هدنة لبنان تفاقم الضغوط على نتنياهو لإبرام اتفاق مماثل مع حماس

العديد من الإسرائيليين يعتبرون أن وقف إطلاق النار في غزة أكثر إلحاحا لوجود 101 أسير محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية.

القدس - أثار التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان غضبا في صفوف عائلات الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس، فيما حمل بعض معارضي استمرار الحرب على غزة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مسؤولية تهميش ملف يعتبرونه "مصيريا"، للتغطية على فشله في تحقيق هدفه في القضاء على الحركة الفلسطينية.

ويكاد يكون السؤال الأكثر ترددا في إسرائيل حاليا هو أنه إذا كان ممكنا التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان، فلماذا لا يتم التوصل إلى اتفاق مماثل في قطاع غزة.
وليس ثمة إجابة رسمية في إسرائيل على السؤال، وإن كان كثيرون يعتبرون أن وقف إطلاق النار بالقطاع أكثر إلحاحا لوجود 101 أسير إسرائيلي محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية في غزة.
وفي هذا السياق قال اللواء احتياط نوعام طبعون لإذاعة "103 أف أم" اليوم الأربعاء "السخرية هنا هي أننا توصلنا إلى مثل هذا الترتيب في لبنان، بينما من الممكن التوصل إلى ترتيب مماثل في غزة منذ وقت طويل وإعادة مواطنينا" الأسرى.
ووفق يائير غولان، زعيم تحالف "الديمقراطيون" المعارض، في حديث للإذاعة ذاتها، فإن "الاختبار الأهم هو إنهاء الحرب في الجنوب" أي غزة.
وأضاف غولان، وهو النائب الأسبق لرئيس أركان الجيش "إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مع حزب الله، فلماذا لا يمكن التوصل إلى اتفاق مع حماس وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين؟".
وتابع "القتال مستمر فقط لأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتمد سياسيا على الجماعة المتعصبة والمتطرفة التي تريد الحرب إلى الأبد"، في إشارة إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
ويهدد بن غفير وسموتريتش بإسقاط حكومة نتنياهو في حال قبولها باتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة ويدعوان إلى إعادة احتلاله وإقامة مستوطنات فيه، وتهجير نحو 2.3 مليون فلسطيني منه.
وفي كلمة له أمام لجنة برلمانية الأربعاء، قال بن غفير "لن أطلق سراح آلاف السنواريين"، في إشارة إلى يحيي السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي اغتالته إسرائيل والذي سبق أن أفرج عنه في صفقة تبادل عام 2011.
وتطالب حماس بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، كجزء من أي اتفاق هدنة.
ومساء الثلاثاء استهل نتنياهو تصريحا دافع فيه عن وقف إطلاق النار مع حزب الله بالقول "سنكمل القضاء على حماس، وسنعيد جميع مخطوفينا، وسنضمن أن غزة لن تشكل تهديدا لإسرائيل"، مضيفا أن "الحرب لن تنتهي قبل أن نحقق كافة أهدافها".
وتتصاعد في إسرائيل دعوات لإعادة الأسرى من غزة باتفاق مع حماس التي تصر في المقابل على إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.

"أعلى واجب أخلاقي لإسرائيل هو وقف الحرب في غزة أيضا".

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد، عبر منصة "إكس" مساء الثلاثاء "أكبر كارثة في تاريخنا حدثت في عهد نتنياهو. أي اتفاق مع حزب الله لن يمحو الفوضى"، مضيفا أنه "توجد حاجة ملحة للتعامل مع قضية المختطفين وإعادة المواطنين المستوطنين إلى وطنهم".
ويقول مراقبون إسرائيليون إنه إذا كان أحد مبررات نتنياهو لوقف القتال ضد حزب الله هو أن الجماعة تقلت ضربات موجعة، فإن الوضع نفسه ينطبق على حماس.
واعتبرت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها اليوم الأربعاء أن "أعلى واجب أخلاقي لإسرائيل هو وقف الحرب في غزة أيضا".
وقالت "لا ينبغي أن يأتي الاتفاق في لبنان مقابل استمرار القتال في غزة، إسرائيل زرعت في غزة الدمار والخراب والموت بأبعاد تاريخية"، مضيفة "وعلى نحو مماثل وربما أكثر من أي شيء آخر، فإن استمرار الحرب بغزة يعني عمليا التخلي عن إعادة الرهائن".
وأردفت "من بين 101 إسرائيلي ما زالوا أسرى لدى حماس، يُعتقد أن نصفهم تقريبا على قيد الحياة. وهم لا يملكون الوقت وبالكاد يتنفسون الهواء".
ورأت أن "الحكومة الإسرائيلية لابد أن تنظر إلى وقف الحرب على عزة باعتباره خطوة مهمة على الطريق نحو إنهاء كل أشكال القتال في الجنوب أيضا".
وتابعت "يتعين على إسرائيل أن تتحرك نحو التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لإنقاذ حياتهم.. الآن هو الوقت المناسب للتحرك"
ومبررا اتفاق وقف إطلاق النار، قال نتنياهو الثلاثاء إن "حزب الله اختار الاعتداء علينا في الثامن من أكتوبر. ومضى عام على ذلك التاريخ ولم يعد هو الحزب نفسه".
وقال "أعدناه عشرات السنين إلى الوراء، وقضينا على أمينه العام حسن نصر الله وجميع مسؤولي المنظمة، ودمرنا معظم صواريخها وقذائفها الصاروخية، وقضينا على آلاف المسلحين، ونسفنا البنى التحتية المتاخمة لحدودنا".
ولكن يشكك خبراء أمنيون إسرائيليون في صحة أقوال نتنياهو، ومنهم اللواء احتياط طبعون، الذي قال إن "إحدى مشاكل هذا الاتفاق هي أننا لا نفهم ما وقَّعوا عليه، هذه هي طريقة نتنياهو المعتادة، الاختباء وعدم قول الحقيقة للشعب. ليس لدي أي ثقة بالحكومة". أما غولان فقال عن نتنياهو "هذا الرجل جبان، لم يجرؤ أبدا على تحدي حزب الله".
وتوجه عائلات الأسرى الإسرائيليين الاتهام إلى نتنياهو بعرقلة التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى لاعتبارات سياسية خاصة، أبرزها استمراره في السلطة.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 3 آلاف و823 قتيلا و15 ألفا و859 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر/أيلول الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية حتى مساء الثلاثاء.
وفي المقابل قُتل 124 إسرائيليا بينهم 79 جنديا، وتعرض أكثر من 9 آلاف مبنى و7 آلاف سيارة لتدمير كامل في شمال إسرائيل بفعل نيران حزب الله منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وفق القناة "12" وصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريتين.
وتحتل إسرائيل منذ عقود أراضي عربية في لبنان وسوريا وفلسطين، وترفض قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل حرب 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.