بيروت للأفلام الفنية يدعو إلى إيقاف الحرب
بيروت – تحت شعار "أوقفوا الحرب" تنطلق الدورة العاشرة لمهرجان بيروت للأفلام الفنية بداية من 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، في ظل استمرار الضربات الجوية التي تنفذها إسرائيل على المناطق اللبنانية والتوغل البري لقواتها جنوبا. ويتضمن برنامج هذه السنة أعمالا وثائقية لبنانية مرتبطة بالتاريخ والذاكرة، إضافة الى أخرى أجنبية تسجيلية وروائية.
وقالت مؤسِسَة المهرجان المتخصص بالأشرطة التي تعنى بالفنون ورئيسته أليس مغبغب "بعد عشرة أعوام على انطلاقه و50 عاماً على اندلاع الحرب اللبنانية (1975-1990)، لدينا جميعا صرخة واحدة: أوقفوا الحرب"، مضيفة أنها "رسالة إدارة المهرجان والفنانين والمخرجين والداعمين والجمهور وأصدقاء المهرجان خارج لبنان".
وينطلق برنامج الفعالية الذي يضمّ خمسة وعشرين فيلما غير تجاري بعرضين وثائقيَين، أحدهما "لبنان، أسرار مملكة بيبلوس"Liban, les secrets du royaume de Byblos لفيليب عرقتنجي والآخر "سيلما" لهادي زكاك.
ويتناول فيلم عرقتنجي آخر الاكتشافات في موقع بيبلوس، جبيل حاليا، الأثري الشهير ونال جائزة لجنة التحكيم الكبرى في الدورة الرابعة والعشرين لمهرجان السينما الأثرية في مدينة بيداسوا الإسبانية. وأوضحت مغبعب أن هذه الاكتشافات تظهر أن "بيبلوس مدينة سكنها الملوك، وكانت في الشرق الاوسط كما كانت فلورنسا في أوروبا خلال عصر النهضة".
ويكتسب عرض الفيلم الذي تبثه محطة "أرتيه" الفرنسية في مطلع يناير/كانون الثاني 2025 أهمية مضاعفة نظرا إلى كون المواقع الأثرية اللبنانية مهددة بالغارات الإسرائيلية.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" الاسبوع الماضي عن توفير "حماية قانونية موقتة معززة" لهذه المواقع البالغ عددها أربعة وثلاثون، مشيرة إلى أنها باتت تحظى بـ"أعلى مستوى من الحصانة ضد مهاجمتها واستخدامها لأغراض عسكرية" تحت طائلة "الملاحقة القضائية".
أما هادي زكاك فغاصَ في فيلمه "سيلما" في القاعات السينمائية في مدينة طرابلس عاصمة محافظة لبنان الشمالي مستعرضا تاريخها. وأفاد الملف الصحافي للمهرجان بأن "السينما عُرفت في الأوساط الشعبيّة الطرابلسيّة باسم سيلَما واحتلّت مكانةً مهمّة امتدّت من الثلاثينات إلى نهاية القرن العشرين. وتخطّى عدد قاعات السينما الثلاثين وانتشرت في كل أنحاء المدينة".
ويتجلى استرجاع الذاكرة أيضا في فيلم "فؤاد الخوري، بعدسة فؤاد" الذي يصوّر مخرجه الإيراني كامي بادكل مسار المصوّر الفوتوغرافي الذي وثّق الحرب اللبنانية بلقطاته وكان شاهدا على النزاعات في الشرق الأوسط، مستندا على أرشيف الفنان "وبحثه عن الجمال في أحلك زوايا التاريخ"، على ما جاء في الملف الصحافي للمهرجان.
وفي "وعاد مارون إلى بيروت" الذي يُعرض في ختام المهرجان في السادس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، تصوّر المخرجة فيروز سرحال الأماكن التي شهدت على حياة المخرج اللبناني الراحل مارون بغدادي وأعماله وتقابل المقرّبين منه ومن عملوا معه.
وفي البرنامج فيلم للمخرج بهيج حجيج عنوانه "المكتبة الشرقية إن حكت" يتضمن نحو عشرين مداخلة لخبراء في التراث وأكاديميين عن تاريخ مجموعات المكتبة الشرقية في جامعة القديس يوسف في بيروت وأهميتها.
ومن الأعمال البارزة أيضا فيلم "جمال العراق الخفيّ Iraq's Invisible Beauty" للمخرج البلجيكي يورغن بودتس عن المصوّر الكردي العراقي لطيف العاني الذي توفي قبل ثلاثة أعوام ويُعتبر "أبو فن التصوير" في بغداد.
ولاحظت مغبغب أن العاني "صوّر مناظر خلاّبة" سلّطت الضوء على العراق بطريقة جمالية "مما يعكس تأثير الصورة وأهمية العمل على الذاكرة".
وفي البرنامج أيضا خمسة أفلام وثائقية عن الهندسة المعمارية ومن بينها فيلم "سكين اوف غلاس"Skin of Glass للمخرجة البرازيلية دنيز زمكحُل التي تروي قصة والدها روجيه زمكحل المهندس المعماري اللبناني الأصل الذي صمّم أطول برج زجاجي في مدينة ساو باولو.
وللجمهور موعد مع ستة افلام عن الرقص بكل اشكاله من الكلاسيكي إلى التقليدي مرورا بالبهلواني والفلامينكو والمعاصر أبرزها الفيلم الألماني الروائي "إيمّا بوفاريEmma Bovary" والفيلم البريطاني "إيه ريزيليينت مانA resilient man" الذي يسلّط الضوء على إصابة نجم فرقة "رويال باليه" اللندنية ستيفن ماكراي في العام 2019 وهو في ذروة عطائه المهني وشريط وثائقي عن الرقص التقليدي في كمبوديا. ويقدّم الفيلم البريطاني "شكسبيرز ماكبث" رؤية معاصرة لمسرحية "ماكبث" تمزج بين الوثائقي والروائي عن رائعة وليام شكسبير.
ويخصص المهرجان حصة للفن التشكيلي ويعرض فيلما روائيا عنوانه "دالي" للفرنسي كانتان دوبيو يغوص في العالم المجنون الذي عاش فيه الفنان الاسباني سلفادور دالي بعيدا عن السرد التقليدي للسيرة.
وتقام ندوة عن الفنان التشكيلي البلجيكي رينيه ماغريت في ذكرى مرور مئة عام على ولادة السريالية يلقيها الخبير في أعماله فنسان كارتوفيلز عبر تقنية الاتصال بالفيديو.
ففي مهرجان بيروت للأفلام الفنية، "لا سجّادة حمراء ولا فساتين براقة"، بل "حرص على اللقاءات الثقافية والحوارات وتفاعل الجمهور مع المخرجين والفنانين".