السيسي يحذّر من منعطف خطير في الشرق الأوسط
القاهرة – حذّر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الاثنين من منعطف شديد الدقة والخطورة يمر به الشرق الأوسط، بما "يستوجب أعلى درجات ضبط النفس وإعلاء صوت التعقل والحكمة"، في وقت أكدت فيه إيران حقها بالرد على إسرائيل التي تتهمها بتنفيذ عملية اغتيال مدير المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الاربعاء الماضي في مقر إقامته بطهران.
ودعا السيسي، خلال اجتماعه مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في القاهرة، إلى تضافر جهود القوى الفاعلة والمجتمع الدولي للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإتاحة الفرصة للحلول السياسية والدبلوماسية.
وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية إن الرئيس المصري استعرض مع وزير الخارجية التركي والوفد المرافق له آخر مستجدات الجهود المصرية المتواصلة والمكثفة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن الآراء توافقت خلال اللقاء بشأن خطورة المشهد الإقليمي "وتمت إدانة سياسات التصعيد الإسرائيلية" مع أهمية استمرار جهود إنفاذ المساعدات الإغاثية إلى سكان غزة الذين يعانون أوضاعا معيشية وصحية غير إنسانية.
من جهته، قال فيدان إن تركيا ستقدم رسميا طلبا للانضمام إلى قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا، على إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي يوم الأربعاء.
وكانت تركيا قد أعلنت في مايو/أيار أنها قررت الانضمام إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا في الوقت الذي كثفت فيه الإجراءات المناهضة لإسرائيل بسبب هجومها على غزة، وأنها ستقدم طلبا بعد التحضيرات القانونية اللازمة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد زار مصر في فبراير/شباط وسط عودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها بعدما ازدادت الخلافات بينهما عقب انتفاضة شعبية أيدها الجيش وأنهت حكم الرئيس المصري السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في 2013.
وتساهم مصر وقطر حاليا في جهود الوساطة الرامية إلى وقف الحرب الدائرة في غزة منذ عشرة أشهر والتي اندلعت عقب هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول وردت عليه القوات الاسرائيلية بعملية عسكرية واسعة.
والخميس، أعلنت السلطات المصرية استمرار جهودها مع الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع. وتلقى وزير الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي، اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية والدفاع الأيرلندي ميهول مارتن، بحثا خلاله تعزيز العلاقات الثنائية والقضية الفلسطينية.
ويخشى محللون من أن يكون الرّد الإيراني هذه المرة أكثر حدة. وتبذل أطراف عدة منذ اغتيال هنية الأربعاء، جهودا لخفض حدة التوتر وتجنب اشتعال الوضع. كما حضّت جهات دولية ودبلوماسية عديدة الإثنين على تفادي التصعيد في الشرق الأوسط بعد اغتيال هنية والقائد العسكري في حزب الله اللبناني فؤاد شكر.
وأكدت اسرائيل استعدادها "هجومياً ودفاعياً"، بينما عززت واشنطن انتشارها العسكري في المنطقة للدفاع عن حليفتها، مؤكدة في الوقت ذاته بذل جهود دبلوماسية لتجنب التصعيد.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مساء الأحد "نحن مصمّمون على مواجهة" إيران وحلفائها "على كل الجبهات، في كل الساحات، قريبة كانت أم بعيدة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد اعتماد نظام جديد لتحذير السكان "خلال الأحداث الطارئة" عبر رسائل لمستخدمي الهواتف النقالة "في المنطقة المتعرضة للخطر، على أن يرافقها صوت إنذار خاص".
ويأتي ذلك في وقت تتزايد الدعوات للرعايا الأجانب لمغادرة لبنان مع تعديلات في الرحلات الجوية وحركة الطيران من مطار رفيق الحريري واليه وفي اتجاه تل ابيب، وسط مخاوف من تصعيد يضاف الى التوترات القائمة أصلاً والمتصلة بالحرب المتواصلة منذ نحو عشرة أشهر بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة.
وأكدت إيران رغبتها بتجنب "تصعيد التوترات"، لكن مع تمسّكها بـ"حقها" في الرد و"ردع" إسرائيل التي تتهمها منذ أعوام بتنفيذ هجمات على أراضيها.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني "نعتبر أن حقنا بالدفاع عن أمننا القومي وسيادتنا وسلامة أراضينا هو حق لا جدال فيه"، مضيفا "لا يحق لأحد التشكيك بالحق القانوني لطهران في معاقبة النظام الصهيوني... اذا كانت إيران تتحدث عن حقها بمعاقبة المعتدي، فهذه خطوة تساهم في تعزيز وحدة المنطقة واستقرارها".
وأضاف كنعاني "نعتقد أن الاستقرار والأمن في المنطقة سيتحققان من خلال معاقبة المعتدي وردعه عن التصرف المغامر"، متابعا "لو أن حكومات المنطقة والمجتمع الدولي" ضغطت في الماضي على إسرائيل "لما كنّا بدون شك بلغنا هذا المستوى المرتفع من الاضطراب وتزايد خطر الصراع في المنطقة".
كما توعّد مسؤولون إيرانيون يتقدمهم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تل أبيب بـ"عقاب قاسٍ". وهدّد حزب الله بالانتقام لمقتل شكر.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس جو بايدن سيجمع الإثنين مجلس الأمن القومي "لبحث التطورات في الشرق الأوسط".
وتزامناً، وصل رئيس أمين مجلس الأمن القومي الروسي سيرغي شويغو الى إيران ليناقش مع الرئيس مسعود بزشكيان وكبار المسؤولين العسكريين والأمنيين، تعزيز التعاون الثنائي في العديد من المجالات، وفق وكالة أنباء "ريا نوفوستي".
وفي جنيف، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن "قلق عميق إزاء الخطر المتزايد لاندلاع صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط"، داعيا جميع الأطراف إلى جانب الدول ذات النفوذ "التحرّك بشكل عاجل لتهدئة الوضع الذي أصبح خطيراً للغاية".
وأبدى وزراء خارجية مجموعة السبع أيضا "قلقاً شديداً" إزاء المخاوف من حصول تصعيد وذلك خلال اجتماع عبر الفيديو عقدوه الأحد.
وشدّد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في اتصال مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على "أهمية أن يتّخذ كل الأطراف تدابير" تهدئة، وفق ما نقله موقع "أكسيوس" الإلكتروني.
كما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني عبدالله الثاني الأحد على ضرورة تجنب التصعيد "بأي ثمن". بينما زار وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي طهران لبحث التهدئة.