التفاتة أميركية لافريقيا في مواجهة النفوذ الصيني والروسي

واشنطن ستقدم 55 مليار دولار للقارة الإفريقية على مدى السنوات الثلاث المقبلة بينما تشعر إدارة بايدن بكثير من القلق تجاه تطور الشراكات الاقتصادية والعسكرية بين الدول الأفريقية والصين وروسيا.
الولايات المتحدة تعزز الشراكة الاقتصادية مع افريقيا في مواجهة العملاق الاسيوي
واشنطن لم تعد تعطي اولوية لملف الديمقراطية وحقوق الانسان في القارة الافريقية
مخاوف اميركية من فشل سياسة احتواء الصين وعزل روسيا
المغرب حليف رئيسي لاميركا والغرب في افريقيا يمكن التعويل عليه

واشنطن - تسعى الولايات المتحدة الى احتواء النفوذين الصيني والروسي في إفريقيا وذلك بتعزيز العلاقات مع الدول الافريقية في مختلف المجالات وتصفير المشاكل مع عدد من حكوماتها وكذلك تقديم دعم مالي بهدف إنعاش بعض الاقتصاديات المتأزمة في القارة السمراء.
وكشف مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان، قبيل انطلاق القمة الأميركية ـ الإفريقية، التي يستعد الرئيس الأميركي جو بايدن لاستضافتها، مساء الثلاثاء ان بلاده ستقدم 55 مليار دولار للقارة الإفريقية، على مدى السنوات الثلاث المقبلة.
وقال سوليفان مساء الاثنين، إن الإدارة الأميركية "ستلتزم" بتقديم الدعم المالي لإفريقيا على مدى السنوات الثلاث المقبلة، لافتا إلى أن هذه الموارد ستطرح خلال القمة الإفريقية ـ الأميركية، حسبما نقل موقع "صوت أميركا"، الثلاثاء.
ومن المقرر أن ينظم بايدن مأدبة عشاء للزعماء الأفارقة المدعوين، مساء الأربعاء، على أن يعلن دعم الولايات المتحدة لانضمام الاتحاد الإفريقي إلى مجموعة العشرين
ومثلت القمة الافريقية ـ الأميركية فرصة لإدارة بايدن لمواجهة تحديات أبرزها توسع نفوذ العملاق الآسيوي والمنافس الروسي ناهيك عن تحديات امنية بسبب خطر المجموعات الجهادية المرتبطة بالقاعدة وداعش في منطقة الساحل والصحراء.
وكانت واشنطن عمدت في اب/اغسطس الى إعادة صياغة شاملة لسياستها في إفريقيا جنوب الصحراء لاحتواء روسيا والصين من خلال تعزيز الشراكة مع الحكومات الافريقية.
وتنظر الولايات المتحدة بكثير من القلق للنفوذ الصيني المتصاعد خاصة في المجال الاقتصادي حيث تجاوزت بكين حدود الدول الإفريقية التي تربطها بها علاقات تقليدية مثل السودان والجزائر واثيوبيا الى ربط شراكات مع دول كانت تعتبر ضمن فلك النفوذ الاميركي على غرار تونس ومصر وحتى المغرب.

الصين حققت شعبية داخل عدد من المجتمات الافريقية
الصين حققت شعبية داخل عدد من المجتمات الافريقية

وعبرت واشنطن عن قلقها من قدرة الصين على تعزيز العلاقات مع دول مثل جيبوتي حيث حذرت في 2018 من العواقب العسكرية والسياسية إذا ظفرت الصين بالسيطرة على مرفأ للحاويات لكن يبدو ان بكين تمكنت من تجاوز كل المحاذير الأميركية بتعزيز الشراكة مع عدد هام من الدول الإفريقية.
وتمكنت الصين من غزو اسواق افريقية جديدة كون بضائعها تراعي المقدرة الشرائية لشعوب الدول النامية كما عززت شركاتها الاقتصادية والتجارية مع حضور شركاتها في مشاريع تنموية وأخرى تتعلق بالبنية التحتية. 

ولعل مشاركة عدد من القيادات العربية من القارة السوداء في القمة الصينية الافريقية في الرياض الاسبوع الماضي كالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والرئيس التونسي قيس سعيد  ورئيس الحكومة المغربية عزيز اخنوش أثارت الكثير من المخاوف في واشنطن.
وباتت المسائل الديمقراطية اخر اهتمام الجانب الأميركي بعد ان أشهرت مرارا هذه الورقة ضد عدد من القيادات الإفريقية للتدخل في سياسات بعض الدول بذريعة احترام التداول السلمي على السلطة.
وفسر قرار بايدن تقديم دعوة الى الرئيس التونسي للمشاركة في القمة بعد توجيه انتقادات لاذعة لسياساته طيلة أشهر وحديث دوائر أميركية عن إقصائه من القمة دليلا على ان واشنطن باتت تعتبر حماية نفوذها أهم من التدخل في الصراعات السياسية داخل الدول الأفريقية.
ورغم ذلك كانت مواقف واشنطن حاسمة في رفض توجيه دعوة لعدد من القادة الافارقة الى القمة بسبب تحديهم العلني ومعارضتهم المعلنة للتوجهات الأميركية والغربية.
وعزا البيت الأبيض عدم دعوة زعماء غينيا والسودان ومالي وبوركينا فاسو إلى وجود "تغييرات غير دستورية للحكومة تم على إثرها تعليق عضوية هذه الدول من الاتحاد الإفريقي".
ولفت إلى أنه لم يتم أيضا دعوة إريتريا لـ "عدم وجود علاقات دبلوماسية كاملة معها"، بحسب ما أورد البيت الأبيض في بيان على موقعه الإلكتروني.
ويرى مراقبون ان المغرب الشريك الأهم للولايات المتحدة في أفريقيا يمكن ان يكون لاعبا مهما لدعم التواجد الغربي والأميركي في القارة الافريقية في مواجهة النفوذين الصيني والروسي للعلاقات الوطيدة التي تربط المملكة بمحيطها الافريقي.

روسيا كسرت سياسة العزلة الاميركية من البوابة الافريقية
روسيا كسرت سياسة العزلة الاميركية من البوابة الافريقية

وليس النفوذ الصيني فقط من يقلق إدارة بايدن فروسيا عززت كذلك من علاقاتها في القارة السمراء خاصة من بوابة مالي حيث عمد النظام العسكري في هذه الدولة التي تئن تحت خطر الارهاب الى تعويض التواجد الفرنسي بالتواجد الروسي من خلال المرتزقة.
كما عززت باماكو العلاقات العسكرية مع موسكو بشراء معدات عسكرية روسية لمواجهة الجماعات الإرهابية.
وادى مسؤولون روس خلال الأشهر لماضية زيارة الى عدد من الدول الإفريقية بهدف كسر حالة العزلة التي أرادت واشنطن فرضها على موسكو بسبب الحرب في اوكرانيا.
ووجه الرئيس بايدن دعوة لرؤساء 49 دولة إفريقية إلى جانب رئيس الاتحاد الإفريقي ماكي سال، لحضور القمة التي تستمر ثلاثة أيام من أجل تسليط الضوء على كيفية إعادة تنشيط العلاقات مع القارة.
كما ستعد القمة مناسبة للإعلان عن استثمارات جديدة وبحث قضايا الأمن الغذائي الذي تراجع على خلفية الحرب في أوكرانيا والتغير المناخي.