البرهان يسعى لالتقاط الأنفاس بالموافقة على هدنة في الفاشر

الهدنة تهدف إلى ضمان مرور آمن للمساعدات عبر فتح معابر مؤقتة وحماية المدنيين وتمكين المئات من العائلات من الفرار أو الوصول للخدمات الأساسية.

الخرطوم - تعكس موافقة عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني على هدنة إنسانية في مدينة فاشر، رغبته في توفير فرصة لقواته لالتقاط أنفاسها بعد اشتداد المواجهات والتقدم الذي أحرزته قوات الدعم السريع خلال الآونة الأخيرة بسيطرتها على المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا، في تحول إستراتيجي في موازين القوى.

وتشير هذه الخطوة إلى تزايد الضغط الدولي والأهمية الاستراتيجية للمدينة، فيما يتوجس الجيش السوداني من فقدان السيطرة على الفاشر، بينما تبقى قابلية الاتفاق للصمود مرهونة بمدى التزام الطرفين، ودور الوساطة الدولية في مراقبته وتنفيذه.

وسبق أن حذرت الأمم المتحدة والعديد من المنظمات الدولية من مخاطر كارثية على المدنيين في الفاشر، بما في ذلك التطهير العرقي واحتمال حدوث إبادة جماعية.

والفاشر هي العاصمة الوحيدة لولاية في دارفور لا تزال خارج سيطرة قوات الدعم السريع. وبالتالي، فإن الحفاظ على بعض النفوذ فيها يمثل أولوية للجيش السوداني وحلفائه.

وتعتبر المدينة محورا إداريا رئيسيا وسيطرة قوات الدعم السريع عليها بالكامل ستعزز بشكل كبير موقفها في الإقليم وتفتح الطريق أمام توسعها نحو الشرق.

وتقيم موافقة البرهان، الذي رفض منذ اندلاع الحرب عدة دعوات للتهدئة، على الهدنة الدليل على هواجسه من تفاقم خسائر قواته، خاصة بعد المكاسب الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع خلال الآونة الأخيرة بتوسيع نطاق عملياتها واضطرار القوات السودانية إلى الانسحاب من المثلث الحدودي.

وتهدف الهدنة الإنسانية المقترحة لمدة أسبوع إلى ضمان مرور آمن للمساعدات عبر فتح معابر مؤقتة لتوصيل الغذاء والدواء للمناطق المحاصرة، وحماية المدنيين وتمكين المئات من العائلات من الفرار أو الوصول للخدمات الأساسية.

كما تسعى إلى إتاحة الفرصة لدعم جهود الأمم المتحدة من أجل بناء ثقة والتوصل إلى وقف إطلاق نار، خاصة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2736 الذي دعا لوقف حصار الفاشر.

وتحولت الفاشر، عاصمة شمال دارفور، من ملاذ للمدنيين والنازحين إلى ساحة معارك دامية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ اندلاع القتال في أبريل/نيسان 2023.

وكانت منظمة دارفور لحقوق الإنسان حذرت في وقت سباق من "وضع كارثي" في الغذاء والملاجئ، وتزايد حالات سوء التغذية بسبب انعدام الأمن الغذائي ونقص الأساسيات.

وأشار تقرير الأمم المتحدة إلى أن الإدارة المدنية في الفاشر تضم أكثر من 106 مراكز للنازحين تؤوي نحو 125 ألف شخص، يفتقرون للماء والرعاية الصحية والمأوى.

ويقدر عدد النازحين داخليا من الفاشر وما حولها بأكثر من 12 مليون شخص على مستوى السودان، مع تفاقم سوء التغذية وندرة الغذاء والمياه، بينما أوضحت الأمم المتحدة أن نصف السكان يقفون على شفا مجاعة.

وسبق أن تم الاتفاق على عدة هدن في السودان، لكن معظمها لم يصمد طويلاً، فيما ستكون هذه الهدنة اختبارا حقيقيا لمدى التزام الأطراف بوقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل.

وأثبت قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ"حميدتي" التزامه الراسخ بالانخراط في كافة المبادرات الهادفة إلى وقف الحرب وتسوية الأزمة بما يفضي إلى إرساء الدولة السودانية الجديدة، لكن تعنت البرهان وتمسكه بالقتال وتلغيمه المفاوضات بشروط وصفت بأنها "تعجيزية" عقد جهود إنهاء الصراع.