تركيا تعيد تنشيط دور الوساطة لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا

عرض تركيا استضافة محادثات مباشرة بين موسكو وكييف لانهاء الحرب يعكس رغبتها في الانخراط بنشاط في حل النزاعات الإقليمية والدولية، لتعزيز صورتها كفاعل وازن على الساحة العالمية.

اسطنبول – عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على نظيريه الفرنسي امانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين التوسط في محادثات جديدة بين موسكو وكييف لإنهاء الحرب، معبرا عن استعادة بلاده لاستضافة مفاوضات بين طرفي الأزمة، في محاولة جديدة لتفعيل دور الوساطة حيث سبق لبلاده أن استضافت محادثات بين روسيا وأوكرانيا في المراحل الأولى من الصراع وحققت بعض التقدم في قضايا محددة مثل ممر الحبوب وهذا يعطيها دافعا لمواصلة جهود الوساطة.

ويعكس العرض رغبة تركيا في الانخراط بنشاط في حل النزاعات الإقليمية والدولية، مما يعزز صورتها كفاعل مسؤول ومهم على الساحة العالمية كما من شأن ذلك أن يعزز من مصداقيتها كطرف محايد وقادر على بناء الثقة بين الأطراف المتنازعة.

وتتمتع أنقرة بعلاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا، مما يمنحها ميزة نسبية في محاولة تقريب وجهات النظر وتسهيل الحوار.

وتركيا دولة مجاورة لمنطقة الصراع في البحر الأسود ولها مصالح اقتصادية وأمنية متأثرة بالتوترات بين روسيا وأوكرانيا. لذا، تسعى أنقرة إلى تحقيق الاستقرار لخدمة مصالحها الوطنية.

واستضافة المحادثات تهدف إلى خفض حدة التوتر ومنع المزيد من التصعيد في الصراع، الذي قد يكون له تداعيات سلبية على المنطقة بأسرها.

كما يعكس العرض التركي إيمان أنقرة بأن الحل الدائم للصراع لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال المفاوضات والحوار الدبلوماسي.

وللأتراك علاقات اقتصادية مهمة مع كل من روسيا وأوكرانيا، بينما تسعى أنقرة للحفاظ عليها وتجنب أي تدهور قد يؤثر على تجارتها واستثماراتها.

وقد تطمح تركيا للعب دور مهم في إعادة إعمار أوكرانيا بعد انتهاء الصراع، واستضافة المحادثات يمكن أن يضعها في موقع جيد لتحقيق ذلك.

وتحاول من خلال عرضها الأخير إظهار الالتزام بالسلام في رسالة إلى المجتمع الدولي بأنها تسعى بنشاط لإيجاد حل سلمي للصراع.

وأفادت الرئاسة التركية الأحد بأن أردوغان أكد لبوتين خلال اتصال هاتفي بأن تركيا "مستعدة لاستضافة" المفاوضات الروسية الأوكرانية، مشددا على أن "هناك فرصة" لتحقيق السلام بين موسكو وكييف ومؤكدا أن "محادثات السلام بين روسيا وأوكرانيا ستستأنف في إسطنبول حيث توقفت في العام 2022".

وأكد الرئيس التركي خلال الاتصال أن "تركيا مستعدة لاستضافة أي مفاوضات رامية للتوصل إلى حل دائم"، بحسب ما أفاد مكتبه الأحد.

في وقت سابق، تحدث أردوغان هاتفيا مع ماكرون العائد من كييف مؤكدا بلوغ الجهود الرامية لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا "نقطة تحوّل تاريخية".

ونقلت الرئاسة التركية عن أردوغان قوله لماكرون "تم بلوغ نقطة تحول تاريخية في الجهود الرامية لإنهاء الحرب بين أوكرانيا وروسيا. ينبغي استغلال هذه الفرصة. وتركيا مستعدة لتقديم كل أشكال الدعم، بما في ذلك استضافة المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار وسلام دائم".

وأفادت الرئاسة الفرنسية بأن ماكرون تحدث مع نظيره التركي خلال الاتصال عن "أعماله (السبت) في كييف".

والسبت، وجّهت كييف والدول الغربية الحليفة لها بالتشاور مع الولايات المتحدة إنذارا إلى موسكو لدفعها إلى القبول بوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما اعتبارا من الإثنين، تحت طائلة تعرّضها لـ"عقوبات هائلة".

من جهته، طرح بوتين إجراء مفاوضات مباشرة "بلا شروط" بين الجانبين في 15 مايو في إسطنبول، من دون أن يوافق على مقترح وقف إطلاق النار لمدّة 30 يوما الذي قدّمه الأوروبيون بدعم من الولايات المتحدة. وأعربت كييف عن استعدادها لإجراء مفاوضات مباشرة مع موسكو.

وتركيا هي العضو الوحيد بين أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي ما زال على تواصل مع كلّ من موسكو وكييف، غير أن أنقرة تشدّد على تمسّكها بوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها.

وزار الرئيس الفرنسي كييف السبت في إطار "تحالف الدول الراغبة" بدعم أوكرانيا، إلى جانب المستشار الألماني فريدريش ميرتس ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، حيث التقوا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.