لوحات زيد الشوا تركز على الحرية كمطلب أساسي للإنسان
يدعو التشكيلي الأردني زيد الشوا رواد معرضه المقام حاليا في غاليري وادي فينان بعمان تحت عنوان "سنلعب مجددًا"، للتأمل فيما وراء فكرة "اللعبة" نفسها، فكأنما هي أحلام مشتركة بين الجميع، تجسّد توقهم إلى التحرر وفك القيود.
ويضم المعرض الذي يتواصل إلى غاية السادس والعشرين من ديسمبر/كانون الأول الجاري مجموعة من اللوحات والأعمال التركيبية التي تشير إلى فكرة الحرية كمطلب أساسي للحياة الإنسانية.
ويقدم التشكيلي الأردني في معرضه تكوينات لونية أقرب للتجريد بخطوطها المقنّنة التي تؤشر على الشكل العام من غير الكثير من التفاصيل، معتمدًا على تشكيلات مستوحاة من ألعاب الأطفال؛ الطائرة الورقية والأرجوحة والقوارب والمكعبات الرقمية الملونة.
ويؤكد الشوا أن هناك تشابهًا بين الحياة نفسها وبين الألعاب، فاللعبة -أيّ لعبة- تمثل متوالية من الأحداث التي تحكمها قواعد وقوانين معينة ويكون للمهارة والنجاح في اقتناص الفرصة المناسبة دورٌ أساسي فيها، وهي تفضي إلى نهاية، والحياة مثلها؛ سلسلة مترابطة من الأحداث التي نحاول أن نحرز فيها انتصارات يومية، بصرف النظر عن مدى قدرتنا على توقع مجرياتها المستقبلية والتغيرات التي قد تجعل الأحداث تنعطف بشكل مفاجئ، لتنتهي أخيرًا كما تنتهي اللعبة.
ويحتفي المعرض بفكرة الطيران كمعادل موضوعي لفكرة الحرية، وحول ذلك يؤكد الشوا "في عصر أصبح فيه السفر أكثر سهولة من أيّ وقت مضى، وأصبح العالم مترابطًا بشكل متزايد، من الصعب أن نفهم أن هناك مناطق ما يزال الناس فيها غير قادرين على الطيران".
وشدد على أن "العيش في منطقة محظورة الطيران هو بلا شك واقع صعب". وتبدو أشكال الطائرة الورقية المربوطة بخيوط طويلة حلمًا لكل طفل يحدّق بشوق في الامتداد اللامتناهي للسماء لكنه لم ينل الفرصة أبدًا للتحليق في الهواء بنفسه.
وفي هذا السياق، يقول الفنان "أطفال غزة الذين يحلّقون بطائراتهم الورقية، يرسلون آمالهم وأحلامهم إلى الأفق المفتوح، رحلاتهم مرسومة بالخيال، وهم يستكشفون العالم من خلال أحلامهم، بينما هم مقيَّدون وأقدامهم ثابتة على الأرض".
ويضيف أن كل طائرة ورقية ترفرف هي "مغامرة، وتعبير عن الرغبة في الحرية وفكّ القيود في محيطها"، وأن هذه الطائرات "لا تتحرك من خلال الطيران فحسب، بل من خلال قوة أرواحها وتطلعاتها أيضًا".
ويوضح الشوا أنه قام في عدد من أعماله بربط الطائرة الورقية ببكَرَة بواسطة خيط، بينما على الجانب الآخر، يمارس جناح طائرة قوته الخاصة، مما يخلق توازنًا دقيقًا، متابعا "رغم ذلك، فإن هذا التوازن عابر، حيث تتولى القوة الهائلة للأحلام والتطلعات زمام الأمور، وتبدأ الطائرة الورقية، رمز الأمل والحرية، في الارتفاع، وتسحب الخيط بعزم يعكس الروح التي لا تلين لأولئك الذين يجرؤون على الحلم".
وبحسب الفنان، فإنه "صراع جميل، حيث يتفوق الشوق للطيران على ثقل الواقع، فعندما ترتفع الطائرة الورقية إلى أعلى، فإنها تجسد جوهر كل طفل يتوق إلى الهروب من الحدود التي تقيده، مما يثبت أنه حتى في مواجهة العقبات، يمكن لقوة الخيال والطموح أن تدفعنا نحو الآفاق التي نسعى إليها".
وتتجلى كذلك في أعمال الشوا فكرة المنع من الإبحار وممارسة الألعاب بأنواعها، وإذ يركز الفنان على "الطفولة" فكأنما يشير إلى المستقبل وإلى الجيل الذي سيبقى يحلم بالحرية؛ يرثها ويورثها، ولعل هذا أساس عنوان المعرض الذي جاء كذلك بصيغة المستقبل "سنلعب مجددًا".
وتحيل لوحات المعرض إلى المدارس التعبيرية التجريدية والتفكيكية التكعيبية، وتعتمد بشكل أساسي على تجسيد الفكرة بطريقة عفوية وطبيعية، تجمع بين التكثيف العاطفي للفكرة والاقتصاد في الألوان التي جاءت ضمن خطوط قوية وواضحة لترسم حدود الشكل الخارجي وتوضح علاقته بمحيطه وارتباطاته به.
وتستند لوحات الشوا في الغالب على تصوير لقطات مستمدة من الواقع يجري العمل عليها وتكثيفها لإنشاء شكل مجرد غير أن به طاقة تعبيرية عالية.
ويستخدم الفنان بشكل رئيسي ألوان الأكريليك والزيت، ويقوم بمعالجة لوحاته باستخدام طبقة لونية دافئة للخلفية، مع إضافة ألوان أكثر برودة فوقها، مما يسمح للظلال بالتوهج والتسلل إلى السطح بخفة.
وزيد الشوا درس الهندسة في الجامعة الأردنية، وحصل على درجة الماجستير في إدارة الأعمال من الجامعة الأميركية في دبي. شارك في العديد من المعارض الجماعية.