اختبار الجنس يفجر جدلا حول الهوية الجندرية في الرياضة
أمستردام – فجر استبعاد الملاكمة الجزائرية ايمان خليف من بطولة هولندا للملاكمة جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والحقوقية حول الهوية الجندرية في الرياضة بعد فرض الاتحاد العالمي للملاكمة شرطا يلزم كل المشاركات والمشاركين باختبار الجنس.
ولن تشارك البطلة الجزائرية في بطولة كأس أيندهوفن للملاكمة في هولندا، فيما يأتي القرار بعد أقل من أسبوع من إعلان الاتحاد العالمي للملاكمة عن سياسة جديدة تلزم بإجراء فحص تحديد الجنس البيولوجي لجميع الرياضيين المشاركين في بطولاته، خاصة بعد الجدل الذي أحاط بخليف وعدد من الملاكمات في أولمبياد باريس 2024.
ولم يُدرج اسمها ضمن قوائم المتنافسات قبيل إغلاق باب التسجيل، وهو ما فُسّر على نطاق واسع على أنه استبعاد غير معلن، بسبب عدم خضوعها لاختبار تحديد الجنس ضمن المهلة المحددة من الاتحاد.
ونقلت تقارير إعلامية عن ديرك ريندرز مدير الإعلام في البطولة قوله إن "قرار استبعاد إيمان ليس قرارنا ونحن نأسف لذلك"، فيما عبّر يروين ديسلبلوم عمدة مدينة آيندهوفن عن رفضه الصريح للسياسة المتبعة.
وقال في رسالة وجهها إلى كل من الاتحادين الدولي والهولندي للملاكمة، إن "استبعاد الرياضيين بناء على اختبارات تحديد الجنس لا يتوافق مع روح الرياضة والانفتاح الذي ننشده".
وذكر تقرير لموقع 'سكاي سبورتس' أن الاتحاد العالمي للملاكمة اعتمد مؤخرا سياسة جديدة تحت مسمى 'الجنس والعمر والوزن'، تشمل اختبارا إلزاميا للجنس كشرط للمشاركة بدعوى الحفاظ على سلامة الرياضيين وتكافؤ الفرص بين الجنسين.
وهذا الشرط فجر جدلا واسعا في الأوساط الرياضية والحقوقية باعتبار أنه يحرم بطلات بارزات من خوض المنافسات الدولية، رغم إنجازاتهن المؤكدة، بينما تبقى ماركة إيمان خليف في المنافسات الدولية المقبلة معلقة إلى حين امتثالها لهذا الإجراء المثير للجدل، على الرغم من إنجازها الرياضي الباهر في أولمبياد باريس 2024.
وتصاعد الجدل حول أهلية إيمان خليف للمشاركة في فئة السيدات خلال أولمبياد باريس 2024، حيث فازت بالميدالية الذهبية.
وتلقى الاتحاد العالمي للملاكمة انتقادات بسبب "الانحياز وسوء إدارة ملف أهلية المشاركة النسائية" وذكر اسمها تحديدا في إعلانه عن السياسة الجديدة. وادعى البعض، بناء على تقارير طبية مسربة (غير مؤكدة رسميا من جهة مستقلة ومحايدة)، أن نتائج فحوص كروموسومية أجريت في مارس/اذار 2023 في نيودلهي أظهرت "نمط كروموسومي ذكري (XY)"، مما يعني بيولوجيا أنها "ذكر".
وتصر إيمان خليف نفسها على أنها "امرأة مثل أي امرأة أخرى"، وأنها ولدت وعاشت وتنافست كامرأة طوال حياتها، واصفة الاتهامات بأنها "كاذبة ومسيئة" و"ظلم ممنهج".
وفرض الاتحاد العالمي للملاكمة فحوص الأهلية الجنسية الإلزامية على جميع الرياضيين (ذكور وإناث) فوق 18 عاما الراغبين بالمشاركة في بطولاته، موضحا أن هذا القرار جاء لمعالجة "المخاوف بشأن سلامة ورفاهية جميع الملاكمين، بما في ذلك إيمان خليف".
وأبلغ الاتحاد الجزائري للملاكمة بأن مشاركة خليف في بطولة كأس أيندهوفن مشروطة بخضوعها لهذا الفحص وأنه لن يُسمح لها بالمشاركة في فئة السيدات في أي فعالية عالمية أخرى حتى تخضع لاختبار تحديد الجنس.
استمرار الجدل حول الهوية الجندرية
وتسلط هذه القضية الضوء مرة أخرى على التعقيد والتحديات المتعلقة بتحديد أهلية المشاركة في الرياضات النسائية، خاصة مع وجود اختلافات بيولوجية فردية. ويضع هذا النوع من الفحوصات ضغطا نفسيا هائلا على الرياضيين المعنيين ويُثير تساؤلات حول الخصوصية وحقوق الإنسان.
وهذا الاستبعاد يمثل محطة صعبة في مسيرة خليف الرياضية، خاصة بعد فوزها بذهبية أولمبياد باريس، بينما يبقى السؤال حول مستقبل مشاركاتها في البطولات الدولية ما لم تخضع للفحص أو يتم التوصل لحلول بديلة.
وواجه الاتحاد انتقادات واسعة بسبب طريقة إعلانه عن السياسة وذكره لاسم خليف، مما دفع رئيسه للاعتذار لاحقا. وهذا يشير إلى أن تطبيق هذه السياسات يحتاج إلى معايير أكثر وضوحا وشفافية وحساسية.
وهناك مطالبات متزايدة بوضع معايير علمية واضحة ودقيقة لتحديد أهلية الرياضيين والرياضيات، مع إشراك مختصين في علم الجينات والهرمونات والطب الرياضي، لضمان العدالة وحفظ كرامة الرياضيين.
وتلقت إيمان خليف دعما قويا من الشعب الجزائري والسلطات، مما يعكس تضامنا وطنيا معها في مواجهة هذه الأزمة.
وتظل قضية إيمان خليف نقطة محورية في النقاش العالمي حول الهوية الجندرية في الرياضة وتُبرز الحاجة إلى إيجاد توازن بين العدالة التنافسية وحماية كرامة الرياضيين.