تفاؤل يمني مفرط بمسار سلام يبدو بعيدا

لا يوجد ما يوحي بتراجع الحوثيين عن مواقف متصلبة واشتراطات عطلت إلى حدّ الآن جهودا دولية لكسر جمود محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.
الحكومة اليمنية الشرعية تطالب المجلس الأوروبي بالضغط على ميليشيا الحوثي
الحكومة الشرعية تتمسك بضرورة إنهاء الانقلاب الحوثي

صنعاء - أعربت الحكومة اليمنية اليوم الأربعاء عن تفاؤل يبدو مفرطا بوجود فرص قد تؤدي إلى حلحلة الأزمة وإرساء السلام بالبلاد التي تشهد حربا منذ عام 2014، لكن على الأرض لا يوجد ما يوحي بتراجع الحوثيين عن مواقف متصلبة واشتراطات عطلت إلى حدّ الآن جهودا دولية لكسر جمود محادثات السلام المتوقفة منذ فترة طويلة.

وتقود الأمم المتحدة وجِهات دولية وإقليمية جهودا مستمرة لتمديد هدنة الشهرين التي تجددت مرتين لتنتهي في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعد أن رفض المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران تمديدها إلا بشروط من ضمنها تقاسم عائدات النفط قبل أن يبادروا بشن هجمات على الموانئ والتهديد باستهداف ناقلات النفط، وسط تبادل اتهامات مع الحكومة اليمنية بشأن المسؤولية عن فشل تمديد الهدنة.
وأشار وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني أحمد عوض بن مبارك في جلسة حوار خاصة بشأن اليمن عقدتها اللجنة السياسية والأمنية بالاتحاد الأوروبي في مدينة بروكسل البلجيكية، إلى "الجهود المبذولة الهادفة للدفع قدمًا بعملية السلام"، مؤكدًا أن "الجانب الحكومي ينظر بإيجابية لتلك الجهود انطلاقًا من حرصه على إخراج اليمن من الوضع المأساوي الذي فرضته ميليشيا الحوثي على الشعب".
ولفت إلى "وجود فرص قد تسفر عنها تلك الجهود لإحداث تحولات سياسية إيجابية في مسار السلام"، مشددا على أن "خطة إحلال السلام في اليمن ينبغي أن تركز على حلّ جذور وأسباب الصراع وفي مقدمة ذلك إنهاء الانقلاب الحوثي القائم على ادّعاء الحق الإلهي بالحكم ومعالجة آثاره الكارثية سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وإنسانيًا".
وأعلنت جماعة الحوثي الأحد دخول سفن إلى موانئ الحُديدة الخاضعة لسيطرتها (غرب) دون التعرّض للاحتجاز أو التأخير، معتبرة أن الخطوة "تعزز فرص السلام".
وقال حسين العزي نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين غير المعترف بها إن "العبور المباشر لكل السفن التجارية إلى موانئ الحديدة دون احتجاز أو تأخير خطوة في الاتجاه الصحيح".
ويعاني اليمن حربًا اندلعت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014 بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتل في 2017 في مواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.
وسلك النزاع منعطفا دمويا منذ مارس/آذار 2015 بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لدعم قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.

وكثف الحوثيون في الأشهر التي عقبت انتهاء الهدنة من عملياتهم العسكرية باستهداف الموانئ النفطية في جنوب البلاد كما شنوا هجمات طالت الجيش اليمني في عدد من المحافظات مثل مأرب الغنية بالنفط والقريبة من الحدود السعودية.
كما هددوا باستهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر بالصواريخ والزوارق المفخخة وذلك خدمة للمصالح الإيرانية بعد تشديد العقوبات على طهران بسبب تنصلها من التزاماتها النووية وقمع الاحتجاجات وتزويد روسيا بطائرات مسيرات استخدمت في الحرب الأوكرانية.

وطالب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي اليوم الأربعاء المجلس الأوروبي بالضغط على ميليشيا الحوثي للتعاطي الجاد مع المساعي الحميدة لإحلال السلام والاستقرار في اليمن ومعاقبتها مع داعميها الإيرانيين الذين يرسلون المزيد من شحنات الأسلحة المحرمة دوليا.

وأكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل التزام الاتحاد الأوروبي بإسناد مجلس القيادة الرئاسي والحكومة ودعم كافة الجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار وتخفيف المعاناة الإنسانية التي وصفها بـ"الأسوأ في العالم".

وأسفرت حرب اليمن عن مقتل 377 ألفا بشكل مباشر وغير مباشر وكبدت اقتصاد البلاد خسائر قدرت بـ126 مليار دولار في بلد يعتمد معظم سكانه البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات.

وطالب رئيس الحكومة اليمنية معين عبدالملك المجتمع الدولي والمانحين بضرورة مواصلة مساندة جهود الحكومة وفقا لأولويات مجلس القيادة الرئاسي للعمل والتخلص التدريجي من تراكمات الحرب، وعودة اليمن وشعبه الصامد في وجه الحرب والأزمات المتعاقبة إلى الوضع الطبيعي.