بوتين يستثمر الأزمة الغذائية لتعزيز النفوذ الروسي في أفريقيا
القاهرة - بحث الرئيس الروسي فلادمير بوتين الخميس مع نظيره المصري عبدالفتاح السيسي اتفاقية "إسطنبول" لتصدير الحبوب وتعزيز الأمن الغذائي بأفريقيا، في وقت تعاني فيه مصر من أزمة قمح خلّفتها الحرب الدائرة في أوكرانيا، بينما تكثف موسكو من مساعيها لتعزيز نفوذها بالمنطقة في خضم صراع لا يهدأ مع غريمتها واشنطن.
ولئن ترتبط القاهرة بعلاقات وثيقة مع الدول الأوروبية فإن علاقاتها مع موسكو عرفت خلال السنوات الأخيرة تطورا لافتا مدعومة بتعاون اقتصادي وعسكري.
وأعلن الكرملين في بيان نقلته وكالة أنباء "سبوتنيك" أن بوتين أجرى محادثة هاتفية مع السيسي بحثا خلالها صفقة الحبوب وضرورة تنفيذها بشكل شامل.
وأضاف أن "الرئيسين الروسي والمصري اتفقا على مواصلة التنسيق لحل الأزمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وناقشا موضوع توريد المنتجات الزراعية الروسية إلى مصر وتنفيذ المشاريع في مجالات الطاقة والصناعة".
وتأتي هذه المكالمة بعد يوم من زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى القاهرة ولقائه السيسي وتمحورت المباحثات التي أجراها الجانبان حول دفع التعاون العسكري، وفق ما أعلنته الرئاسة المصرية.
وكان مسؤول أميركي قد أكد أن أوستن سيبحث مع السيسي ملف حقوق الإنسان خاصة بعد تصاعد الانتقادات الموجهة إلى القاهرة واتهامات جماعات حقوقية بتواصل حملة القمع التي يشنها النظام المصري على المعارضين والنشطاء، فيما تربط الإدارة الأميركية تقديم المساعدات إلى مصر بمدى تقدم إصلاحاتها في هذا المجال.
وأفادت الرئاسة المصرية بأن الاتصال الهاتفي بين السيسي وبوتين شهد تبادل التهنئة بمناسبة مرور 80 عاما على بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، مضيفة أن الرئيسين بحثا آخر المستجدات الإقليمية والدولية وسبل تعزيز مختلف أطر التعاون بين مصر وروسيا، خاصة من خلال المشروعات التنموية المشتركة الجارية بينهما.
وأكد الجانبان "أهمية دفع جهود تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وتسوية الأزمات القائمة بها على نحو يحقق مصالح الشعوب وتطلعاتها"، كما تطرقا إلى التشاور حول سبل التغلب على الأزمات العالمية الراهنة، لا سيما في مجال الغذاء، مؤكدين أهمية تعزيز الأمن الغذائي خاصة للدول المتضررة في أفريقيا التي تأثرت دولها أكثر من غيرها، وفق المصدر نفسه.
وتزامن هذا الاتصال مع إعلان وزير الدفاع التركي خلوصي آكار الخميس أن بلاده تواصل المحادثات مع الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا لتمديد اتفاقية نقل الحبوب عبر البحر الأسود، المقرر انتهاؤها في 18 مارس/ آذار الحالي.
وتضمن الاتفاقية الموقّعة بين تركيا وروسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة في 22 يوليو/تموز 2022 تأمين صادرات الحبوب العالقة في الموانئ الأوكرانية على البحر الأسود لمعالجة نقص الغذاء العالمي الذي أنذر بكارثة إنسانية.
ودفعت العقوبات التي فرضها الغرب بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا روسيا نحو أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي في العام 1991، فيما تؤكد موسكو أن التأثير العالمي للعقوبات قد يكون أكبر بكثير.
ويشهر بوتين ورقة الغذاء في مواجهة العقوبات الغربية، فيما تستثمر موسكو الأزمة الغذائية لتعزيز نفوذها في القارة الأفريقية، مستغلة حاجة بلدانها إلى القمح، في الوقت الذي يواجه فيه نحو 346 مليون شخص في أفريقيا انعدام الأمن الغذائي بصورة حادة، ما يجعلهم مهددين بالمجاعة.
وتعدّ مصر التي توفر الخبز المدعوم لأكثر من 70 مليون شخص من أكبر مستوردي القمح في العالم وهي ثاني زبائن روسيا، بينما ألحقت الحرب الروسية الأوكرانية أضرارا اقتصادية فادحة بالخزينة المصرية بسبب الارتفاع الكبير في أسعار القمح وتفاقمت الأزمة مع انهيار الجنيه المصري أمام الدولار، ما عمّق المخاوف حول المستقبل الغذائي للبلاد، فيما أعلنت الحكومة المصرية في وقت سابق عدم قدرتها على شراء القمح بالسعر الذي كانت تشتري به قبل اندلاع الحرب الدائرة في أوكرانيا.