سلّم زمام مكالماتك المملة لـ 'جينسبارك' ودعه يتصل من أجلك

الشركة الأميركية تحدث نقلة في مجال الذكاء الاصطناعي عبر ميزة تُمكن وكلاء ذكيين من تنفيذ مكالمات حقيقية بلسان بشري نيابة عن المستخدمين ما يُحدث تحولا جذريا في التفاعل مع الخدمات اليومية.

بالو ألتو (كاليفورنيا) - في عالم يتسارع فيه تطور الذكاء الاصطناعي، برزت شركة "جينسبارك" كأحد الأسماء الرائدة في مجال الوكلاء الذكيين المتقدمين خاصة مع طرحها ميزة "اتصل من أجلي" وفتحها للعموم.

وتشكل الميزة نقلة نوعية في قدرة الذكاء الاصطناعي على تنفيذ مهام حقيقية نيابة عن المستخدمين، عبر إجراء مكالمات هاتفية بلسان بشري واقعي.

وتعتمد هذه التقنية على نماذج لغوية متطورة وقدرات تفاعلية لحظية، مما يجعلها أداة فعّالة في مجالات مثل الحجوزات والخدمات اللوجستية والدعم الفني.

وتعتمد "اتصل من أجلي" على بنية متعددة الوكلاء (Multi-Agent System)، حيث يعمل كل وكيل على معالجة جانب محدد من المهمة.

وعلى سبيل المثال، عند طلب حجز طاولة في مطعم، يتولى أحد الوكلاء تحليل المطاعم المتاحة بناءً على تفضيلات المستخدم، بينما يتفاوض وكيل آخر مع الموظف عبر الهاتف. تتم هذه العمليات عبر دمج مجموعة واسعة من الأدوات وقواعد البيانات المخصصة، مما يضمن دقة وسرعة في التنفيذ.

يتميز الوكيل الذكي باستخدام صوت بشري طبيعي، تم تطويره عبر تقنيات تعلم عميق تُحاكي نبرات الصوت البشري وتقلد التفاعلات العاطفية البسيطة. خلال المكالمة، يستطيع الوكيل فهم السياق، مثل طلب تفاصيل إضافية حول القائمة أو تعديل موعد الحجز، بل والتفاوض في حال وجود تعارض في المواعيد. في إحدى العروض التوضيحية، أجرى الوكيل مكالمة مع مطعم في لاس فيغاس، حيث تفاعل بسلاسة مع الموظف، وتمكن من حجز طاولة مع مراعاة حساسية مأكولات بحرية وطلب غرفة بعيدة عن المصعد.

من الخدمات اليومية إلى القطاعات المتخصصة

تُستخدم الميزة حاليًا في الولايات المتحدة وكندا واليابان لتنفيذ مهام مثل حجز المواعيد الطبية ومتابعة شحنات التوصيل. على سبيل المثال، يمكن للمستخدم إخبار الوكيل: "استفسر عن موعد وصول الشحنة رقم X"، فيقوم الأخير بالاتصال بمركز الخدمة، ويُعيد توجيه المعلومات عبر تقرير مفصل يتضمن التسجيل الصوتي وملخصًا كتابيًا.

بدأت بعض الشركات تبني هذه التقنية لتحسين خدمة العملاء. في قطاع الضيافة، تُستخدم الميزة للرد على استفسارات الزبائن حول توفر الغرف أو الخدمات الإضافية، بينما في القطاع الصحي، تساعد في تذكير المرضى بمواعيدهم أو تأكيد الحجوزات. وفقًا لتجربة نُشرت على يوتيوب، تمكن الوكيل من تعديل حجز فندقي لعميل يرغب بغرفة ذات إطلالة على المدينة، دون أن يلاحظ الموظف أنه يتعامل مع ذكاء اصطناعي.

وتُلغي الميزة الحاجة إلى الانتظار في طوابير الهاتف أو تكرار المحاولات للوصول إلى ممثل خدمة عملاء. في المتوسط، تقلل المهام التي ينفذها الوكيل الوقت المستغرق بشكل كبير مقارنة بالطرق التقليدية.

نهاية عصر المكالمات البشرية؟

ٍوبفضل نماذج الذكاء الاصطناعي القائمة على تقنيات متقدمة مثل GPT-4.5 وLLaMa-3.1، يتمتع الوكيل بقدرة عالية على فهم الفروق الدقيقة في اللغة، مثل التعرف على اللهجات أو تفسير الطلبات الغامضة. أثناء مكالمة مع مركز دعم فني، تمكن الوكيل من تشخيص مشكلة تقنية بناءً على وصف المستخدم، وتوجيهه خطوة بخطوة لإصلاحها.

وتعتمد "جينسبارك" على تشفير البيانات من طرف إلى طرف، مما يضمن عدم تخزين المحادثات الصوتية أو مشاركتها مع أطراف ثالثة. بالإضافة إلى ذلك، تُحذف التسجيلات تلقائيًا بعد إرسال التقرير النهائي إلى المستخدم.

ورغم فعالية الميزة في الدول الناطقة بالإنجليزية واليابانية، إلا أن دعم اللغات الأخرى مثل العربية أو الفرنسية لا يزال محدودًا. كما أن التوفر الحصري في ثلاث دول يُقلل من إمكانية الوصول العالمي.

وأثارت التقنية جدلًا حول إمكانية استخدامها في انتحال الهوية أو التلاعب بالآخرين. ردًا على ذلك، أعلنت "جينسبارك" عن إضافة بصمة صوتية رقمية تُعلن عن هوية الوكيل عند بدء المكالمة كإجراء وقائي.

وتخطط "جينسبارك" لدمج الميزة في أنظمة الذكاء الاصطناعي للشركات، مثل دعم عمليات التصنيع عبر مراقبة خطوط الإنتاج وإبلاغ الفنيين عن الأعطال تلقائيًا. هذا التوجه يتوازى مع استثمارات شركات كبرى أخرى تعمل على وكلاء ذكاء اصطناعي متخصصين للصناعة والخدمات العامة.

وبتمويل ضخم واستثمارات متزايدة، تُعد "جينسبارك" منافسًا محتملًا لشركات مثل غوغل ومايكروسوفت في مجال البحث الذكي والوكلاء الافتراضيين المتقدمين.

تهدف الشركة إلى تحويل الوكلاء الذكيين إلى "شركاء يوميين" يُدارون عبر أوامر صوتية بسيطة ومتكاملة مع الأجهزة المنزلية والمحمولة. بحلول السنوات القادمة، قد تدعم الميزة تفاعلات متعددة اللغات وتكاملًا أوسع مع الأجهزة الذكية مثل النظارات المعززة بالواقع الافتراضي.