لبنان يتفاوض مع النقد الدولي على برنامج لتنفيس أزمات معقدة
بيروت - احتضنت بيروت اليوم الاثنين جولة مفاوضات بين حكومة نواف سلام ووفد عن صندوق النقد الدولي، فيما تركزت المباحثات على برنامج دعم، في وقت يسعى فيه البلد إلى تنفيذ حزمة إصلاحات اقتصادية بهدف الحصول على تمويلات لتنفيس أزماته المالية والاقتصادية.
وتأتي هذه الجولة التفاوضية استكمالا للمحادثات التي بدأت الأسبوع الماضي وتم خلاها بحث المبادئ الأساسية التي سترتكز عليها السياسات المالية للمرحلة المقبلة القادرة على ضمان تعزيز الاستقرار المالي وتحفيز النمو المستدام، وفق الحكومة اللبنانية.
وتوقعت مصادر مطلعة التوصل إلى اتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي خلال الأشهر القادمة، فيما رجّح وزير المالية اللبناني ياسين جابر في وقت سابق أن "تتضح الأمور أكثر فأكثر بحلول الخريف".
ويشكل تنفيذ الإصلاحات المطلوبة تحديًا كبيرًا في ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة في لبنان، بينما تتطلع حكومة سلام إلى استعادة ثقة المجتمع الدولي ما يعزز قدرتها على الحصول على تمويلات من الجهات الدولية واستقطاب استثمارات يحتاجها البلد الذي يئن تحت وطأة دوامة مالية طاحنة.
وتركزت المناقشات بين وفد من الخبراء بصندق النقد الدولي والحكومة اللبنانية على الإصلاحات الهيكلية الضرورية في مختلف القطاعات، بما في ذلك قطاع الكهرباء والمصارف والجمارك.
وصرح وزير المالية بأن مسألة ودائع العملاء في المصارف من الأولويات في المفاوضات مع النقد الدولي، مؤكدا أنه لا توجد ضرائب جديدة لزيادة الدخل، وأن الهدف هو تحسين تحصيل وجباية الضرائب الحالية.
ويشكل ملف المصارف ومسألة الودائع وإعادة هيكلة الدين العام من الأولويات الرئيسية لصندوق النقد الدولي، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات لحل معضلة الفجوة المالية.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 أزمة مالية واقتصادية حادة، تعتبر من بين الأسوأ على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر بحسب تصنيف البنك الدولي، إذ أدت إلى انهيار العملة المحلية وتفشي الفقر والبطالة ونقص حاد في السلع الأساسية، وتدهور كبير في الخدمات العامة.
ويرى مراقبون أن لبنان دفع باهظا ثمن استشراء الفساد في المؤسسات الحكومية والإفراط في الإنفاق العام واعتماد الاقتصاد بشكل كبير على قطاعات غير منتجة مثل العقارات والسياحة والتحويلات من الخارج، وإهمال المجالات الإنتاجية.
وفاقم انهيار الليرة اللبنانية، التي فقدت أكثر من 98 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي، متاعب الاقتصاد وأدت إلى تدهور المقدرة الشرائية للمواطنين، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.
وتعيش غالبية اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقد الكثيرون وظائفهم أو تدهورت قيمة رواتبهم، بينما واجهت الحكومة عجزا حد من قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وأعلنت حكومة سلام عن خطة تركز على استقطاب الاستثمارات خاصة الخليجية، وتمتين العلاقات العربية وتنفيذ إصلاحات في القطاع المصرفي والمالية العامة والطاقة ومكافحة الفساد.