تونس تطرح استضافة حوار بين الليبيين لإنهاء العنف

مجلس النواب يعلن التنسيق مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة مع استمرار المظاهرات المطالبة باستقالة الدبيبة.
حكومة الوحدة تعلن مقتل عنصر أمني في محاولة اقتحام متظاهرين لمكتب الدبيبة

تونس - دعت تونس، مساء الجمعة، إلى وقف فوري للتصعيد في ليبيا، وأبدت استعدادها لاستضافة حوار ليبي برعاية أممية من أجل التوصل إلى حل سياسي ووقف أعمال العنف، فيما استمرت الاشتباكات ليلا بين قوات موالية لحكومة عبدالحميد الدبيبة ومتظاهرين يطالبون باستقالتها، بينما أكد مجلس النواب التنسيق مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار شخصية وطنية لتشكيل حكومة جديدة.
وأعربت الخارجية التونسية في بيان عن "انشغالها العميق إزاء التطورات الأمنية الخطيرة في العاصمة الليبية طرابلس، وما تمثله من تداعيات جسيمة على أمن وسلامة الليبيين والمقيمين في ليبيا".
وحثت على "ضرورة نبذ العنف، والكف عن استخدام السلاح، وتحكيم لغة الحوار كسبيل وحيد لحل الخلافات بين الأشقاء الليبيين" مشددة على أهميّة "إيلاء مصلحة الوطن وذلك في كنف التوافق بين كل الأطراف الليبية، بما يكفل الانخراط في مسار شامل تحت مظلة الأمم المتحدة، ويفضي إلى إنهاء العنف والتقدّم بالعملية السياسية نحو تنظيم انتخابات وإرساء مؤسسات موحدة ودائمة للدولة، تراعي مصالح كل الليبيين".

وأعربت "عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة بليبيا، لبلوغ الحل السياسي، بما يحفظ وحدة ليبيا ويستجيب لتطلعات الشعب الليبي في الأمن والاستقرار".
وكانت تونس استقبلت في فترة سابقة جلسات حوار بين الليبيين على غرار عدد من دول المنطقة وذلك بهدف التوصل لتوافقات تنهي الانقسام.
وقد دعا مئات المتظاهرين الليبيين أمس الجمعة إلى استقالة رئيس الحكومة المعترف بها دوليا عبدالحميد الدبيبة، وأعلنت الحكومة مقتل أحد أفراد قوات الأمن عندما حاول بعض المتظاهرين اقتحام مكتبه.
واستقال عدد من الوزراء تعاطفا مع المتظاهرين الذين يطالبون باستقالة رئيس الحكومة لكن حكومة الوحدة الوطنية نفت المعطيات.
وتجمع المتظاهرون في ميدان الشهداء بطرابلس ورددوا شعارات تطالب بإسقاط الحكومة وإجراء انتخابات. وسار المتظاهرون بعد ذلك إلى المبنى الحكومي الرئيسي في وسط المدينة. وقال أحد المتظاهرين "لن نغادر حتى يرحل".
ورفع المتظاهرون صورا للدبيبة، ومستشار الأمن القومي إبراهيم الدبيبة، ووزير الداخلية عماد الطرابلسي، وقد وضعت علامة خطأ باللون الأحمر على وجوههم.
وأعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في بيان أن "العمليات الفنية والتشغيلية في كافة الحقول والموانئ النفطية تسير بشكل طبيعي وآمن... العمل مستمر بشكل منتظم لعمليات إنتاج وتصدير النفط والغاز". وبلغ إنتاج النفط خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 1376415 برميلا.
ووصل الدبيبة، الذي يقود حكومة الوحدة الوطنية في الدولة المنقسمة، إلى السلطة عبر عملية دعمتها الأمم المتحدة عام 2021. وكان من المقرر إجراء انتخابات في ذلك العام لكنها تعطلت بسبب خلافات بين الفصائل المتنافسة، ومن ثم ظل رئيس حكومة الوحدة في السلطة حتى ذلك الحين.
وأعلنت المنصة الإعلامية الحكومية في بيان مقتل أحد أفراد قوات حماية المباني التابعة لها، ونشرت مقطعا مصورا يُظهر تدمير سور المبنى وحجارة على الأرض.
وأضافت في البيان "أحبطت الأجهزة الأمنية محاولة اقتحام نفذتها مجموعة مندسة ضمن المتظاهرين استهدفت مبنى رئاسة الوزراء".
وقال رجل الأعمال وائل عبدالحافظ أمس "نحن هنا... للتعبير عن غضبنا على الدبيبة وكل من هم في السلطة منذ سنوات، والذين يمنعون الانتخابات. عليهم أن يتركوا السلطة".
وتزايدت الدعوات لاستقالة الدبيبة بعد اندلاع اشتباكات بين اثنتين من الجماعات المسلحة المتنافسة في العاصمة قبل أيام في أعنف قتال منذ سنوات. وقالت الأمم المتحدة إن ثمانية مدنيين على الأقل لقوا حتفهم.
وأعلن مجلس النواب الليبي، التنسيق مع المجلس الأعلى للدولة لاختيار شخصية وطنية لتشكيل الحكومة الجديدة.

وقال "نستنكر قيام مجموعة مسلحة تابعة لحكومة الدبيبة المقالة بإطلاق النار على المتظاهرين" فيما طالب النائب العام بالتحقيق معه في حوادث اطلاق النار على المحتجين.
من جانبه قال المجلس الأعلى للدولة في بيان ان الحكومة "فقدت شرعيتها سياسيًا وقانونيًا وشعبيًا، ولم تعد تمثل إرادة الليبيين، وعليه فإنها تُعد حكومة ساقطة الشرعية ولا يجوز لها الاستمرار في ممارسة مهامها.
وردا على الدعوات قال رئيس حكومة الوحدة الوطنية إن رؤية حكومته تنطلق من أن "تحقيق الاستقرار الدائم في ليبيا يمر عبر إنهاء جميع الأجسام التي جثمت على السلطة منذ أكثر من عقد، وأسهمت في إطالة أمد الانقسام السياسي وتعطيل بناء الدولة".
وشدد على أن " حق التظاهر السلمي هو أحد مكاسب الثورة وقد ظل متاحًا في مناطق غرب ليبيا، ويجري التعبير عنه بكل حرية ضمن الأطر القانونية واحترام مؤسسات الدولة".
واندلعت أعمال العنف بعد أن أمر رئيس الوزراء يوم الثلاثاء بتفكيك الجماعات المسلحة. واتهم المتظاهرون الدبيبة بالتقاعس عن استعادة الاستقرار والتواطؤ في تنامي نفوذ الجماعات المسلحة.
واستقال وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج ووزير الحكم المحلي بدر التومي ووزير الإسكان والتعمير أبو بكر الغاوي أمس الجمعة.
وقُتل قائد كبير لإحدى الجماعات المسلحة يدعى عبد الغني الككلي، المعروف باسم غنيوة يوم الاثنين في الاشتباكات، التي هدأت يوم الأربعاء بعد إعلان الحكومة وقف إطلاق النار.
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن قلقها إزاء "التصعيد الأخير للعنف في طرابلس". وقالت "يتعين على الأطراف اتخاذ تدابير لحماية المدنيين والممتلكات العامة مع منح المستشفيات حماية خاصة".
ولم تنعم ليبيا باستقرار يذكر منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011 وأطاحت بمعمر القذافي. وانقسمت البلاد في عام 2014 بين فصائل متنافسة في الشرق والغرب لكن هدنة في عام 2020 منعت انزلاق البلاد إلى حرب كبرى. ويهيمن خليفة حفتر قائد قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) على شرق البلاد منذ 10 سنوات، فيما تنقسم السيطرة على طرابلس وغرب ليبيا بين العديد من الفصائل المسلحة.
تقع منشآت النفط الرئيسية في ليبيا، المُصدّر الرئيسي للطاقة، في جنوب وشرق البلاد، بعيدا عن القتال في طرابلس. وأفاد مهندسون في عدة حقول نفطية وموانئ تصدير لرويترز بأن الإنتاج لم يتأثر بالاشتباكات.