شاومي تزاحم ميتا بنظارات ذكية تعيد تعريف التفاعل مع التقنية

'إي آي غلاسِز' تجمع بين الذكاء الاصطناعي والتصميم العملي متفوقة على 'راي-بان ميتا' في الأداء، البطارية، والتقنيات البصرية وموفرة تجربة استخدام متكاملة تشمل الترجمة الفورية، التحكم الصوتي، المدفوعات الذكية، وتسجيل الفيديو المطول.

بكين - دخلت العملاقة الصينية "شاومي" بقوة في سوق النظارات الذكية المتنامي من خلال إطلاق نظارات "شاومي إي آي غلاسِز" في اطلاق يضعها في منافسة مباشرة مع عمالقة التكنولوجيا وتحديداً نظارات "راي-بان ميتا" من شركة "ميتا".

تمثل هذه النظارات نقلة نوعية في تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء، حيث تجمع بين التصميم الأنيق والذكاء الاصطناعي المتقدم لتوفير تجربة مستخدم استثنائية تعيد تعريف مفهوم التفاعل مع التكنولوجيا في الحياة اليومية.

التصميم والبناء
تتميز نظارات "شاومي إي آي غلاسِز" بتصميم خفيف الوزن يبلغ أربعين غراماً فقط، مما يجعلها أخف بشكل ملحوظ من منافستها "راي-بان ميتا" التي تزن حوالي تسعة وأربعين إلى واحد وخمسين غراماً. يأتي الإطار الكلاسيكي على شكل حرف "دي" مصنوعاً من نايلون "تي آر 90" المقاوم والخفيف، مع مفصلات من سبائك التيتانيوم من الدرجة الجوية المُختبرة لتحمل ثمانية عشر ألف دورة فتح وإغلاق، مما يضمن متانة استثنائية ومقاومة للاستخدام اليومي المكثف.

تتوفر النظارات بثلاثة ألوان أنيقة تشمل الأسود الكلاسيكي والأخضر الببغائي والبني الشفاف، وقد صُممت خصيصاً لتناسب ملامح الوجوه الآسيوية مع إمكانية دوران الذراعين للخارج بزاوية اثنتي عشرة درجة وميل للأمام بزاوية خمس درجات لضمان الثبات والراحة. حصلت النظارات على معيار "آي بي 54" للمقاومة ضد الغبار ورذاذ الماء، مما يجعلها مناسبة للاستخدام اليومي في مختلف الظروف البيئية بما في ذلك الأمطار الخفيفة والأتربة.

المواصفات التقنية المتقدمة والأداء
تعمل النظارات بمعالج "كوالكوم سنابدراﭬون إيه آر 1" المُحسَّن خصيصاً لتطبيقات النظارات الذكية، بالإضافة إلى معالج مساعد منخفض الاستهلاك "هينغشوان 2700" لإدارة المهام اليومية مثل تشغيل الموسيقى والأوامر الصوتية. هذه الهندسة المزدوجة تضمن توازناً مثالياً بين الأداء العالي وكفاءة استخدام البطارية، حيث يتولى المعالج الرئيسي المهام المعقدة بينما يدير المعالج المساعد العمليات البسيطة لتوفير الطاقة. تأتي النظارات مع أربعة "جيجابايت" من ذاكرة الوصول العشوائي واثنين وثلاثين "جيجابايت" من سعة التخزين الداخلية، مما يوفر مساحة كافية لتخزين الصور والفيديوهات المُلتقطة بالإضافة إلى التطبيقات والبيانات المحلية.

تتميز النظارات بكاميرا أمامية عالية الدقة اثني عشر "ميغابيكسل" بمستشعر "سوني آي إم إكس 681" مع زاوية رؤية واسعة تبلغ مائة وخمس درجات، مما يوفر مجال رؤية شاملاً لالتقاط المشاهد الطبيعية والتفاعلات الاجتماعية. تدعم الكاميرا تصوير الفيديو بدقة "2 كاي" أي "1440p" بمعدل ثلاثين إطاراً في الثانية، والتقاط الصور بدقة "4032×3024" بيكسل مع جودة استثنائية تنافس كاميرات الهواتف الذكية المتقدمة. واحدة من أبرز المزايا التقنية هي قدرة النظارات على التسجيل المتواصل لمدة تصل إلى خمس وأربعين دقيقة، وهو إنجاز تقني مثير للإعجاب مقارنة بحد ثلاث دقائق فقط في نظارات "راي-بان ميتا". تدعم الكاميرا أيضاً تقنية التثبيت الإلكتروني للصورة، والبث المباشر، ومكالمات الفيديو من منظور الشخص الأول، مما يوفر تجربة تفاعلية غامرة للمستخدمين.

النظام الصوتي والذكاء الاصطناعي
تضم النظارات نظاماً صوتياً متكاملاً يشمل مكبري صوت "ستيريو" بتصميم الأذن المفتوحة لتوفير جودة صوت عالية مع الحفاظ على الوعي بالمحيط والأصوات الخارجية المهمة للسلامة. يتميز النظام الصوتي بوضوح استثنائي ونقاء في الترددات المختلفة مع تقنيات تقليل الضوضاء المتقدمة.

تحتوي النظارات على مصفوفة من خمسة ميكروفونات تتضمن ميكروفون التوصيل العظمي بالقرب من دعامة الأنف لالتقاط الصوت بوضوح حتى أثناء ركوب الدراجات بسرعة اثني عشر متراً في الثانية أو في البيئات الصاخبة.

تستخدم النظارات مساعد "شاومي" الصوتي الذكي "هايبر شياو إيه آي" الذي يدعم مجموعة واسعة من الوظائف المتقدمة تشمل الترجمة الفورية لأكثر من عشر لغات في الوقت الفعلي مع دقة عالية ومعالجة طبيعية للكلام.

يوفر المساعد قدرات التعرف على الأشياء وتحديد النباتات والمواد الغذائية بدقة متناهية، بالإضافة إلى حساب السعرات الحرارية للأطعمة تلقائياً من خلال التحليل البصري المدعوم بالذكاء الاصطناعي. كما يتميز بقدرته على تلخيص الاجتماعات مع النسخ النصي والتحكم الصوتي في أجهزة "شاومي" المنزلية الذكية، مما يخلق نظاماً بيئياً متكاملاً ومترابطاً.

تقنية المدفوعات والعدسات الذكية
تقدم النظارات ميزة ثورية في المدفوعات اللاتلامسية من خلال مسح رموز "كيو آر" والتأكيد الصوتي عبر تطبيق "ألي باي"، مما يوفر طريقة سريعة وآمنة للدفع دون الحاجة لاستخدام الهاتف الذكي أو البطاقات التقليدية. هذه التقنية تمثل قفزة نوعية في دمج التكنولوجيا المالية مع الأجهزة القابلة للارتداء، وتفتح آفاقاً جديدة للتسوق والتجارة الإلكترونية.

واحدة من أبرز الابتكارات في نظارات "شاومي" هي العدسات الإلكترونية "الاختيارية" الكهروكيميائية التي تتيح تغيير درجة التعتيم في 0.2 ثانية فقط عبر النقر المزدوج على الذراع. توفر هذه التقنية المتطورة أربعة مستويات مختلفة للشفافية تتراوح بين عشرة بالمائة وثمانية وأربعين بالمائة لنفاذية الضوء، مع إمكانية التحكم اليدوي في مستوى التظليل حسب الإضاءة والراحة الشخصية.

تعتمد هذه التقنية على تفاعلات الأكسدة والاختزال القابلة للعكس، حيث يؤدي تطبيق جهد كهربائي خارجي إلى تغيير الخصائص البصرية للعدسة من خلال نقل الأيونات أو الشحنات داخل المادة، مما يخلق تجربة بصرية ديناميكية تتكيف مع البيئة المحيطة.

البطارية والشحن والتسعير
تتفوق النظارات بشكل واضح في عمر البطارية، حيث تحتوي على بطارية "سيليكون-كاربون" بسعة مائتين وثلاثة وستين "ميلي أمبير في الساعة" تدعم حتى ثماني ساعات وستة أعشار الساعة من الاستخدام النشط، وهو ضعف مدة "راي-بان ميتا" تقريباً. توفر البطارية واحداً وعشرين ساعة في وضع الاستعداد عند الارتداء وسبع ساعات من تشغيل الموسيقى المتواصل، مع إمكانية الشحن الكامل في خمس وأربعين دقيقة عبر منفذ "يو إس بي تايب-سي" المدمج مباشرة في الإطار.

تتوفر النظارات حالياً في الصين فقط بثلاثة إصدارات مختلفة تبدأ بالنسخة القياسية بسعر "1999 يوان" أي حوالي مائتين وثمانين دولاراً "أميركياً"، بينما تصل نسخة العدسات الإلكترونية أحادية اللون إلى "2699 يوان" أي حوالي ثلاثمائة وخمسة وسبعين دولاراً، وتبلغ نسخة العدسات الإلكترونية الملونة "2999 يوان" أي حوالي أربعمائة وعشرين دولاراً. هذا التدرج في الأسعار يوفر خيارات متنوعة للمستهلكين حسب احتياجاتهم وميزانياتهم.

وضع السوق والمقارنات التنافسية
يشهد سوق النظارات الذكية نمواً هائلاً، حيث نمت الشحنات العالمية بنسبة مائتين وعشرة بالمائة في عام 2024، وتتوقع الدراسات أن يحقق السوق نمواً بنسبة ستين بالمئة في عام 2025 مع استمرار معدل النمو السنوي المركب عند أكثر من ستين بالمائة حتى عام 2029.

من المتوقع أن تصل قيمة السوق العالمية للنظارات الذكية إلى "8.26 مليار دولار" بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 27.3 بالمائة من 2025 إلى 2030. يطلق خبراء سلسلة التوريد على عام 2025 لقب "معركة المئات من النظارات الذكية" نظراً لدخول عمالقة التكنولوجيا مثل "شاومي" و"سامسونغ" و"بايدو" و"بايت دانس" إلى هذا السوق.

عند مقارنة نظارات "شاومي" مع منافستها "راي-بان ميتا"، نجد أن "شاومي" تتفوق في عدة جوانب رئيسية تشمل الوزن الأخف بعشرة غرامات، وعمر البطارية المضاعف تقريباً، وقدرة التسجيل المتواصل الممتدة إلى خمس وأربعين دقيقة مقابل ثلاث دقائق فقط، والعدسات الذكية الإلكترونية القابلة للتحكم مقابل العدسات التقليدية، ومقاومة أفضل للماء والغبار مع معيار "آي بي 54" مقابل "آي بي إكس 4"، بالإضافة إلى الشحن المباشر عبر "يو إس بي تايب-سي" بدلاً من علبة الشحن المنفصلة. كما تقدم "شاومي" نطاقاً سعرياً تنافسياً يتراوح بين مائتين وثمانين إلى أربعمائة وعشرين دولاراً مقابل "299 إلى 449 دولاراً" لنظارات "راي-بان ميتا".

التكامل مع النظام البيئي والخلاصة
تستفيد نظارات "شاومي" من النظام البيئي الواسع للشركة الذي يشمل الهواتف الذكية والسيارات الكهربائية والأجهزة المنزلية الذكية، مما يوفر تجربة سلسة ومتكاملة للمستخدمين ويعزز من قيمة النظارات كجزء من منظومة تقنية شاملة.

هذا التكامل يسمح بالتحكم الموحد والتزامن بين جميع الأجهزة، مما يخلق بيئة ذكية متناغمة في المنزل والمكتب والسيارة.

تمثل نظارات "شاومي إي آي غلاسِز" نقلة نوعية في سوق النظارات الذكية من خلال تقديم مزايا تقنية متفوقة مثل عمر البطارية المضاعف، والعدسات الإلكترونية المتطورة، وقدرات التسجيل الممتدة، والمدفوعات الذكية المبتكرة. بسعرها التنافسي ومواصفاتها المتقدمة، تضع "شاومي" نفسها كمنافس قوي في سوق سريع النمو ومربح للغاية، حيث تجمع بين الابتكار التقني والتصميم العملي لتوفير حل شامل يلبي احتياجات المستهلكين المتزايدة للتكنولوجيا القابلة للارتداء.

رغم أن النظارات متاحة حالياً في الصين فقط، إلا أن نجاحها قد يمهد الطريق لإطلاق عالمي في المستقبل القريب، خاصة مع تزايد الطلب العالمي على تقنيات الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء والحاجة لحلول تقنية تدمج بسلاسة في الحياة اليومية وتعيد تعريف التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا.