بايدن يطالب بالحكم الرشيد لتعزيز الشراكة مع افريقيا

الرئيس الأميركي يؤكد أن بلاده تسعى إلى شراكات ليس لإرساء التزام سياسي وتعزيز التبعية بل لتحفيز النجاح المشترك والفرص في رد على اتهامات صينية بتحويل القارة إلى ساحة معركة جيوسياسية.
جو بايدن تجنب نطق اسم الصين في القمة الاميركية-الافريقية لكن نفوذها كان حاضرا
الرئيس الاميركي اعلن عن حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون دولار للطاقة النظيفة
الولايات المتحدة تربط المساعدات باحترام المعايير الديمقراطية
شركات أميركية تعهدت باستثمار مليارات الدولارات في القارة السمراء

واشنطن - طالب الرئيس الأميركي جو بايدن الأربعاء بإرساء شراكة طويلة الأمد مع إفريقيا قوامها التجارة والحكم الرشيد، فيما تعهدت شركات أميركية استثمار مليارات الدولارات في القارة التي صارت فيها الصين فاعلا رئيسيا.
وفي كلمته خلال القمة التي جمعت 49 رئيس دولة وحكومة في واشنطن، تجنّب بايدن نطق اسم الصين لكنه أوضح أن الولايات المتحدة ستتبنى مقاربة مختلفة.
وفي أول قمة من نوعها منذ أن نظم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما اجتماعا مماثلا مع القادة الأفارقة عام 2014، قال بايدن إن الولايات المتحدة تسعى إلى "شراكات ليس لإرساء التزام سياسي وتعزيز التبعية، بل لتحفيز النجاح المشترك والفرص".
وأضاف "عندما تنجح إفريقيا، تنجح الولايات المتحدة. العالم كله ينجح".
وتعهدت إدارة بايدن استثمار أكثر من 55 مليار دولار في القارة خلال القمة التي بدأت الثلاثاء وتنتهي الخميس. وانتظم الأربعاء منتدى أعمال للشركات الأميركية والإفريقية شهد وعودا باستثمار أكثر من 15 مليار دولار.
وفي تناقض مع الصين التي تنتهج سياسة عدم التدخل في شؤون البلدان التي تستثمر فيها، شدد بايدن في كلمته أمام ضيوفه أن للحكم الرشيد أثر كبير على التجارة.
وسلط الرئيس الأميركي الضوء على "القيم الأساسية التي توحد شعوبنا - جميع أفراد شعوبنا، وخاصة الشباب: الحرية والفرص والشفافية والحكم الرشيد".
وأضاف أن "التحول الاقتصادي في إفريقيا يعتمد على الحكم الرشيد، وصحة السكان، والطاقة الموثوقة والميسورة التكلفة".
وأعلن بايدن عن حزمة مساعدات بقيمة 100 مليون دولار للطاقة النظيفة، كما أعلن البيت الأبيض عن 800 مليون دولار أخرى من التمويل العام والخاص للتنمية الرقمية في إفريقيا.
وتجاوزت الصين في العقد الماضي الولايات المتحدة في الاستثمار في إفريقيا من خلال مشاريع ضخمة للبنية التحتية غالبًا ما يتم تمويلها عبر قروض بلغ مجموعها أكثر من 120 مليار دولار منذ بداية القرن.
وحذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن القادة الأفارقة في اليوم الأول للقمة الثلاثاء، من أن نفوذ الصين وروسيا "يمكن أن يكون مزعزعًا للاستقرار".

المخاوف من النفوذ الصيني كانت حاضرة في القمة الاميركية-الافريقية
المخاوف من النفوذ الصيني كانت حاضرة في القمة الاميركية-الافريقية

استثمارات في التكنولوجيا
وفي أحد أكبر تعهدات الشركات، قالت شركة "فيزا" الرائدة في مجال بطاقات الائتمان إنها ستضخ مليار دولار في إفريقيا لتطوير الدفع الرقمي - وهو مجال برزت فيه الصين عالميا.
بدورها، أعلنت كلّ من "سيسكو" وشريكتها "سيباستيون" التزامهما تخصيص 858 مليون دولار لتعزيز الأمن السيبراني من خلال 10 عقود في إفريقيا لمعالجة هذه الثغرة التي تعرقل تطور القطاع.
وقالت مجموعة "إي بي دي" إنها ستخصص 500 مليون دولار لتعزيز التكنولوجيا السحابية، بدءًا من ساحل العاج، من خلال مراكز للبيانات يمكنها ان تعمل مع شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى.
وتعهّدت شركة "مايكروسوفت" العملاقة توظيف أقمار صناعية لتأمين الوصول إلى الانترنت لعشرة ملايين شخص تقريبًا، في محاولة لسد الفجوة الإلكترونية في القارة. وسيعطي المشروع الأولوية للوصول إلى الإنترنت في مناطق بمصر والسنغال وأنغولا ليس لديها إمكانية الوصول إلى الإنترنت غالبًا بسبب انقطاع التيار الكهربائي.
وقال رئيس مايكروسوفت براد سميث إنه معجب بأداء مهندسي الشركة في نيروبي ولاغوس. وأضاف، أن في إفريقيا "لا يوجد نقص في المواهب ولكن هناك نقص كبير في الفرص".
وضع معايير للمساعدات
وتنفي الصين الاتهامات الأميركية بأنها تفرض "فخّ ديون" في الدول الإفريقية وتتهم بدورها الولايات المتحدة بتحويل القارة إلى ساحة معركة جيوسياسية.
وجعلت الولايات المتحدة الكثير من مساعداتها للبنية التحتية مشروطة بالمعايير الديموقراطية.
وشارك وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن في توقيع اتفاقية بقيمة 504 ملايين دولار مع بنين والنيجر في إطار "مؤسسة تحدي الألفية" التي تمول مشاريع في الدول التي تفي بالمعايير الأساسية للحوكمة الجيدة.
وتهدف الاتفاقية إلى ربط ميناء كوتونو في بنين بعاصمة النيجر غير الساحلية نيامي، وتقدر الولايات المتحدة أن يعود المشروع بالنفع على 1.6 مليون شخص.
وقال رئيس النيجر محمد بازوم "لطالما اعتبرنا هذا الميناء ميناءنا الطبيعي"، مشيدا بالشراكة مع الولايات المتحدة ومتعهدا إجراء "إصلاحات مؤسسية" لدعم التجارة.
وفي تلميح مبطن للصين، قال بلينكن إن الصفقة لن "تُثقل كاهل الحكومات بالديون".
وأضاف "ستحمل المشاريع بصمات الشراكة الأميركية. ستكون شفافة. ستكون ذات جودة عالية. ستكون مسؤولة أمام الناس الذين تقصد خدمتهم".
والتقى بلينكن في وقت لاحق الرئيس التونسي قيس سعيّد وشدد على ضرورة إجراء انتخابات حرة، وسط انتقادات واسعة في الداخل للانتخابات التشريعية المقررة في نهاية الأسبوع.
انتخابات حرة في أفريقيا
والتقى بايدن الأربعاء في البيت الأبيض قادة ستّ دول إفريقية تشهد العام المقبل انتخابات ستشارك الولايات المتحدة في مراقبتها.
ودعي إلى اللقاء كلّ من رئيس الغابون علي بونغو ورئيس نيجيريا محمد بخاري ورئيس ليبيريا جورج وياه ورئيس سيراليون جوليوس مادا بيو ورئيس مدغشقر أندري راجولينا ورئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسكيدي مع وفودهم، وفق ما أعلن البيت الأبيض.
وتنظّم في هذه الدول الستّ العام المقبل انتخابات ستحرص الولايات المتحدة على أن تكون "حرّة ونزيهة وذات مصداقية"، بحسب ما قال مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جايك سوليفان الإثنين.
لكن المستشار أضاف أنّ المسألة لا تتعلق بـ"دق ناقوس الخطر أو القول إنّ لدينا مخاوف وحلولاً".
واثارت قائمة ضيوف بايدن انتقادات بسبب وجود قادة معروفين بتنفيذ سياسات قمعية، لا سيما وأن واشنطن لم توجه الدعوة إلى كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا خلال قمّة كبرى أخرى عقدت مؤخرًا مع أميركا اللاتينية مبررة ذلك بالسجلّ الحقوقي لهذه الدول.
لكنّ جايك سوليفان ردّ عندما سئل عن ذلك الإثنين بالقول إنّ قائمة الضيوف حُدّدت مع الاتحاد الإفريقي، مؤكّداً أنّه "لدينا نفس المعيار بشأن حقوق الإنسان حول العالم".
وشدّد المستشار على أنّ الديموقراطية ومكافحة الفساد ستكونان من بين الموضوعات التي ستناقش مع القادة الأفارقة.