'مدائن التراث' بشنقيط يضيء على ثراء الثقافة الموريتانية
شنقيط (موريتانيا) - انطلقت الجمعة في مدينة شنقيط شمالي البلاد الدورة الثالثة عشرة لمهرجان مدائن التراث، التظاهرة التي تنظم بالتناوب بين أربعة مدن تاريخية موريتانية مصنفة كتراث عالمي من طرف منظمة اليونسكو، بهدف تثمين مقدراتها وإبراز تراثها الثقافي.
وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني خلال إشرافه على افتتاح المهرجان إن مدينة شنقيط اتسمت لحقب مديدة بمركزيتها في التبادلات التجارية بين جنوب الصحراء وشمالها، وبإشعاعها الثقافي وصيت علمائها.
وأشار إلى أنه سبق أن تعهد في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 من شنقيط، بأن يصير هذا المهرجان مهرجانا إنمائيا بقدر ما هو مهرجان ثقافي، وعملا على الوفاء بهذا الالتزام تمت التعبئة لنسخ المهرجان الماضية ما يربو على ستة عشر مليار أوقية قديمة لصالح مختلف جوانب التنمية في مدائن التراث بما فيها جوَل.
وأضاف أن المهرجان يهدف في المقام الأول إلى ترقية المدن التاريخية، وكنوزها الفريدة، ومدها بأسباب البقاء والتطور والنماء، وفي الوقت ذاته، يهدف إلى تقوية الإحساس لدى المواطنين عموما بضرورة التمسك بما اتسم به بناة هذه المدائن من قدرة فائقة على الصمود.
وحضر الافتتاح إلى جانب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، وفود من دول أفريقية وعربية، وممثلون عن منظمات دولية وإقليمية والعديد من الكتاب والباحثين من داخل وخارج البلاد.
وتضمنت السهرة الثقافية الأولى حكايات شعرية فصيحة وشعبية مجدت تراث المدن التاريخية من مخطوطات ومكتبات عريقة، مثمنة النتائج الإيجابية التي حققتها المدن القديمة من خلال تنظيم هذا المهرجان.
وشهد حفل الافتتاح أيضا مداخلات من شخصيات دولية وازنة، ثمنوا هدف المهرجان ودوره التنموي الهام، وكذا أهميته في صون الموروث الحضاري للبلد، لافتين إلى مكانة شنقيط التاريخية ودور علمائها الطلائعي في نشر العلم عالميا.
وتخللت فعاليات السهرة مدائح نبوية، وإلقاءات شعرية ذكرت بالأدوار التاريخية، التي لعبتها المدن الموريتانية القديمة، وخاصة مدينة شنقيط التي ذاع صيت سكانها واشتهرت بالعلم والمثابرة والجد.
وشملت السهرة عروضا مسرحية عكست التنوع الثقافي الثري للشعب الموريتاني، وأظهرت أهميته في تعزيز الوحدة الوطنية وصيانة التراث الثقافي الموريتاني، كما شهدت السهرة مشاركات لفرقٍ فنية من كل من المغرب وإسبانيا.
وعرفت فعاليات اليوم الثاني من المهرجان مشاركة فرق فنية ومسرحية وشعراء من مختلف مناطق موريتانيا، فقد قدمت الفرق، السبت، عروضا فنية وفلكلورية ورقصات شعبية، بالإضافة إلى سباقات الإبل ومعارض للصناعة التقليدية الموريتانية.
ويطمح المهرجان في نسخته الجديدة إلى أن يكون واجهة لاكتشاف أصالة وتنوع الموروث الثقافي لموريتانيا وللبلدان المشاركة أيضا.
وزارت الوفود المشاركة في المهرجان الذي يستمر حتى السابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول الجاري المكتبات التاريخية في المدينة واطلعت على المخطوطات فيها.
ويشارك المغرب في الدورة الثالثة عشرة للمهرجان بوفد يضم عز الدين كرا ممثلا لقطاع الثقافة، وأستاذ العلاقات الدولية عبدالفتاح البلعمشي، والشاعرين الطالب بوي لعتيك وعبدالواحد بروك، إضافة إلى مجموعة تراث فاس. كما يشارك في المهرجان وفد جزائري يرأسه وزير الثقافة زهير بللو، بالإضافة للعديد من الخبراء والباحثين والأكاديميين.
وتشارك في فعاليات المهرجان وفود من منظمات ومؤسسات دولية وإقليمية بينها اليونسكو، ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".
وكان المهرجان الذي حلت المغرب ضيف شرف على دورته سنة 2019 بشنقيط، يسمى سابقا "مهرجان المدن القديمة" قبل أن يتقرر تغيير اسمه عام 2021، لينظم بالتناوب بين المدن التاريخية، شنقيط، وادان، تيشيت، وولاتة، والتي كانت مراكز للعلم ومحطات للقوافل التجارية المتنقلة بين غرب وشمال أفريقيا.
وقد تبنى المهرجان في نسخته الجديدة مقاربة تنموية أيضا عبر اعتماد حزمة من المشاريع في مجال الخدمات الأساسية والبنى التحتية وخلق مشاريع مدرة للدخل، إضافة إلى تدخلات اجتماعية لفائدة الفئات الهشة.
وستستمر فعاليات المهرجان لمدة خمسة أيام يتم خلالها إقامة ندوات وسهرات فنية وفلكلورية، بالإضافة لإقامة معارض بينها معرض يضم كتبا متنوعة، ومنشورات ومخطوطات موريتانية نادرة، يتناول جلها الموروث الثقافي المادي وغير المادي، كما يضم المعرض أجنحة للصناعة التقليدية المحلية بمختلف مكوناتها.
ويعتبر المهرجان تظاهرة سنوية تهدف الحكومة من خلالها إلى إعادة الاعتبار للمدن الأربعة القديمة بموريتانيا وهي وادان، شنقيط، ولاته ووتيشيت.
ومدينة شنقيط هي التي عرفت البلاد باسمها لقرون، وكان لها دور ثقافي واقتصادي بارز على الطرق التجارية القديمة، وبمنطقة غرب أفريقيا. وتصنف منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم يونسكو شنقيط موقعا للتراث العالمي، حيث استطاعت الحفاظ على نمطها المعماري الاستثنائي منذ 7 قرون، وتضم نحو 20 مكتبة تحوي آلاف المخطوطات.