وداعا يا حبيبي
انطلق د.هيثم الزبيدي بموقع ميدل إيست أونلاين في العام 2000 وخلال فترة وجيزة حقق الموقع مصداقية واسعة بين الصحفيين والإعلاميين العرب الذين كانوا يتابعون من خلاله الوقائع والأحداث السياسية العربية، وينقلون عنه باعتباره مصدرا، خاصة أنه خصص بوابة لكل دولة عربية من الخليج إلى المحيط، ولتحقيق جمهور أوسع كانت أبواب الرأي والثقافة والفنون والرياضة. في هذه الفترة كان رحمه الله هو القائم على أمر التحرير والنشر والتكليف، يكلف ويصحح وينقح ويضع الملاحظات ومتى طُرق عليه الباب بسؤال أو استفسار تجده حاضرا بصدر رحب يشرح ويفسر ويضع النقاط على الحروف..
ظل الموقع لسنوات يقوم على جهده وتمويله الخاصين، بدأت معه في العام 2001، لم يكن يملك القدرة على الدفع المادي، لكنه كان يملك الأهم: القيم الإنسانية النبيلة، فقد وقف إلى جواري حين توفى أخي الأوسط والأكبر ثم والدتي، كان يحدثني هاتفيا أو على "الماسنجر".. عملت معه في البداية دون التزام بعدد الموضوعات، لكني عندما وجدت أن الموضوعات تحقق لي حضورا صحفيا وأن هناك احتراما وتقديرا من مصادري للموقع، زدت من عدد موضوعاتي.
وفور أن منّ الله عليه بتمويل يسمح له بدفع مكافآت، اتصل بي محددا عدد الموضوعات المطلوبة أسبوعيا ـ 4 موضوعات ـ مؤكدا أن المكافأة بسيطة، لكن الأهم عندي كان هو الإمساك بتلابيب هذا المعلم والمثقف والمفكر والسياسي، ومن هنا بدأت معه عمرا وعملا صحفيا جديدا تماما، تحقيقات وحوارات فنية وثقافية وفكرية واجتماعية، هو يكلف ويساعد في اقتراح المتحدثين بالنسبة للتحقيقات التي كثيرا ما كانت تنشر على حلقات.
كان حريصا أن يكون ميدل إيست أونلاين بوابة المتابع العربي الأولى، حريصا على حرفية ومهنية ومصداقية ما ينشر، وأن يكون له السبق ليس على مستوى الخبر وحده ولكن أيضا على مستوى ما وراء الخبر.. ومن هنا كان يقظا على الدوام في تدقيقه، هو الذي يتابع على مدار الساعة مجريات الأحداث.
وكانت النخبة التي اختارها لمساعدته على قدر ما أمل تحقيقه لميدل إيست أونلاين من تفرد وحضور إعلامي، وعلى الرغم من أنه كان حلقة وصلي الوحيدة، حيث لم أكن أعرف سواه، لكن مع مرور الوقت تعرفت على كرم نعمه وشاكر رفايعه وأحمد فضل شبلول...
وعندما تولى مسؤولية جريدة العرب، أذكر أنه طلب منى وأظن أنه طلب من جميع أفراد فريقه في ميدل إيست أونلاين وضع تصور لتطوير الجريدة، لتخرج على ما هي الآن على كافة المستويات بما في ذلك الإخراج الفني.
أخيرا أنا حزين على فقده، ابكي، ولما لا أبكي على فقدي منة من منن الله عليّ.. كنت أظن أن أرحل قبله فيأتي إلى القاهرة معزيا أبنائي حاضنا إياهم، ومقبلني قبلة الوداع، لكنها إرادة الله.. كم كنت أتمنى أن أقبلك أخي وصديقي ومعلمي قبلة الوداع.. رحمك الله وغفر لك، وألحقني بك علي خير.