اتفاق بين الرياض وواشنطن على أمن المنطقة وأمن الطاقة

الرئيس الأميركي يجدد التزام بلاده القوي والدائم بدعم أمن المملكة والدفاع عن أراضيها وتسهيل الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية.
بايدن عازم على ضمان عدم وجود فراغ تملأه الصين وروسيا
الرياض وواشنطن تتفقان على التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالمية
بايدن يحضر قمة للتعاون الخليجي ويلتقي قادة مصر والأردن والعراق

جدة - اتفقت السعودية والولايات المتحدة على أهمية منع إيران من "الحصول على سلاح نووي" وذلك خلال زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للمملكة الذي أكد كذلك التزام بلاده القوي والدائم بدعم "أمن المملكة العربية السعودية والدفاع عن أراضيها وتسهيل قدرة المملكة على الحصول على جميع الإمكانات اللازمة للدفاع عن شعبها وأراضيها ضد التهديدات الخارجية"، فيما جدد البلدان تعهدهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية، وفق ما جاء في بيان مشترك نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس).

وقطعت طهران والرياض العلاقات في 2016 بعد اقتحام إيرانيين سفارة المملكة في طهران وقنصليتها في مشهد احتجاجا على إعدام السلطات السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر بعد إدانته بتهم تتعلق بالإرهاب، لكن الخصمان الإقليميان يجريان منذ أشهر مفاوضات بوساطة عراقية لاستئناف العلاقات وتهدئة التوترات.

وشددت السعودية والولايات المتحدة أيضا على ضرورة منع إيران من التدخل في الشؤون الداخلية للدول وكبح دعمها للإرهاب من خلال المجموعات المسلحة التابعة لها وجهودها لزعزعة أمن واستقرار المنطقة، وفقا لما جاء في البيان.

وأكد الجانبان على أهمية الحفاظ على حرية حركة التجارة عبر الممرات البحرية الدولية الإستراتيجية ولا سيما باب المندب ومضيق هرمز.

وفي عام 2015، وقعت إيران اتفاقا مع ست قوى كبرى للحد من برنامجها النووي كي يكون من الصعب عليها الحصول على سلاح نووي وذلك مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها. وتقول طهران إن الهدف من برنامجها النووي هو إنتاج طاقة تستخدم للأغراض المدنية.

وفي عام 2018، أعلن الرئيس الأميركي حينها دونالد ترامب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، قائلا إنه غير كاف لمنع إيران من إنتاج أسلحة نووية.

وكثفت طهران منذ ذلك الحين بعض أنشطتها النووية، مما أدى إلى تسارع الجهود لإحياء الاتفاق النووي في محادثات بين القوى الغربية وطهران في فيينا، لكن الجهود تعثرت في ظل اشتراطات إيرانية ومطالب خارج الاتفاق النووي.

وجددت الولايات المتحدة والسعودية التزامهما باستقرار أسواق الطاقة العالمية خلال زيارة بايدن للمملكة. وقال البيان المشترك الذي صدر بعد أن أجرى بايدن محادثات مع كبار المسؤولين السعوديين ومنهم ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إن واشنطن رحبت أيضا بالتزام المملكة بدعم توازن أسواق النفط العالمية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي المستدام.

واتفق البلدان أيضا على التشاور بانتظام بشأن أسواق الطاقة العالمية على المدى القصير والمدى الطويل وكذلك العمل معا كشركاء استراتيجيين في مبادرات المناخ وانتقال الطاقة.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية، إن بايدن سيبحث القدرات الصاروخية والدفاعية المتكاملة خلال قمة مع زعماء عرب تعتقد اليوم السبت.

ومن المقرر أن يجتمع الرئيس الأميركي مع زعماء عرب في السعودية (اليوم السبت) سعيا لإقناع حلفاء واشنطن الخليجيين بضخ مزيد من النفط ودمج إسرائيل في المنطقة كجزء من محور جديد تحركه إلى حد كبير مخاوف مشتركة بشأن إيران.

ويركز بايدن في المحطة الثانية من أول رحلة له في الشرق الأوسط كرئيس، على القمة المزمع عقدها مع دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.

وكان قد وعد بجعل المملكة "منبوذة" على الصعيد العالمي بسبب مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018 على يد فريق من ضباط سعوديين وصفتهم الرياض بـ"المارقين"، لكنه قرر في النهاية أن المصالح الأميركية تفرض إعادة تقويم وليس قطيعة في العلاقات مع أكبر مصدر للنفط في العالم والدولة العربية ذات الثقل.

ويحتاج بايدن إلى مساعدة السعودية في وقت ترتفع فيه أسعار النفط الخام ويشهد مشاكل أخرى تتعلق بالصراع الروسي الأوكراني، كما أنه يشجع الجهود المبذولة لإنهاء حرب اليمن بعد التوصل إلى هدنة مؤقتة. وتريد واشنطن أيضا كبح نفوذ إيران في المنطقة ونفوذ الصين العالمي.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان يوم الجمعة إن بايدن سيجري محادثات ثنائية مع قادة مصر والإمارات العربية المتحدة والعراق قبل المشاركة في القمة الأوسع حيث "سيحدد بوضوح" رؤيته وإستراتيجيته لانخراط أميركا في الشرق الأوسط، مضيفا "إنه (بايدن) عازم على ضمان عدم وجود فراغ في الشرق الأوسط تملأه الصين وروسيا".

وسيناقش بايدن إمدادات الطاقة مع منتجي النفط الخليجيين، لكن واشنطن قالت إنها لا تتوقع أن تزيد السعودية ذات الثقل في منظمة أوبك إنتاج النفط على الفور وستنتظر نتيجة اجتماع أوبك + في الثالث من أغسطس/آب.

وتسعى دول الخليج التي رفضت الوقوف إلى جانب الغرب ضد روسيا في الصراع الأوكراني، بدورها إلى الحصول على التزام ملموس من الولايات المتحدة بالعلاقات الإستراتيجية التي توترت بسبب ما اعتبر بأنه فك ارتباط واشنطن بالمنطقة.

وأصيبت الرياض وأبوظبي بالإحباط بسبب الشروط الأميركية بشأن مبيعات الأسلحة واستبعادهما من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الذي يعتبرانه "معيبا" لعدم معالجة المخاوف الإقليمية بشأن برنامج طهران الصاروخي وسلوكها.

وقال عبدالعزيز صقر رئيس مركز الخليج للأبحاث ومقره الرياض، "إن أهم مطلب من القيادة السعودية وقادة الخليج الآخرين - والعرب بشكل عام - هو وضوح السياسة الأميركية وتوجهها نحو المنطقة".

وشجعت إسرائيل التي تشاركهما المخاوف بشأن إيران، رحلة بايدن إلى المملكة، على أمل أن تعزز الدفء بين الرياض وإسرائيل كجزء من تقارب عربي أوسع بعد أن أقامت الإمارات والبحرين علاقات مع تل أبيب في اتفاقات توسطت فيها الولايات المتحدة وباركتها الرياض.

وفي مؤشر على إحراز تقدم في إطار ما وصفه بايدن بعملية رائدة، قالت السعودية يوم الجمعة إنها ستفتح مجالها الجوي لجميع شركات الطيران، مما يمهد الطريق لمزيد من الرحلات من وإلى إسرائيل.

وأعلنت واشنطن والرياض أيضا عن إبعاد القوات الأميركية وقوات حفظ السلام الأخرى من تيران - وهي جزيرة تقع بين السعودية ومصر في موقع استراتيجي يؤدي إلى ميناء إيلات الإسرائيلي. وتمركزت القوات في إطار اتفاقات تم التوصل إليها عام 1978 وأدت إلى اتفاق سلام بين إسرائيل ومصر.

وقال سوليفان إن القمة الأميركية العربية ستناقش "تنسيقا وتعاونا أقوى عندما يتعلق الأمر بإيران"، بالإضافة إلى التكامل الإقليمي، بما في ذلك العراق، حيث تتمتع طهران بنفوذ عميق. كما ستتم مناقشة دعم دول الخليج الغنية للبنية التحتية العالمية والاستثمار.

وقالت مصادر إن الولايات المتحدة وإسرائيل تسعيان أيضا إلى إرساء الأساس لتحالف أمني مع الدول العربية يربط أنظمة الدفاع الجوي لمكافحة هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية في الشرق الأوسط.

وسيكون من الصعب الترويج لمثل هذه الخطة للدول العربية التي ليس لها علاقات مع إسرائيل وترفض أن تكون جزءا من تحالف يُنظر إليه على أنه ضد إيران التي أسست شبكة قوية من الوكلاء في جميع أنحاء المنطقة بما في ذلك العراق ولبنان واليمن.

وكان أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات قد قال أمس الجمعة إن فكرة وجود تحالف في الشرق الأوسط على غرار حلف شمال الأطلسي صعبة وإن التعاون الثنائي أسرع وأكثر فاعلية.

وأعلن أن الإمارات لن تدعم نهج المواجهة قائلا "نحن منفتحون على التعاون لكن ليس التعاون الذي يستهدف أي دولة أخرى في المنطقة وأذكر على وجه الخصوص إيران".