اتحاد أرباب العمل التونسي يتفهم المصاعب وينتقد قانون المالية

الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية يحذر من أن قانون المالية لسنة 2023 سيضر بالقطاع الخاص.

تونس - أثار قانون المالية في تونس للعام 2023 بما تضمنه من ضرائب جديدة أو زيادات في الضرائب، قلق المؤسسات والمنظمات الاقتصادية الخاصة التي حذّرت من أن ذلك سيزيد من إنهاك الشركات.

وعبر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف) عن خيبة أمله تجاه قانون المالية لسنة 2023، معتبرا أنه أجهض الآمال في أن "يكون بمثابة مخطط للإنعاش الاقتصادي وأداة لإعادة بناء الثقة من خلال إعلان حوافز استثمارية ثورية لخلق ثروة مستقبلية وتحقيق النمو وبعث مواطن الشغل ودعم الاستثمار والتصدير، وهي الضمانات الوحيدة من أجل إرساء سلم اجتماعي دائم".

وأكد أن "قانون المالية سيزيد من إنهاك المؤسسات الخاصة ويمثل تهديدا جديا لديمومتها"، مشيرا إلى أنه "سيكرس حالة انعدام الرؤية وفقدان الثقة في المستقبل المتواصلة منذ أكثر عشر سنوات".

ولفت إلى أن الأزمة الاقتصادية تفاقمت بشكل خطير جراء جائحة كوفيد - 19 وبفعل تداعيات الحرب في أوكرانيا التي تسببت في ارتفاع الأسعار وأدت إلى نقص فادح في المواد الأساسية والطاقة.

 وأشار الاتحاد إلى أن "الضمانات الوحيدة لإرساء سلم اجتماعي تتمثل في إعلان حوافز استثمارية ثورية لخلق ثورة مستقبلية وتحقيق النمو وبعث مواطن الشغل ودعم الاستثمار والتصدير".

وأكد أن قانون المالية لسنة 2023 جاء في شكل قانون للضرائب والمحاسبة العمومية لما تضمنه من أحكام مجحفة في حق المؤسسة.

وتابع أن خيبة الأمل زادها إعلان البنك المركزي التونسي ساعات قبل موفى العام الماضي عن قراره برفع نسبة الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس إلى 8 في المئة، في مسعى منه لمحاولة التحكّم في التضخم، محذرا من أن هذا الترفيع ستدفع ثمنه المؤسسات الاقتصادية الخاصة والمستهلك التونسي، ما لم يتم الإعلان عن إجراءات لتسهيل تمويل المؤسسة وبأقل التكاليف الممكنة.

وأوضح أنه تم تجاهل المقترحات التي سبق أن تقدم بها قبل إعداد مشروع قانون المالية.

وحذر من تداعيات غياب الرؤية الاقتصادية وانعدام إجراءات ملموسة للإنعاش الاقتصادي وتشجيع الاستثمارات والصادرات، على مناخ الأعمال والاستثمار في تونس.

 ولفت إلى أن الحكومة لم تتخذ أي تدابير لإنقاذ المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تضررت بسبب تداعيات الجائحة والحرب في أوكرانيا، فضلا عن غياب برنامج يخفف من الإجراءات المسلطة على كاهل المؤسسة ومن نظام الضمان الاجتماعي خاصة بالنسبة إلى الشركات المصنفة من 2 إلى 5.

كما نبّه إلى مغبة تكريس عدم الاستقرار التشريعي والجبائي من خلال التغييرات في معدلات الضرائب ومعدلات ضريبة الأداء على القيمة المضافة والخصم من المورد، بالإضافة إلى الرفع في الضغط الجبائي من خلال ارتفاع مساهمات الضمان الاجتماعي والزيادة في الضريبة لبعض الأنشطة والزيادة في الأداء على القيمة المضافة للعديد من الأنشطة، إلى جانب الإجراءات التي ستؤثر على السيولة النقدية للمؤسسات جراء زيادة حجم الغرامات والخصم على المورد بالنسبة إلى بعض الأنشطة.

واشار إلى صعوبة تنفيذ الإصلاحات المقترحة للنظام التقديري ودمج القطاع غير المنظم.

 ولئن أبدى الاتحاد "تفهمه لمصاعب المالية العمومية ولإكراهات ميزانية الدولة والضغوطات المسلطة عليها"، فقد أكد في بيانه أن قانون المالية الجديد سيعمق أزمة الثقة التي تعيشها تونس.

وأشار إلى أن حلّ الأزمة الاقتصادية لا يكمن في مزيد إنهاك المؤسسات الخاصة ومواصلة استنزاف سيولتها النقدية في غياب أي حوافز للاستثمار وخلق الثروات، ما سيؤدي إلى "الإجهاز" على القطاع الخاص.

 ودعا إلى تسوية جميع ديون الدولة لدى العديد من القطاعات والمشغلين الاقتصاديين دون أي تأخير، مستغربا الزيادة في العقوبات والغرامات على التأخير التي تم تحديدها، استنادا إلى أن "المنطق يقتضي أن تفرضها الدولة على نفسها أولا في ما يتعلق بديونها للمشغلين الاقتصاديين".

 وطالب الدولة بوقف الاقتراض من البنوك التجارية لما يمثله ذلك من مزاحمة للمؤسسات الخاصة.

وأكد "رفضه لنقض المبدأ المكرّس للضريبة الموحدة (الشاملة) على الدخل وإقرار ضريبة أخرى على الثروة العقارية والتي دفعت ضريبتها بالفعل والحال أنها تمثل ضمانات فعلية تقدم للبنوك لتمويل الاستثمار".

وقال إن "العديد من التونسيين بالخارج يستثمرون في العقارات وبالعملة الصعبة وهو إجراء تمت تجربته في بعض البلدان، وأدى إلى هروب رؤوس الأموال ونقل الاستثمارات إلى بلدان منافسة، فضلا عن أنه سيؤثر على قطاع حيوي، هو البناء بكل مكوناته".

وشدد على أهمية إعادة النظر في مجلة الاستثمار باتجاه تحرير الاستثمار وتبسيطه لجعل تونس أحسن وجهة للاستثمار الوطني والأجنبي.

ودعا إلى مراجعة قانون الصرف، معتبرا أنه "يعزل التونسيين ويعيق إبداع الشباب وتنمية الاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة ويعرقل عولمة الاقتصاد وتدويل المؤسسة التونسية من خلال إصدار قانون صرف يتيح للتونسيين المقيمين فتح حسابات بالعملة الأجنبية".

وختمت منظمة الأعراف بيانها بالتأكيد على أن "تونس بحاجة اليوم إلى برنامج عاجل للإنقاذ الاقتصادي يقوم على عدد من الإصلاحات الكبرى التي لا مفر اليوم من إقرارها".