القضاء التونسي يخفف سجن محامية معارضة
تونس - قضت محكمة الاستئناف في تونس اليوم الأربعاء بتخفيف الحكم الصادر بالسجن سنة في حق المحامية والمعارضة سنية الدهماني إلى 8 أشهر لإدانتها بنشر "أخبار كاذبة" إثر تعليقات ساخرة انتقدت فيها حال البلاد، وفقا لمحاميها.
ونقلا عن وكالة الأنباء التونسية الرسمية (وات)، أكّد المحامي سمير ديلو عضو هيئة الدفاع عن الدهماني أنّ الدائرة الجناحية بمحكمة الاستئناف بتونس، قضت الثلاثاء 10 سبتمبر/أيلول 2024 بتخفيف الحكم مع النفاذ العاجل. وقال المحامي بيير فرانسوا فيلتس "حكم عليها بالسجن 8 أشهر. ولم يتمكن محاموها حتى من الترافع".
وكانت الدائرة الجناحية الصيفية بمحكمة الاستئناف بتونس قد قرّرت يوم 20 أغسطس/آب الماضي، تأجيل الجلسة كما رفضت مطلب الإفراج عنها.
وكانت الدهماني ملاحقة بموجب المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال والذي أصدره الرئيس التونسي قيس سعيّد في العام 2022 وينص على "العقاب بالسجن لمدة خمسة أعوام وبغرامة تصل الى خمسين ألف دينار (نحو 15 ألف يورو) لكلّ من يتعمّد استعمال شبكات وأنظمة معلومات واتصال لإنتاج أو ترويج أو نشر أو إرسال أو إعداد أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو وثائق مصطنعة أو مزوّرة أو منسوبة كذبا للغير بهدف الاعتداء على حقوق الغير أو الإضرار بالأمن العام أو الدفاع الوطني".
وفتح القضاء التونسي تحقيقا بحق المحامية والاعلامية إثر إدلائها بتصريحات ساخرة حول الوضع في البلاد على صلة بظاهرة الهجرة غير القانونية للأفارقة. ووفق تقرير قضائي لاحق، جاءت تصريحات الدهماني في معرض التعليق على خطاب لسعيّد شدّد فيه على أن البلاد لن تصبح "دولة عبور أو توطين" للمهاجرين من دول إفريقية أخرى.
وكان المحامي سامي بن غازي قد أوضح يوم 6 يوليو/تموز أنّ موكلته وإلى جانب هذه القضية هي محل تتبع قضائي في أربع قضايا أخرى على معنى هذا المرسوم موضّحا أن القضيتين الثانية والثالثة المرفوعتان ضد موكلته تتعلقان كذلك بتصريحات إعلامية بالإذاعة الخاصة "إي أف أم" والتلفزة الخاصة "قرطاج + " تطرقت فيها الى وجود ظاهرة العنصرية في تونس، والقضية الرابعة على خلفية تصريحات انتقدت فيها أداء بعض الوزراء، في حين تتصل القضية الخامسة بانتقادها للوضع في السجون، نقلا عن (وات).
والثلاثاء نددت هيئة الدفاع عن الدهماني في بيان بما وصفته بـ"بالمعاملة المشينة والمهينة التي تعرضت لها خلال المحاكمات السابقة وبالأخص تعرضها للتفتيش الجسدي المهين".
وتزامنا مع جلسة المحاكمة، نظمت الديناميكية النسوية وقفة تضامنية أمام مقر المحكمة التونسية للمطالبة بالإفراج "الفوري وغير المشروط" عن المعارضة التونسية وأكدت أنها "محتجزة لمجرد ممارستها السلمية لحقها في حرية التعبير".
ورفع المحتجون عديد الشعارات المنددة بوضع الحريات في تونس والمنادية بضرورة استقلال القضاء والإفراج عن المساجين الذي تقع محاكمتهم على خلفية تصريحات إعلامية أو آراء عبروا عنها.
وتأتي المحاكمة في وقت تمر فيه البلاد بأزمة سياسية تزايدت وتيرتها باستبعاد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لعدد من المرشحين للرئاسة ثلاثة منهم أعادهم قرار قضائي للسباق، الامر الذي رفضته الهيئة قائلة أنها لم تصلها الأحكام في ظرف 48 ساعة للاطلاع عليها وفق الاجراءات القانونية المعمول بها. وشددت على أن موقفها من رفض بقية الترشحات يأتي بسبب تجاوزات تتعلق اساسا بتزوير التزكيات.
كما يقبع الإعلاميان البارزان برهان بسيس ومراد الزغيدي في السجن بتهمة نشر شائعات ونشر أخبار بقصد الإساءة للغير.
ويرى صحافيون ومنظمات تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان أن المرسوم 54 يستخدم في خنق الأصوات المعارضة مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.