غير مبرر وتنفي رسميا أي انتهاك للإطار القانوني الثنائي قد يُنسب إلى قوة برخان".

وبعد تهديد لوحت به منذ أشهر، أعلنت السلطات التي يهيمن عليها العسكريون منذ وصولهم إلى السلطة بالقوة في أغسطس/اب 2020 إلغاء "اتفاقات وضع القوات"(سوفا).

وتحدد هذه الاتفاقات الإطار القانوني لوجود القوات الفرنسية العاملة في إطار عملية برخان والأوروبية في عملية تاكوبا في مالي. وشمل القرار اتفاقية التعاون الدفاعي المبرم في 2014 بين مالي وفرنسا.

وفي بيان تلاه على التلفزيون الوطني، أشار المتحدث باسم الحكومة الكولونيل عبدالله مايغا إلى "مساس فاضح" بالسيادة الوطنية من جانب فرنسا التي تنشر قوات في البلاد منذ 2013.

وذكّر بـ"الموقف الأحادي الجانب" الذي اتخذته فرنسا عندما علقت العمليات المشتركة بين القوات الفرنسية والمالية في يونيو/حزيران 2021، والإعلان في فبراير/شباط 2022 "مرة أخرى من دون أي تشاور مع الجانب المالي" عن انسحاب قوات برخان وتاكوبا.

كما تحدث البيان عن "خروقات متعددة" للمجال الجوي من قبل الطائرات الفرنسية على الرغم من قيام السلطات بإنشاء منطقة حظر طيران فوق جزء كبير من أراضي البلاد.

وقال الكولونيل مايغا "في ضوء هذا التقصير الخطير والاعتداءات الصارخة على السيادة الوطنية لمالي قررت حكومة جمهورية مالي إلغاء اتفاق التعاون الدفاعي الموقع في 16 يوليو (تموز) 2014".

وأبلغت السلطات المالية السلطات الفرنسية بعد ظهر الاثنين بقرارها الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر من هذا الإخطار، على حد قوله.

لكن قرار السلطات المالية بشأن "اتفاقات وضع القوات" الموقع في مارس/اذار 2013 والذي يشكل إطارا لوجود القوة الفرنسية 'سيرفال' ثم 'برخان'، سيدخل حيز التنفيذ "بأثر فوري"، حسب مايغا.

وأوضح أن الأمر نفسه ينطبق على البروتوكول الإضافي الموقع في مارس/اذار 2020 الخاص بوحدات "تاكوبا" الأوروبية.

وفي الأثناء يطرح سؤال ملح حول هل سيكون لإلغاء "اتفاقات وضع القوات" (سوفا) تداعيات على الانسحاب المستمر لبرخان الذي أُعلن في فبراير/شباط الماضي بعد أشهر على توتر متصاعد؟ فيما يأتي هذا السؤال بينما يشكل الانسحاب عملية كبيرة وخطرة يفترض أن تنجز خلال أربعة إلى ستة أشهر.

وسيؤدي إعلان السلطات المالية إلى مزيد من تسميم العلاقات بين حليفين سابقين حاربا معا عدوى الجهاديين التي انتقلت من شمال هذا البلد الفقير الذي لا منفذ له على بحار. وقد امتدت إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين وتهدد بالاتساع جنوبا إلى خليج غينيا.

وتسبب هذا النزاع في سقوط آلاف القتلى من مدنيين وعسكريين في مالي وأدى إلى تدهور أوضاع البلاد باعتراف السلطات نفسها.

وتدهورت العلاقات بين باماكو وباريس بعد الانقلاب الثاني الذي قاده العسكريون في مايو/ايار 2021 ضد رئيس ورئيس وزراء كانوا قد قاموا باختيارهما بأنفسهم ومن ثم إلغاء التزامهم بإعادة السلطة إلى المدنيين في فبراير/شباط الماضي.

وزاد التوتر مع تقرب المجلس العسكري من روسيا. وتتهم فرنسا وحلفاؤها السلطات المالية بالاستعانة بخدمات مجموعة "فاغنر" الروسية الخاصة المثيرة للجدل، لكن الحكومة المالية تنفي ذلك وتتحدث عن تعاون قديم بين دولتين.

وطردت مالي السفير الفرنسي في يناير/كانون الثاني. وفي ذلك الوقت ، كان وزير الخارجية عبدالله ديوب يفكر في إلغاء اتفاق التعاون إذا لزم الأمر. وكانت مالي طلبت في نهاية العام الماضي بتعديلات مشيرة إلى أن بعض البنود تتعارض مع السيادة الوطنية، في الوقت الذي ينظر فيه العسكريون باستياء إلى استمرار نشاط عملية برخان في سماء مالي.

واتهم المجلس العسكري الأسبوع الماضي الجيش الفرنسي بـ"التجسس" و "التخريب" بعد أن بثت هيئة الأركان الفرنسية مقاطع فيديو التقطتها طائرة مسيرة بالقرب من قاعدة غوسي (وسط) التي أعادتها فرنسا في أبريل/نيسان الماضي.

وبعد يومين من إعادتها، نشر الجيش الفرنسي لمواجهة ما وصفه بأنه "هجوم إعلامي"، تسجيل فيديو لما قال إنهم مرتزقة روس يدفنون جثثا بالقرب من هذه القاعدة من أجل اتهام فرنسا بارتكاب جرائم حرب.