الدبيبة يعلن حصر تأمين طرابلس على الداخلية في محاولة لتأكيد نفوذه

رئيس حكومة الوحدة الوطنية يؤكد أن القرار يأتي بعد الاتفاق مع المجلس الرئاسي بهدف تثبيت أركان الدولة.
الدبيبة يتحدث عن تعزيز السيطرة والتمكين في مواجهة خصومه

طرابلس - يُنظر إلى إعلان رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبدالحميد الدبيبة، بأن تأمين العاصمة طرابلس بات من اختصاص وزارة الداخلية فقط، على أنه محاولة لتكريس صورة سيطرة الدولة وبسط نفوذ المؤسسات الرسمية بعد سنوات من الاعتماد على التشكيلات المسلحة. ويأتي هذا الإعلان في توقيت حساس يسعى فيه رئيس حكومة الوحدة إلى تعزيز موقعه السياسي، في ظل تصاعد الدعوات الداخلية والدولية المطالبة بإنهاء المرحلة الانتقالية، وحل حكومته التي لم تحصل على تجديد للشرعية .
وتُفهم خطوة الدبيبة التي أعلن عنها في كلمة خلال اجتماع أمنى في طرابلس تداولتها منصة حكومتنا الرسمية على الفايسبوك على أنها رسالة داخلية وخارجية مفادها أن العاصمة باتت تحت السيطرة الأمنية الرسمية، في مقابل ما يُثار من اتهامات باستمرار سطوة الميليشيات وتضاؤل دور المؤسسات النظامية. كما يسعى الدبيبة من خلال هذا الإعلان لإعادة فرض نفسه كلاعب أساسي في مشهد معقد، طغت عليه خلال الأشهر الماضية تحركات لمنافسين سياسيين ودعوات لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة، ما يُبرز البعد السياسي الكامن وراء التركيز المفاجئ على "أمن العاصمة".

وقال الدبيبة "ننتقل اليوم من مرحلة التحدي إلى مرحلة التمكين، ومن الفوضى إلى تثبيت أركان الدولة، والجميع أذعن لمشروع الدولة وإجراءاتها السيادية" مضيفا "تم إقرار تشكيل لجنتين، بالتنسيق مع المجلس الرئاسي، للترتيبات الأمنية ومتابعة أوضاع السجون".
وفي 5 يونيو/حزيران الجاري، أصدر رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي قرارا بتشكيل لجنة للترتيبات الأمنية والعسكرية برئاسته، لإعداد وتنفيذ خطة لإخلاء طرابلس من المظاهر المسلحة.
كما قرر تشكيل لجنة حقوقية برئاسة قاضٍ لمتابعة أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز وإجراء زيارات تفتيش دورية وحصر ومراجعة حالات التوقيف التي تمت خارج نطاق السلطة القضائية أو دون الإحالة إلى النيابة العامة.
وقالت حكومة الوحدة الوطنية، في بيان سابق، إن قرار تشكيل اللجنتين جاء عقب اتفاق بين الدبيبة والمنفي.
وخلال اجتماع اليوم، قال الدبيبة إن "وزارة الداخلية أصبحت الجهة الوحيدة المسؤولة عن تأمين العاصمة لأول مرة منذ 2011"، في إشارة إلى تاريخ اندلاع انتفاضة مسلحة أطاحت بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).
وتابع: "ما تحقق هو انتصار حقيقي للدولة لم يكن ليتحقق لولا القضاء على أكبر مليشيا إجرامية"، في إشارة إلى ما يسمى "جهاز دعم الاستقرار"، بقيادة عبد الغني الككلي، الذي قتل في 12 مايو/ أيار الماضي.
وفي ذلك اليوم، اندلعت في طرابلس اشتباكات بين مجموعات مسلحة، قبل أن تعلن وزارة الدفاع بحكومة الوحدة بدء تنفيذ وقف لإطلاق النار ونشر قوات نظامية محايدة في نقاط تماس، بالتنسيق مع الجهات الأمنية المختصة.
ومعلقةً على تلك الاشتباكات، قالت الحكومة آنذاك إن ما يجري هو خطة أمنية حكومية للقضاء على المليشيات وبسط سيطرة وهيبة الدولة.
وزاد الدبيبة، في كلمته اليوم: "وصلنا إلى مرحلة تؤهل وزارتي الداخلية والدفاع لتأسيس الدولة ومؤسساتها، وانتهى عصر الشيخ والحاج (لقبان يطلقان على قيادات المليشيات) في أجهزتنا الأمنية والعسكرية".
وتوجه إلى الحضور قائلا "مديرية أمن طرابلس مطالبة بتقديم نموذج قوي يشمل كل البلديات والأحياء والتزامكم بتأمين المظاهرات ونجاحكم في اختبار ضبط النفس يعكس نضجكم الأمني".
وأكد أن "التعاون مع وزارة الدفاع وجهاز الأمن الداخلي ضروري في هذه المرحلة، ويجب أن يكون القبض والتوقيف من اختصاص وزارة الداخلية فقط وتحت إشراف النيابة".
ومنذ أكثر من ثلاث سنوات، يعيش البلد الغني بالنفط أزمة تتمثل في وجود حكومتين، إحداهما معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة برئاسة الدبيبة، ومقرها طرابلس، وتدير منها غرب البلاد كاملا.
والحكومة الأخرى كلفها مجلس النواب، ويرأسها حاليا أسامة حماد، ومقرها مدينة بنغازي (شرق)، وتدير منها شرق البلاد كاملا ومدنا بالجنوب.
وتتابع البعثة الأممية جهودا لحل خلافات بين مؤسسات الدولة في ليبيا، لا سيما بشأن القوانين المفترض أن تُجرى وفقا لها انتخابات برلمانية ورئاسية طال انتظارها منذ سنوات.
ويأمل الليبيون أن تضع الانتخابات حدا للصراعات السياسية والمسلحة، وتنهي الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بالقذافي.