المخرج الهندي كاشياب يستحضر انطلاقته من قيود المسرح الى رحاب السينما
مراكش (المغرب) – يقدم البرنامج المتميز للحوارات "حوار مع" ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته العشرين فرصة للجمهور للقاء بأكبر الأسماء في السينما العالمية، حيث تحضر هذه السنة 10 شخصيات سينمائية متميزة من القارات الخمس إلى المدينة الحمراء للمشاركة في هذا البرنامج، ومن بين هذه الشخصيات المخرج الهندي الموهوب، أنوراغ كاشياب.
والتقى كاشياب بجمهور النسخة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، مستعرضًا جوانب من سيرته المهنية، ومتذكرًا رحلته الطويلة من "ملل المسرح" إلى "حيوية السينما".".
وقال كاشياب إن بداياته مع الفن كانت على خشبة المسرح، لكنها عرفت منعطفا قويا حين انتقل إلى الوقوف وراء الكاميرا مخرجا للأفلام.
وأوضح المخرج الهندي وفق ما نقلته وكالة الأنباء المغربية ماب، أن "أداء الأدوار المسرحية وإعادتها أمام الجمهور مرارا كان يشعرني بالملل، سيما حين تكون المسرحية ناجحة ونعيد أداءها لشهور عديدة على خشبات مسارح كثيرة"، عكس السينما التي "وجدت فيها منصة للحرية والحيوية، وكل لحظة فيها مختلفة تماما عن أختها".
وفي المقابل اقر كاشياب أن "خشبة المسرح كان لها فضل كبير في ولوجي إلى السينما، وإن كان ذلك قد تطلب وقتا طويلا"، مضيفا بالقول "مكاني كان يجب أن يكون خلف الكاميرا منذ البداية، لكن المسرح ساعدني كثيرا في مهمتي كمخرج، سيما ما يتعلق بمهمة إدارة الممثلين"، وفق ما نقلت ماب.
كاشياب الذي لقيت أفلامه نجاحا كبيرا محليا وعالميا قال معلقا على الإشادة التي تحظى بها أعماله في المهرجانات العالمية "لا أرى أن أفلامي طلائعية أو أنها تأتي قبل وقتها. إنها تأتي في وقتها المناسب وحسب"، قبل أن يضيف "بعض الأشخاص يعتقدون أن السينما منفصلة عن المجتمع، ويتم إنتاجها للعروض الكبرى فقط. لكن هذا غير صحيح".
ويعلق في جوابه على سؤال عن تطرق معظم أفلامه لقضايا تنتقد ظواهر عدة في المجتمع الهندي، إنه "من المهم بالنسبة لي باعتباري مخرجا سينمائيا أن أقوم بهذه الأشياء. سيما وأنه لا يتم الحديث عنها في السينما الجماهيرية".
ويزيد:"الهند ليست هي أفلام بوليود فقط. والسينما يجب أن تعكس ما يعتمل داخل في المجتمع"، مؤكدا أن "من مسؤوليتي وواجبي باعتباري مخرجا أن أصور أفلاما لا تكون خارج الزمن، وأن تكون لها علاقة بالواقع الحقيقي".
وعن تحديات العمل المهني السينمائي، يسرد كاشياب على الخصوص، مسألة الاستقلالية والتمويل. ويقول "من الصعب إخراج فيلم مستقل. لا أحد سيرغب في الانضمام إليك في هذه المغامرة". يتذكر كاشياب معاناته مع النقص في التمويل في بدايات أعماله السينمائية، مستحضرا كيف كان يوظف أمه وأباه كممثلين من دون أجر، وكيف كان يصور مشاهد أفلامه في منزل أسرته نفسه ولايغير سوى الأثاث ليتغير الديكور".
وأشار كاشياب أيضا إلى ما كان يلقاه من مضايقات حين يوظف أسماء ووقائع حقيقية في أفلامه، سيما ما تطرق فيها لواقع العصابات، مبرزا في هذا الصدد أنه "اليوم ألجأ إلى المواربة وعدم التصريح المباشر. ولذلك فإن أفلامي اليوم وإن كانت متخيلة، فإنها تحكي عن الواقع بشكل ما".
وولد أنوراغ كاشياب سنة 1972، مخرج ومنتج وكاتب سيناريو وممثل يحظى بشهرة كبيرة في السينما الهندية. حصل على العديد من الجوائز، منها أربع جوائز "فيلم فير". لقيت أفلامه نجاحا كبيرا، ومن بينها "عصابات واسيبور" (2012)، و"أوغلي" (2013)، "رامان راجيف" (2016)، و"ديف.دي" (2009)، و"الجمعة السوداء" (2007). واختير فيلمه الأخير "كينيدي" (2023) ضمن الاختيار الرسمي لأفلام مهرجان كان.
ومن بين الشخصيات الاخرى التي يستضيفها برنامج الحوارات هذه السنة لتشارك الجمهور العديد من الحكايات المشوقة والنقاشات المفتوحة حول رؤيتها للسينما وممارساتها المهنية، الممثل والمخرج الأسترالي ذي الشخصية الجذابة سيمون بيكر المعروف لدى الجمهور بأدواره في السينما وفي التلفزيون والذي لعب دور البطولة في الفيلم الحائز على العديد من جوائز الأوسكار “ل.أ. سري للغاية” (1997، كورتيس هانسون)، إلى جانب المخرج المغربي الموهوب فوزي بنسعيدي الذي سيحظى بالتكريم من قبل المهرجان، الذي حازت أفلامه على عدة جوائز وتم عرض أحدث أفلامه الطويلة "الثلث الخالي" في قسم “أسبوعي المخرجين” بمهرجان كان سنة 2023.
كما يستضيف البرنامج المخرج الفرنسي المفعم بالحرية والجرأة برتراند بونيلو، الذي تم ترشيح العديد من أعماله في المهرجانات السينمائية الدولية كجوائز "سيزار" والأوسكار، والممثل الأميركي ويليم دافو الذي يتوفر على فيلموغرافيا متميزة وصاحب المسيرة الفنية الأسطورية التي نتج عنها أزيد من مئة فيلم، كما اكتسب شهرة عالمية بفضل تنوع وجرأة الأدوار التي قدمها.
ومن بين ضيوف هذه الحوارات االمخرجة وكاتبة السيناريو اليابانية المتفردة نعومي كاواسي التي تستوحي حكاياتها من الواقع، وتتخطى أفلامها الحدود الفاصلة بين الوثائقي والروائي، والتي حازت على العديد من الجوائز في أكبر المهرجانات الدولية.
كما يحل الممثل الدنماركي المتألق مادس ميكلسن ضيفا على برنامج “حوار مع” وهو الذي لعب العديد من الأدوار الأولى تحت إدارة مخرجين دنماركيين وترشح لجائزة الأوسكار سنة 2012 عن فيلم "غرام ملكي"، وأيضا الممثل والمخرج الأميركي – الدنماركي الملتزم فيغو مورتنسن الحائز على عدة ترشيحات لجائزة أوسكار أفضل ممثل وجوائز غولدن غلوب والذي نال اعتراف الجمهور والنقاد بفضل موهبته وقدرته على تخطي حدود السينما.
وسيستضيف البرنامج أيضا الممثلة الأسكتلندية ذات الأدوار المتنوعة تيلدا سوينتون التي استطاعت أن تقيم علاقات عمل وفية مع مخرجين كبار والحائزة على جائزة الأسد الذهبي بمهرجان البندقية، وجائزة مهرجان لندن السينمائي تقديرا لها عن مجمل أعمالها الفنية، إلى جانب المخرج وكاتب السيناريو الروسي الذي يحظى بتقدير كبير أندري زفياجينتسيف، وهو عضو في أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة وفي أكاديمية السينما الأوروبية وحائز على العديد من الجوائز، منها أفضل سيناريو في مسابقة مهرجان كان وأول جائزة غولدن غلوب لفيلم روسي منذ سنة 1969، كما ترشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي عن فيلمه “خطأ الحب” (2017).
يشار إلى أن الدورة العشرين للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، تعرف عرض نخبة من الأفلام السينمائية العالمية تضم 75 فيلما تنتمي إلى 36 دولة، وذلك في مختلف أقسام المهرجان وهي المسابقة الرسمية، والعروض الاحتفالية، والعروض الخاصة، والقارة الحادية عشرة، وبانوراما السينما المغربية، وعروض الأفلام للجمهور الناشئ، وعروض ساحة جامع الفنا، والأفلام التي سيتم تقديمها في إطار التكريمات.