أردوغان يستغل أزمة قضائية للدفع بدستور جديد

الرئيس التركي يهاجم المحكمة الدستورية ويتهمها بمراكمة الأخطاء في قضية خلافية مع محكمة النقض يفترض أن تحلها الهياكل القضائية بعيدا عن اي تأثيرات سياسية.

أنقرة - دخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خط الأزمة الناشئة بين المحكمة الدستورية ومحكمة النقض، في تدخل جديد في العمل القضائي ومحاولة التأثير على قراراته، مؤكدا أن هذه الأزمة تستدعي اعداد دستور جديد.

وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها أردوغان على حساب مرشح ائتلاف المعارضة، روج الرئيس التركي مرارا لدستور جديد يعكف حزبه العدالة والتنمية الحاكم على استكمال إعداده.

وتسود مخاوف لدى المعارضة التركية من أن أردوغان يسعى من خلال ذلك لتضييق الخناق على الحريات ولمزيد احكام قبضته على السلطة.

ويفترض أن تتولى هياكل قضائية مختصة النظر في الخلاف بين المحكمتين حول قضية المحامي جان أتالاي (47 عاما) الذي انتُخب نائبا في البرلمان في مايو/ايار الماضي وحُكم عليه بالسجن 18 عاما وأمرت المحكمة الدستورية الشهر الماضي بالإفراج عنه وأبطلت محكمة النقض القرار وأعلنت عزمها تقديم شكوى جنائية أعضاء المحكمة الدستورية الذين أمروا بالإفراج عن أتالاي.

وتعتبر هذه القضية سابقة من حيث الخلاف لكنها ليست استثناء من حيث التدخلات السياسية في عمل القضاء وشهدت تركيا خلال السنوات الماضية الكثير من القضايا المشابهة التي تدخل فيها أردوغان شخصيا من خلال محاولات تأثير لا تهدأ وصلت حد ممارسة ضغوط على المحاكم والقضاة.

واتهم أردوغان المحكمة الدستورية في تركيا بمراكمة الأخطاء، وفق تصريحات نقلتها وسائل إعلام تركية الجمعة. وقال أمام صحافيين أتراك على متن الطائرة الرئاسية العائدة من أوزبكستان "للأسف في هذه المرحلة، اقترفت المحكمة الدستورية خطأ تلو الآخر".

وتتأرجح تركيا على حافة أزمة قضائية بسبب الخلاف بين المحكمة الدستورية ومحكمة النقض في قضية المحامي والنائب جان أتالاي.

ولفت أردوغان إلى أن الإجراءات التي تبدأها محكمة النقض "لا يمكن نقضها أو إلغاؤها" لأن هذه المحكمة هي أيضا "محكمة عالية في البلد".

وفي أنقرة، سار مئات المحامين مرتدين معاطفهم السوداء وحاملين الدستور التركي الجمعة من قصر العدل إلى مقر محكمة النقض للدفاع عن المحكمة الدستورية.

وقال رئيس نقابة المحامين في أنقرة مصطفى كور أوغلو لصحافيين "لن نسمح بتصفية الدستور أو المحكمة الدستورية. سنواصل رفع أصواتنا".

ويثير هذا النزاع بين المحكمتين ردودا قوية في صفوف المعارضة التركية وبين الناشطين الحقوقيين.

والخميس قال الزعيم الجديد لحزب الشعب الجمهوري وهو حزب المعارضة الرئيسي في تركيا أوزغور أوزيل "إنها محاولة انقلاب بوضوح... إنها محاولة للقضاء على النظام الدستوري من جانب محكمة النقض".

ورفض حزب العدالة والتنمية الحاكم دعوة حزب الشعب الجمهوري لعقد اجتماع استثنائي للبرلمان بشأن الأزمة، بينما اعتبر أردوغان في وقت لاحق الجمعة أن وضع دستور جديد ضروري لمنع هذا النوع من الأزمات.

وقال "الأولوية تكمن في الاستجابة للاحتياجات التي أثارها هذا الحادث، بدلا من معرفة من على حق ومن على خطأ. إن حاجة بلدنا إلى اعتماد دستور جديد في أسرع وقت ممكن أمر واضح".

ودافع الرئيس التركي كذلك عن استمرار احتجاز جان أتالاي، قائلا إن احتمال رفع حصانته البرلمانية من قبل أقرانه سيستغرق وقتا، موضحا "للأسف تمكّن إرهابيون كثر من السفر إلى الخارج في الماضي لأن عملية رفع حصانتهم في البرلمان كانت تستغرق وقتًا طويلًا".

وأضاف "يجب معالجة هذه القضايا بسرعة وإلّا سترون أحدهم يعود إلى الظهور في أميركا وآخر في ألمانيا وآخر في فرنسا، ومن هناك سيهددون تركيا... لا يجب لبلادي أن تعاني من تهديدات المنحرفين الذين فروا إلى الخارج".

وجان أتالاي هو واحد من سبعة متهمين أُدينوا العام الماضي خلال محاكمة المعارض عثمان كافالا وهو كان محامي الدفاع عنه. وندد كلاهما بمحاكمة "سياسية" واتهامات وهمية. وكانت محكمة النقض قد رفضت استئناف أتالاي في يوليو/تموز الماضي.