
إسرائيل تخطط لوقف نار مشروط في لبنان كهدية لترامب
القدس/واشنطن - ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية الخميس أن إسرائيل بدأت تتحرك للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان، مشيرة إلى أن هذه المبادرة من شأنها أن تمنح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب انتصارا دبلوماسيا عند توليه منصبه.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد مهد الطريق بالفعل لهذا "العصر الجديد" مع واشنطن قبل فترة طويلة من الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث حافظ على الاتصال مع ترامب، بينما ناقش وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر الأمر مع صهر ترامب، غاريد كوشنر، مهندس اتفاقيات إبراهيم .
وتشير التقارير إلى أن محادثات ديرمر في منتجع ترامب في فلوريدا، ركزت على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بمشاركة روسية. وزار ممثلون روس إسرائيل الشهر الماضي لمناقشة الخطة، ثم أعقب ذلك زيارة ديرمر إلى روسيا.
وأشار مصدر مقرب من حزب الله إلى اتفاق محتمل لسحب قواته شمال نهر الليطاني كجزء من وقف إطلاق نار مؤقت. ووفقا لمصادر إسرائيلية، سيتولى الجيش اللبناني السيطرة على منطقة الحدود خلال الأيام الستين الأولى من الاتفاق بإشراف من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. ومع ذلك، يقاوم حزب الله الشرط الإسرائيلي الذي كان من المفترض أن يكون "وثيقة جانبية" للاتفاق، مؤكدا على شرط واضح: يجب على إسرائيل الامتناع عن العمليات داخل الأراضي اللبنانية.
وقال مسؤول إسرائيلي إن المفاوضات مع واشنطن تقترب من التوصل إلى اتفاق. وكان من بين العناصر الأساسية لهذه المحادثات "وثيقة جانبية" تعتبر بالغة الأهمية تقدمها الولايات المتحدة وتحدد حرية إسرائيل في العمل ردا على أي نشاط "معاد" من حزب الله.
لقد توصلت إسرائيل والولايات المتحدة إلى تفاهمات صريحة، تمنح تل أبيب بموجبها الدعم للتحرك في حالة نقل الأسلحة من سوريا أو إعادة تسليح حزب الله أو محاولة شن هجمات.
وتشمل العناصر الأساسية للترتيب الناشئ انسحاب حزب الله إلى الشمال من نهر الليطاني ونشر الجيش اللبناني في جنوب لبنان ومنع نقل الأسلحة من سوريا.
وفي الوقت نفسه زار ممثلون إسرائيليون بينهم ديرمر موسكو لحشد الضغوط الروسية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وتستهدف إسرائيل بالفعل مواقع عسكرية داخل سوريا، وهو ما يعكس تقييما مفاده أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لديه مصالح راسخة في حماية نظام الأسد من زعزعة الاستقرار المحتملة بسبب استمرار نقل الأسلحة.
ورغم هذه الجهود، فإن شكوكا كبيرة ما زالت قائمة بشأن استعداد لبنان لقبول هذا الترتيب. وكما أشار أحد المسؤولين الإسرائيليين، فإن التوصل إلى تفاهمات مع الأميركيين أمر ممكن، لكن في نهاية المطاف قد يرفضها اللبنانيون.
وإذا حدث هذا فإن لإسرائيل خطط عملياتية بديلة وتتعهد بعدم التسامح مع حالة طويلة من حرب الاستنزاف وبتكثيف العمل في لبنان إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق، ما يعني الاستمرار في مواصلة الضغوط العسكرية من خلال عمليات مكثفة انتقائية.
ومن الممكن التوصل إلى اتفاق في الأسابيع المقبلة. وإذا تم ذلك فسوف يعرض على مجلس الوزراء السياسي والأمني الإسرائيلي للموافقة عليه، رغم أنه لم يتقرر بعد ما إذا كان من الضروري الحصول على موافقة الكنيست أيضا.
وأعرب المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق، لكنه قال إنه لم يكن هناك أي تدخل روسي من المنظور الأميركي في المناقشات بين إسرائيل وموسكو.
وذكرت التقارير أن موسكو مستعدة لتقديم ضمانات لمنع تهريب الأسلحة من سوريا إلى لبنان، لكنها تطالب الولايات المتحدة بإزالة الشركات الروسية من القوائم السوداء والعقوبات الأميركية.

وقال علي حسن خليل المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إن المفاوض اللبناني توافق مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتين على تصور معين لوقف إطلاق النار.
وأضاف خليل في مقابلة مع شبكة الجزيرة القطرية مساء أمس الأربعاء أن هذا التصور تم تقديمه إلى الجانب الإسرائيلي عن طريق هوكشتين، وأن لبنان لم يتلق أي رد أو تعديل من إسرائيل على هذا المقترح حتى الآن.
وأكد أن تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 1701 هو الأساس الذي يتمسك به لبنان في أي اتفاق محتمل وأن أي خروج عن هذا الأساس لن يكون مقبولا.
وتم اعتماد القرار في عام 2006 لمساعدة الجيش اللبناني على إبقاء منطقة الحدود الجنوبية مع إسرائيل خالية من الأسلحة أو الأفراد المسلحين غير التابعين للحكومة اللبنانية.
وقال خليل إن لبنان ليس لديه اعتراض على مشاركة الولايات المتحدة أو فرنسا في مراقبة الالتزام بوقف إطلاق النار.
وتواصل إسرائيل الضغط عسكريا على حزب الله لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب الميدانية والسياسية قبل الاتفاق المحتمل، فقد شنت قوات إسرائيلية اليوم الخميس غارات جوية على مناطق تسيطر عليها الجماعة الشيعية في بيروت لليوم الثالث على التوالي حيث أصابت مواقع في الضاحية الجنوبية لبيروت في ساعة مبكرة من الصباح بعد ليلة من القصف العنيف.
لبنان ليس لديه اعتراض على مشاركة واشنطن أو باريس في مراقبة الالتزام بوقف النار
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن أعمدة من الدخان تصاعدت في سماء بيروت مع استمرار الضربات، ووصلت الغارات أيضا إلى بلدة بنت جبيل في الجنوب حيث ألحقت الغارات الجوية والقصف المدفعي الليلة الماضية أضرارا جسيمة بالمباني والمجمعات السكنية. وذكرت الوكالة أن خمسة أشخاص قتلوا في غارات جوية على بلدتي البازورية والجميجمة.
وأصدر الجيش الإسرائيلي الخميس تعليمات إخلاء لسكان العديد من المناطق في الضاحية الجنوبية لبيروت لقربها من "منشآت ومصالح" لحزب الله.
وطلب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي عبر حسابه على منصة إكس، من سكان منطقتَي "شويفات العمروسية والغبيري الإخلاء"، مضيفا "أنتم تتواجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لحزب الله حيث سيعمل ضدها جيش الدفاع على المدى الزمني القريب".
وشنت إسرائيل هجوما جويا وبريا واسع النطاق ضد جماعة حزب الله المدعومة من إيران في أواخر سبتمبر/أيلول بعد ما يقرب من عام من التبادل المستمر لإطلاق النار بين الجانبين عبر الحدود بالتوازي مع حرب غزة.
ولم تؤكد السلطات اللبنانية حتى الآن حجم الخسائر البشرية في الغارات التي شنتها إسرائيل على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم الخميس، والتي تم إخلاؤها إلى حد كبير.
ووفقا لوزارة الصحة اللبنانية، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل 3365 شخصا على الأقل وإصابة 14344 في أنحاء لبنان منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.