سباق تحالفات عنوان المشهد السياسي العراقي استعدادا للانتخابات التشريعية
بغداد - مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية العراقية، بدأت ملامح التحالفات السياسية بالظهور، عبر قوائم منفردة وأخرى متجمعة، حيث كشف مصدر سياسي عن تشكيل جبهة سياسية مدنية تضم رؤساء وزراء سابقون.
ونقلت وكالة شفق نيوز المحلية، عن مصدر مطلع أن الجبهة ستتكون من رئيسي الوزراء الأسبقين، حيدر العبادي، وإياد علاوي، وعدنان الزرفي (كلف سابقاً بتشكيل الحكومة)، وصالح المطلك، بالإضافة إلى النائب سجاد سالم، مع شخصيات سنية وشيعية أخرى من محافظات البصرة والأنبار وصلاح الدين ونينوى.
وأشار المصدر إلى أن "الجبهة ستدخل الانتخابات في مناطق العراق كافة، ولن تكتفي بالمحافظات التي انضمت إليها هذه الشخصيات".
ويبدو من خلال مسار الأوضاع السياسية في البلاد والضغوط الداخلية والخارجية التي تتعرض لها الحكومة أن خوض الانتخابات القادمة لن يكون سهلا سواء على مستوى التحالفات السياسية التي تسبقها أو فيما يتعلق بإمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المقرر دستوريًا.
وتشهد مختلف محافظات الوسط والجنوب والشمال زيارات مكوكية لشخصيات سياسية، مع عقد تحالفات وراء الكواليس تحضيرًا للمشهد القادم، خاصة في محافظات كربلاء والنجف والبصرة والأنبار ونينوى وبغداد وواسط وذي قار التي تشكّل الثقل السكاني للبلاد.
عودة التيار الصدري إلى المشهد تهدد الكتل السياسية الشيعية الأخرى مع تركيزه على حشد مئات الآلاف من أتباعه انتخابيًا
ويأتي هذا التحرك مع استمرار الغموض في موقف التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، الذي دعا أنصاره لتحديث سجل الناخبين والحصول على بطاقة الناخب البيومترية، الأمر الذي أعطى انطباعًا مباشرًا للكتل السياسية الأخرى عن احتمالية كبيرة للعودة إلى المشهد السياسي بعد قرابة 3 سنوات على اعتزال الصدر للعمل السياسي.
وتخشى الكتل السياسية الشيعية من عودة التيار الصدري إلى المشهد السياسي، حيث أن انتخابات عام 2021 شهدت استحواذ التيار على نصيب الأسد في البرلمان، فضلًا عن تخوفها من تكرار الصدر لذات النهج وعدم تحالفه مع التيارات الشيعية الأخرى، وهو ما بدا مؤكدًا بعد تأكيد وزير الصدر على عدم إمكانية تحالف التيار الوطني الشيعي مع من سماهم بـ "الفاسدين".
وفي حال عودة التيار الصدري إلى المشهد فإن حصة الكتل السياسية الشيعية الأخرى ستتقلص بشكل كبير، بعد ابتعاد التيار عن المشهد السياسي لأكثر من عامين وتركيزه اليوم على حشد مئات الآلاف من أتباعه انتخابيًا، وهو ما تفتقره جميع التيارات السياسية الشيعية الأخرى.
ومما يزيد التخوف من التيار الصدري هو امتلاكه لقوة مسلحة كبيرة تتمثل بسرايا السلام التي دخلت في اشتباكات عنيفة داخل المنطقة الخضراء في نهاية شهر أغسطس/ آب 2022 مع فصائل مسلحة مثل العصائب وغيرها إثر الخلافات السياسية التي سبقت تكليف محمد شياع السوداني برئاسة الحكومة.
ومطلع يناير/ كانون الثاني الماضي، عقدت الرئاسات الثلاث، اجتماعاً بحثت فيه جملة ملفات، أبرزها الاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية 2025 ووجوب توفير المستلزمات اللوجستية والفنية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات.
وفي يوم 13 يناير/كانون الثاني الماضي، صوت مجلس النواب خلال جلسته الاعتيادية، على تمديد عمل مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات، وذلك بعد أن قرر القضاء العراقي، تمديد مدة ولاية أعضاء مجلس المفوضية الدورة الحالية لمدة سنتين.
وتمر القوى السياسية الشيعية، بأزمات عديدة نتيجة للصراعات والخلافات في وجهات النظر بشأن الانتخابات المقبلة، وعدم الوصول إلى رأي موحد بشأن تعديل قانون الانتخابات.
ويعد قانون الانتخابات أول معضلة تواجهها الكتل السياسية في البلاد، إذ تسعى جهات سياسية معينة لإجراء تعديل جديد على قانون الانتخابات يتماشى مع مصالحها والخرائط السياسية الشعبية الجديدة بعد 3 سنوات من عمر الحكومة الحالية التي يترأسها محمد شياع السوداني.
وتطمح كتل سياسية شيعية رئيسية مثل ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لإجراء تعديل جديد لقانون الانتخابات، في مسعى لإضعاف قدرة السوداني على الظفر بالانتخابات المقبلة، في الوقت الذي تفضل فيه كتل سياسية شيعية أخرى المضي بذات القانون الذي اعتمد في انتخابات مجالس المحافظات في ديسمبر/ كانون الأول 2023.
وتقول المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بأنها ستجري الانتخابات وفقاً لقانون الانتخابات الحالي، الذي يحدد 329 مقعداً في مجلس النواب، دون تغيير في عدد المقاعد بناءً على التعداد السكاني الأخير.
وتحدثت مصادر عن استحالة تمرير التعديلات التي يطالب بها ائتلاف دولة القانون، لا سيما أن الكتل الشيعية الأخرى ليست على وفاق تام مع المالكي أو فيما بينها، حيث ترفض كتل شيعية رئيسية أخرى أي تعديل على قانون الانتخابات خشية أن يصب في صالح ائتلاف دولة القانون أو خشية من إثارة نقمة التيار الصدري، مع الأخذ بالاعتبار التغيرات في الشرق الأوسط عقب انهيار حزب الله وسقوط الأسد في سوريا وتراجع النفوذ الإيراني.
وفي 2014 أصدر البرلمان قانوناً جديداً للانتخابات، اعتمد فيه نظام "سانت ليغو" وفق نسبة 1.7، لكن هذه المعادلة شهدت تغييرا في انتخابات 2018 الذي شهد تعديل جديد على القانون، وجرى اعتماد نسبة 1.9.
وشهد القانون تغييراً جذرياً عام 2020، استجابة لمطالب المتظاهرين في حينها، إذ اعتمد على الأكثرية بدلاً من النسبية، وقسم المحافظة التي كانت في القوانين السابقة دائرة واحدة إلى عدة دوائر انتخابية.
وتحتم القوانين النافذة في البلاد إجراء الانتخابات التشريعية قبل 45 يومًا من تاريخ انتهاء عمر البرلمان، الذي يصادف في 9 يناير/ كانون الثاني 2026، حيث يتوجب على الحكومة إجراء الانتخابات في شهر أكتوبر/تشرين الأول أو نوفمبر/ تشرين الثاني القادمين على أقصى تقدير.