واتساب بخطى تجارية حذرة نحو الإعلانات
سان فرانسيسكو (كاليفورنيا) - في خطوة طال انتظارها وتُعدّ تحولًا جذريًا في استراتيجيتها، أعلنت شركة "واتساب" الإثنين، عن إطلاق مساحات إعلانية جديدة ضمن منصتها، لتضع بذلك حدًا لمرحلة طالت أكثر من عقد من الزمن اتسمت بعزوف شبه تام عن الإعلانات.
هذه الخطوة تمثل بداية صفحة جديدة في مسيرة التطبيق الذي يُعد أحد أكثر تطبيقات المراسلة استخدامًا على مستوى العالم، بأكثر من 2 مليار مستخدم.
على عكس "فيسبوك" و"إنستغرام"، المنصتين الشقيقتين في مجموعة "ميتا"، احتفظ واتساب لسنوات بهوية تجارية فريدة، مرتكزها الأساسي تجربة مستخدم خالية من الإعلانات، ومحادثات مشفرة بالكامل، جعلته يحظى بثقة الملايين حول العالم. ومنذ استحواذ "ميتا" عليه عام 2014، بقي نموذج واتساب الربحي محدودًا، مقتصرًا على خدمات "واتساب بيزنيس"، التي تسمح للشركات بإرسال رسائل ترويجية للمستخدمين الذين يمنحون موافقتهم المسبقة، إضافة إلى بعض التجارب المحلية المحدودة.
لكن المشهد سيتغيّر قريبًا، وفق ما أعلنت الشركة، إذ ستُدرج المساحات الإعلانية الجديدة في تبويب "الأخبار"، الذي يدمج بين "الحالات" و"القنوات" — وهما ميزتان تشهدان نموًا متسارعًا ويستخدمهما أكثر من 1.5 مليار شخص يوميًا. وتستند هذه الخطوة إلى رؤية تعتبر أن هذا التبويب يشكل مساحة مثالية لتجريب أدوات ربحية لا تمس جوهر التجربة الخاصة بالمحادثات الشخصية.
إعلانات بملامح إنستغرامية دون خرق للخصوصية
ووفقًا لما كشفته الشركة، فإن المساحات الإعلانية الجديدة ستأخذ شكل منشورات ممولة ضمن "الحالات"، على غرار "القصص" في إنستغرام، إلى جانب خيارات ترويجية داخل دليل القنوات، واشتراكات مدفوعة تمنح مزايا إضافية لمتابعي بعض القنوات. ومع ذلك، تشدد "واتساب" على أن هذه الأدوات لن تطال المحادثات الخاصة، إذ تبقى مشفرة بالكامل بين الطرفين.
أكون واضحة تمامًا: ستظل رسائلكم ومكالماتكم مشفرة بالكامل
وأكدت نائبة رئيس "ميتا"، نيكيلا سرينيفاسان، خلال مؤتمر صحافي خاص، على تمسك الشركة بمبادئ الخصوصية، قائلة: "سأكون واضحة تمامًا: ستظل رسائلكم ومكالماتكم مشفرة بالكامل. لا أحد، ولا حتى نحن، يستطيع الاطلاع عليها. كما أننا لن نبيع أو نشارك أرقام الهواتف مع المعلنين".
هذا التوازن بين الحفاظ على الخصوصية وتوسيع النموذج الربحي يبدو محاولة ذكية من "ميتا" لاختراق عالم الإعلانات في واتساب دون إثارة مخاوف المستخدمين أو انتهاك مبادئ المنصة الأساسية. فبينما تسعى الشركة إلى جني الأرباح من هذا الجمهور الضخم، تحرص على عدم تكرار تجارب المنصات الأخرى التي تعرضت لانتقادات بسبب اختراق الخصوصية والتتبع المكثف.
ختامًا، يبدو أن "واتساب" تخطو نحو المستقبل بتصور جديد للإعلانات: إعلانات لا تتحدث معك، بل تراقبك من بعيد — في مساحة مستقلة، لا تقترب من عالمك الخاص داخل المحادثات. لكن يبقى السؤال: هل يرضى المستخدمون بهذا التغيير أم يرون فيه بداية انزلاق نحو تجارية مفرطة؟ الأيام المقبلة كفيلة بالإجابة.