التصعيد العسكري يعرقل إجلاء عائلات عراقية من مخيم الهول
بغداد - أدى التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل إلى تأجيل عملية ترحيل مئات العائلات العراقية من مخيم الهول في ريف الحسكة شرقي سوريا، والتي كانت قد بدأت منذ أشهر بهدف إغلاق ملف المخيم الذي يعتبر بيئة خصبة للتطرف والإرهاب.
ونقل موقع تلفزيون سوريا عن مصدر يعمل ضمن منظمة دولية في المخيم، أن "السلطات العراقية قررت بشكل مفاجئ تأجيل رحلة كانت مقررة الأربعاء الماضي لنقل قرابة 900 مواطن عراقي من مخيم الهول إلى بلادهم، وذلك قبل أقل من 24 ساعة من موعد انطلاقها، بسبب التوترات الأمنية المتزايدة".
وأشار إلى أن "القائمة الاسمية للمغادرين والإجراءات الإدارية الخاصة بالرحلة كانت قد اكتملت من جانب إدارة المخيم، إلا أن الجانب العراقي لم يحدّد موعداً جديداً لاستئناف عمليات الترحيل حتى الآن.
وخلال الفترة الأخيرة قامت بغداد باستعادة عدد من الأسر العراقية ووضعتهم في مُخيم الجدعة بمدينة الموصل بمحافظة نينوى حتى تتم إعادة تأهيلهم وفقاً لبرامج تأهيل محددة بمساعدة وكالات دولية، وذلك قبل عودتهم لمناطقهم الأصلية.
ويعود قرار التأجيل الحالي إلى مخاوف أمنية نشأت عقب الهجمات الصاروخية المتبادلة بين إسرائيل وإيران، والتي سقطت بعضها بالقرب من بلدة الهول، ما دفع القوات الأميركية إلى تقليص تحركاتها خارج قواعدها العسكرية في المنطقة.
وأضاف المصدر أن "رحلات إخراج العراقيين من مخيم الهول تجري عادةً بمرافقة مدرعات أميركية، وتحظى بتغطية جوية مستمرة عبر الطيران المروحي لتأمين الحماية من أي هجمات محتملة، وهو ما أصبح متعذراً في ظل التصعيد الحالي".
ورجّح المصدر إمكانية اعتماد ترتيبات أمنية بديلة لتسيير الرحلة، من بينها توفير حماية من "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) داخل الأراضي السورية، أو انتظار تنسيق مشترك بين الولايات المتحدة والعراق مع أطراف النزاع الحالي لتفادي أي مخاطر على القافلة أو القوات المشاركة في تأمينها.
وجددت السفارة الأميركية في سوريا التزام واشنطن بدعم عملية انتقال مسؤولة لإدارة المخيمات في شمال شرق سوريا إلى الحكومة السورية الجديدة، وضمان العودة الطوعية والآمنة للنازحين السوريين إلى مناطقهم.
وأعلنت السفارة، في بيان عبر حسابها الرسمي، أن 42 عائلة سورية، تضم 178 شخصاً، غادرت مخيم الهول بتاريخ 15 يونيو/حزيران، ضمن عملية عودة منظمة إلى مجتمعاتهم الأصلية المنتشرة في مختلف أنحاء سوريا.
وأكدت السفارة أن هذه الخطوة جاءت بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وبالتنسيق الوثيق مع إدارة المخيم، والسلطات المحلية، ووحدة دعم الاستقرار إحدى الجهات المدنية الشريكة في عملية تسهيل العودة.
وقبل يومين نسَّقت الإدارة السورية الجديدة إجلاء 43 أسرة سورية من مخيم "الهول" وفي عملية الإجلاء التي انطلقت في الصباح الباكر من الاثنين، غادر المخيم 176 شخصا، بينهم كثير من النساء والأطفال.
ونُقل الأشخاص مع أمتعتهم إلى ملعب في مدينة الباب في محافظة حلب شمال سوريا.
وقال محمد كنجو المسؤول في منظمة "وحدة دعم الاستقرار" إن هذا التطور يُعد أول عملية إجلاء من مخيم الهول إلى شمال غربي سوريا. وأكد كنجو أن وحدة الدعم لبت جميع احتياجات الأطفال والنساء والرجال، وتم توفير احتياجات فرق الرعاية الصحية.
وأضاف "بعد استقبال هؤلاء الأشخاص هنا، سيتم نقلهم إلى مناطق سكن جديدة ودمجهم في المجتمع ومواصلة حياتهم". وأشار إلى أن بعض عمليات الإجلاء قد نُفذت سابقا، لكن هذه القافلة كانت أول عملية منظمة تتوجه من مخيم الهول إلى حلب.
ويعيش قاطنو المخيم، من المدنيين المحتجزين في ظروف "غير إنسانية". وكثيرا ما تحذر الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية من أن الوضع الإنساني في مخيم الهول يتدهور تدريجيا، مطالبة بالوصول إلى المراكز التي يحتجز فيها عناصر داعش.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن مخيم الهول، الذي يتسع لـ10 آلاف شخص، يضم أضعاف هذا العدد، وغالبيتهم من النساء والأطفال. ويستضيف عدة آلاف من الإرهابيين الأجانب من حوالي 50 دولة، إضافة إلى أعداد أخرى من السوريين والعراقيين المنتسبين لـ"داعش".
وفي حين تم بناء العديد من هذه المخيمات كأماكن إقامة مؤقتة لتقديم الخدمات الإنسانية للمدنيين النازحين من جراء النزاع في سوريا والعراق، إلّا أن الأمر لم يعد كذلك. فبعد بدء تدفق العناصر التابعة لتنظيم "داعش" منذ عام 2018، أصبحت هذه المرافق بشكل متزايد معسكرات اعتقال غير آمنة وغير صحية في الهواء الطلق.
ويُعد "مخيم الهول" أكبر هذه المخيمات، حيث كان يضم في ذروته في عام 2019 أكثر من 70 ألف شخص. أما اليوم فيضم ما يقرب من 50 ألف فرد، 90 في المائة منهم من النساء والأطفال.