هل يعيد ميناء مبارك الكبير التوتر بين العراق والكويت
الكويت – قامت وزيرة الأشغال العامة ووزيرة البلدية الكويتية نورة المشعان بزيارة تفقدية شملت موانئ مبارك الكبير في جزيرة بوبيان والشعيبة والشويخ والدوحة يرافقها وفد حكومي صيني رفيع المستوى يضم خبراء ومهندسين متخصصين بالمشاريع التنموية، في إشارة إلى نية الكويت استئناف بناء مشروع الميناء الذي تعترض عليه العراق بشدة، وتسبب بتوترات بين البلدين ابطأت انجازه.
ويعتبر العراق أن ميناء مبارك على جزيرة بوبيان، أي على الممر المائي الضيّق المؤدي إلى الموانئ العراقية، هو عملية خنق متعمد لعزل العراق مائياً عن العالم.
وعلى الجانب الكويتي يعد ميناء مبارك الخطوة الأولى لتحويل الكويت إلى مركز مالي بالمنطقة؛ حيث يقع في جزيرة بوبيان في أقصى شمال غربي الخليج العربي، وتعد بوبيان ثاني أكبر جزيرة في الخليج العربي بعد جزيرة قشم الإيرانية.
وقالت وزارة الأشغال في بيان صحفي أن زيارة الوفد الصيني تأتي تفعيلا لمذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين خلال زيارة الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى الصين الشعبية وإجراء مباحثات رسمية مثمرة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في سبتمبر/أيلول الماضي تتعلق بإنشاء ووضع آليات تطوير مشروع ميناء مبارك الكبير.
وتعتبر الكويت مشروع ميناء “مبارك الكبير” مهماً على الصعيد الاقتصادي والتنموي، وقد بدأت الأعمال الإنشائية بهذا المشروع ببطء منذ سنوات بسبب التجاذبات السياسية مع العراق.
وتم وضع حجر الأساس لبناء ميناء "مبارك الكبير" في جزيرة بوبيان في أبريل/نيسان 2011، على أن يكتمل بناؤه في 2016 وهو ما لم يتم، وذلك علما بأن الإعلان عن هذا المشروع الضخم صدر أول مرة عام 2007.
وأثارت تلك الخطوة غضبا من جانب الجار العراق، الذي يعتبر أن موقع إنشاء الميناء في جزيرة بوبيان سيعرقل وصوله إلى مياه الخليج التي تعد منفذه الوحيد على البحر. وترفض الكويت تلك الاتهامات.
وفي يوليو من العام ذاته، طلبت بغداد رسميا من الكويت وقف العمل في ميناء مبارك بعد جدل سياسي بين البلدين، لكن الكويت رفضت رسميا طلب العراق.
ولم تفصح الكويت رسميا عن استئناف الأعمال الإنشائية في ميناء مبارك الواقع بجزيرة بوبيان القريبة من العراق، لكن صحيفة "القبس" تقول إن مشروع ميناء مبارك "يتصدر المشهد الكويتي تنمويا واقتصاديا مع بدء الاستئناف الفعلي لتنفيذه، واتخاذ خطوات عملية وواقعية نحو هذا التوجه، ليكون في مصاف المشروعات التنموية التي تعول عليها الكويت خلال المرحلة المقبلة".
خطط كويتية لتخصيص 604 مليون دولار لوزارة الأشغال العامة لإنجاز مشروع ميناء مبارك الكبير خلال العام المالي 2024-2025.
وكشفت مصادر مطلعة في الوزارة لـصحيفة "الراي" عن وصول نسبة إنجاز المشروع إلى 52 في المئة، إلى جانب تنفيذ جميع الأعمال الخاصة بالطريق الرابط بين الكويت والميناء.
كما أعلنت الكويت عن خطط لتخصيص 604 مليون دولار لوزارة الأشغال العامة لإنجاز مشروع ميناء مبارك الكبير خلال العام المالي 2024-2025. وسيحدث المشروع، الذي تبلغ مساحته 1161 هكتارًا، ثورة في البنية التحتية البحرية في الكويت ويعزز مكانتها كلاعب رئيسي في التجارة والنقل الإقليمي.
وبحسب مجلة "ايكونومي ميدل ايست " تؤكد خطة التمويل التزام الحكومة بتسريع مشروع ميناء مبارك الكبير الذي واجه تأخيرات في الماضي. وعند اكتماله سيكون المشروع قادرًا على استيعاب 24 رصيفًا. وستبلغ طاقته الاستيعابية 8.1 مليون حاوية. ولذلك، فإن الميناء سيعزز بشكل كبير القدرات البحرية للكويت، مما يمثل علامة فارقة في مسار التنمية في البلاد.
وكثفت وزارة الأشغال العامة جهودها لتسريع تنفيذ المشروع فاستأنفت طرح المناقصات للمرحلة الأولى من المشروع منذ حوالي ثمانية أشهر. تشمل المناقصات هذه جوانب مهمة مثل تشغيل وصيانة نظام الحماية الكاثودية للميناء.
ووفقًا لدراسة الجدوى الخاصة بمشروع ميناء مبارك الكبير، من المرجح أن تبلغ تكلفة المشروع 990 مليون دينار كويتي (3.2 مليار دولار). يحمل مشروع الميناء أهمية استراتيجية هائلة بالنسبة للكويت. وبمجرد تشغيله، فإنه سيحول الكويت إلى مركز محوري لتجارة الترانزيت والنقل الإقليمي. بالإضافة إلى ذلك، فإنه سيضع الكويت كمركز تجاري ديناميكي في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.
ويتضمن مشروع ميناء مبارك الكبير تنفيذ طريق حيوي يربط منطقة الصبية بشرق جزيرة بوبيان. كما يتضمن استكمال رصيف الميناء واستصلاح الأراضي وتصميم معدات المناولة وتعميق الرصيف. وبحسب الوزارة، فقد اكتمل أيضًا تصميم الممر المائي المشترك مع العراق، مما يعزز إمكانات التواصل والتجارة في الكويت. كما تم إنجاز نحو 90 في المئة من أعمال الطريق الرابط بجزيرة بوبيان وصولاً إلى منطقة الميناء بطول 7 كيلومترات.
وخلال زيارة الرئيس التركي للعراق في الآونة الأخيرة، تم ابطال اتفاقية خور عبدالله مع الكويت التي يعارضها العراق بالإضافة إلى توقيع اتفاق رباعي لمشروع “طريق التنمية” مع تركيا والإمارات وقطر.
وفي عام 2013، أبرم البلدان اتفاقية تنظيم حركة الملاحة البحرية في خور عبدالله الذي يربط العراق بمياه الخليج.
وتنص الاتفاقية على تقسيم مياه خور عبدالله بالمناصفة بين البلدين، انطلاقا من قرار مجلس الأمن الدولي التابعة للأمم المتحدة "833" الصادر عام 1993، الذي أعاد ترسيم الحدود في أعقاب الغزو العراقي على الكويت.
ويعترض عراقيون على هذه الاتفاقية لأنهم يعتبرون أنها تعطي الكويت أحقية في مياه إقليمية داخل العمق العراقي، مما يعيق حركة التجارة البحرية أمام الموانئ المحدودة للبلاد. لكن المحكمة العراقية العليا، قررت في سبتمبر/أيلول الماضي عدم دستورية اتفاقية خور عبدالله التي تنظم حركة الملاحة البحرية في الممر المائي الفاصل بين الكويت وبغداد.
وبررت المحكمة قرارها "لمخالفة أحكام المادة (61/ رابعا) من دستور جمهورية العراق التي نصت على أن عملية المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية تنظم بقانون يسن بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب".