تونس تستعجل اتفاقا مع صندوق النقد الدولي حول برنامج تمويل

الحكومة التونسية تسابق الزمن من أجل الحصول على موافقة صندوق النقد الدولي على صرف قرض تعوّل عليه كثيرا لتعبئة موارد مالية من أجل مجابهة تداعيات الأزمة الاقتصادية.

تونس - أعلنت وزيرة المالية التونسية سهام البوغديري نمصية اليوم الثلاثاء أن حكومة بلادها تعمل حاليا مع صندوق النقد الدولي على ضبط موعد محدد ستعرض خلاله ملفها المرتبط ببرنامج قرض بقيمة 1.9 مليار، بينما تواجه تونس أزمة مالية خانقة.

وقالت في تصريح لإذاعة "موزاييك أف أم" الخاصة، إن تونس تحصلت على اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي، مؤكدة أن الحكومة تسعى إلى ضبط تاريخ لعرض ملفها على أنظار المجلس التنفيذي للصندوق.

وكانت تونس قد توصلت إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع النقد الدولي بشأن برنامج القرض الذي سيصرف أقساطا على مدى 48 شهرا وكان مبرمجا أن يصدر قراره في اجتماعه منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن مجلس إدارته قرر تأجيل النظر في ملف تونس إلى موعد لم يحدده.

وترتبط موافقة الصندوق على القرض بالتزام تونس بالشروع الفوري في تنفيذ حزمة إصلاحات تشمل نظام الدعم والمؤسسات العمومية المتعثرة والتحكم في كتلة الأجور وغيرها وهي إجراءات أثارت غضب الاتحاد العام التونسي للشغل، المنظمة النقابية الأكبر في البلاد، مهددا بأنه لن يقف مكتوف الأيدي ومؤكدا أنه "غير ملزم باتّفاقيات لم يشارك فيها لا من بعيد ولا من قريب، فضلا عن كونها تزيد من معاناة الشعب وتضرّ بمصالح تونس".

وكانت وزيرة المالية التونسية قد صرحت مؤخرا بأنه لم يكن من السهل إنجاز قانون المالية لسنة 2023، مشيرة إلى صعوبات عدة رافقت إعداده في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد.

وقدرت الحكومة ميزانية البلاد خلال عام 2023 بـ69.6 مليار دينار (22.4 مليار دولار)، مسجلة زيادة بنسبة 14.5 في المئة مقارنة بميزانية 2022 وتبلغ الإيرادات المتوقعة 46.4 مليار دينار.

وقال وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد إن بلاده تتوقع أن يرتفع التضخم إلى 10.5 في المئة في المتوسط عام 2023 مع استمرار زيادة الضغوط التضخمية، مضيفا أنه لا بديل أمام الحكومة سوى الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.

وتوقّع قانون المالية لعام 2023 أن ينخفض عجز الميزانية إلى 5.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7.7 في المئة لعام 2022، بفضل زيادة الإيرادات عبر ضرائب عديدة.

وتعاني تونس من أزمة مالية حادة أدت إلى نقص متكرر في بعض المنتجات الأساسية مثل السكر والحليب والبن والأرز وغيرها.

وتبلغ حاجيات التمويل لسدّ عجز الميزانية نحو 23.5 مليار دينار (7.5 مليار يورو) في عام 2023 الذي توقع وزير الاقتصاد التونسي أنه سيكون "عاما صعبا للغاية" مع تضخّم متوقع بنسبة 10.5 في المئة.

ولتحقيق التوازن المالي، تجد الدولة نفسها مضطرة إلى اقتراض أكثر من أربعة مليارات يورو من جهات خارجية، بالإضافة إلى ضرورة الحصول على قروض محليّة بنحو ثلاثة مليارات يورو.

ولزيادة إيراداتها، أقرّت الحكومة إجراءات أبرزها ضريبة جديدة بنسبة 0.5 في المئة على العقارات التي تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين دينار.

كما تخضع المدفوعات النقدية التي تعادل أو تزيد عن 5000 دينار (1500 يورو) لغرامة قدرها 20 في المئة من المبلغ المدفوع.

ورفعت الحكومة ضريبة القيمة المضافة من 13 إلى 19 في المئة لبعض المهن الحرّة مثل المحامين والمترجمين.

ووُضعت الميزانية على أساس معدّل نمو يتوقع أن يبلغ 1.8 في المئة ومتوسط سعر نفط يبلغ 89 دولارا للبرميل وإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بنحو 1.9 مليار دولار.

وارتفعت نسبة التضخّم في شهر ديسمبر/كانون الأول إلى 10.1 بالمائة بحسب بيانات المعهد الوطني للإحصاء.

وتتزايد المخاوف من ارتفاع نسبة الفقر في تونس بسبب تداعيات الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إطلاق تحذيرات جدية من تفاقم الظاهرة إثر زيادة مقلقة في عدد الفقراء، وسط دعوات ملحّة إلى ضرورة إيجاد الآليات والحلول اللازمة لمعالجتها.

وحذر مقال نشر في مدونة البنك الدولي تحت عنوان "ارتفاع معدل التضخم وأثره على أوضاع الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" من "ارتفاع معدل الفقر في تونس بمقدار 2.2 نقطة مئوية، وتفاقم مستويات التفاوت الاجتماعي وعدم المساواة".

 وجاء في التقرير "أن زيادة الأسعار العالمية أدت إلى ارتفاع معدل الفقر في تونس بـ1.1 نقطة مئوية وقد تم التخفيف من أثر ذلك على الأسر المعيشية من خلال دعم المواد الغذائية ومنتجات الطاقة".

وكشفت دراسة أنجزها المعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع البنك الدولي، نشرت في سبتمبر/أيلول 2020، عن ارتفاع نسبة الفقر إلى 15.2 في المئة.