أسماء رياض تنشد بريشتها ترانيم المشاعر في 'كازا فينتاج'

الفنانة التشكيلية المغربية تتحدث في هذا الحوار عن رحلة انسجامها الفني ورؤيتها الجمالية والثقافية في معرضها الفني.

الرباط - تعرض الفنانة أسماء رياض لوحاتها الفنية في "كازا فينتاج" في الفترة بين 21 و25 شباط/فبراير 2024، بنادي السيارات المغربي، ويحضر هذا المهرجان مجموعة من الفنانين وباعة الأثاث القديم والتحف الفنية الخالدة من بينها السيارات الكلاسيكية.

وفي هذا السياق قامت "ميدل إيست أونلاين" بحوار مع الفنانة التشكيلية أسماء رياض حول لوحاتها الفنية، وفيما يلي نص الحوار:

حديثينا عن التجارب الشخصية التي أثرت بشكل كبير على أسلوبك الفني وطريقة تعبيرك في الرسم؟

نعم، هناك الكثير من الأشياء التي اكتسبتها خلال رحلاتي إلى مراكش، حيث أدركت حاجتي إلى رسم المغرب الأصيل، الذي يُعرف ويُشتهَر بثراء ثقافته، وعمق تقاليده، وعمارته المورسية.

هل يمكنك التحدث عن لحظة مفصلية شعرت فيها بأن فنك كان له تأثير عميق عليك شخصياً أوعلى الآخرين؟

أول لمسة لفرشاتي في كل لوحة تكون لحظة حساسة، حيث تنبعث سلسلة من المشاعر، ويتجلى اكتشاف الشخصيات التي سألتقي بها وقصة جديدة للسرد، وهذه اللحظة غالبًا ما تكون اتصالًا عميقًا ومكثفًا، حيث يعود ذلك إلى ذاكرة ماضية وحوار يمكن أن يثير ردود فعل قوية واستجابات عاطفية من قبل المشاهدين، إذ يُطمئنني هذا من حيث أن قوة الفن تخلق انسجامًا بشريًا عميقًا.

كيف تصفين العلاقة بين مشاعرك الشخصية وعملك الفني؟

وثيقة للغاية، فغالبًا ما تعمل مشاعري كمصدر إلهام ودافع للإبداع، فعندما أحس بمشاعر شديدة، أميل إلى توجيه هذه الطاقة في عملي الفني، بحيث يصبح وسيلة للتعبير عن هذه المشاعر إبداعيًا، وأحيانًا يتم ذلك بطريقة دقيقة ومجازية، وأحيانًا أخرى بطريقة مباشرة وعميقة، وفي بعض الأحيان، أبدأ عملًا فنيًا بمشاعر معينة في الذهن، بينما في أوقات أخرى، تظهر المشاعر بشكل عفوي كلما تقدمت في الرسم، بغض النظر عن الطريقة التي تتفاعل بها مشاعري مع عملي الإبداعي، فإنها تلعب دورًا أساسيًا في خلق أعمال فنية أصيلة ومعبرة.

أعمالك التشكيلية  تركز أساسًا على الشكل النسائي، ما الذي يجذبك بشكل خاص نحو هذا الموضوع؟

بالفعل، أجد الشكل النسائي جذابًا لعدة أسباب، أولاً، يقدم الشكل النسائي تنوعًا كبيرًا من الأشكال والحركات والتعابير التي يمكن استكشافها من خلال فني، بالإضافة إلى ذلك، أجد أن تمثيل المرأة في الفن غالبًا ما يكون محملاً بالعاطفة والرمزية والمعاني الثقافية، مما يتيح لي استكشاف مواضيع معقدة وعميقة، كما أستلهم من القوة والنعمة والجمال للمرأة، وأحب أن ألتقط هذه الصفات في أعمالي من خلال التركيز على النساء، كما أود أيضًا المساهمة في الاحتفاء بجمال وتنوع النساء في جميع أنحاء العالم، إذ تعكس إبداعاتي الفنية الطاقة والسعادة والقوة والكرم في رسومات المرأة.

هل هناك رسالة تودين تمريرها  من خلال لوحاتك الفنية؟

هي القدرة على التوقف والسكون للاستمتاع بلحظة الهدوء تعبر عن الجمال والكرم والأصالة في مختلف اللوحات التشكيلية المتنوعة من حيث الألوان والمشاعر، فأملي أن يتمكن كل مشاهد من التمتع بالسلام والهدوء والفرح الذي تمثله هذه اللحظة من السكون.

كيف يساعدك التشكيل في التواصل مع نفسك ومع الآخرين بطريقة قد لا تتمكن الأشكال الأخرى من التعبير عنها؟

بطريقة فريدة طبعا،إذ يعمل الفن كوسيلة تعبير شخصية وأصيلة بعمق، فمن خلال لوحاتي يمكنني استكشاف مشاعري وتجاربي وأفكاري بحرية وإبداع، وهذا يساعدني على فهم نفسي بشكل أفضل وإيجاد معنى لما يحدث داخليًا، بالإضافة إلى ذلك، عندما أشارك أعمالي مع الآخرين يخلق ذلك فرصة للتواصل العميق، حيث يمتلك الفن القدرة على تجاوز الحواجز اللغوية والثقافية، مما يسمح للناس بالتواصل على مستوى عاطفي وجمالي.

ويمكن للمشاهدين أن يجدوا صدى لتجاربهم الخاصة في أعمالي، مما يعزز الفهم المتبادل بالمقارنة مع أشكال التعبير الأخرى، مثل الكلام أو الكتابة، إذ يكون الفن المرئي أحيانًا أكثر فورية وعالمية في قدرته على التواصل بين المشاعر المعقدة والأفكار المجردة، كما يقدم تجربة حسية غنية يمكن أن تؤثر في الناس بطريقة عميقة وبدون كلمات.

ما هي التحديات التي تواجهينها كفنانة ذاتية التعلم، وكيف تتغلبين عليها في رحلتك الإبداعية؟

كل تحدي يواجهني هو فرصة للنمو الشخصي والفني، إذ أقدر كل لحظة، ولهذا السبب أنا متمسكة ومتحمسة ومستعدة لاستغلال فرص التعلم، حيث يمثل كل يوم نورًا يجلب لي الثقة والتوازن العقلي.

هل يمكنك مشاركتنا ذكرى ملهمة ترتبط بأحد معارضك الفنية؟

لوحتي الثانية "انتعاش البحر"، حيث رسمت البحر، كانت مصدر إلهام كبير بالنسبة لي، لأنني تمكنت من تطوير مهارة مهمة في الحياة تساعدنا على تحقيق أهدافنا، إذ كانت تجربة الصمود من البداية حتى النهاية في رسم هذا البحر، الذي واجهته على الرغم من العواصف والتيارات العكسية، وعلى الرغم من مخاوفي ولحظات اليأس، إلا أن الصمود كان يدعمني ويمنحني القوة والشجاعة.

كيف تطوّرت رؤيتك للجمال من خلال ممارستك الفنية؟

تعلمت أن أرى الجمال في الأماكن والأشياء التي قد تبدو عادية أو حتى غير مكتملة المظهر من النظرة الأولى، وكفنانة طوّرت رؤيتي لتقدير الأنسجة والألوان والأشكال المحيطة بي بطريقة أعمق وأكثر انتباهً، وأحب بشكل خاص مراقبة السحب واستخراج الدرجات والألوان التي تتكون منها، كما سمحت لي ممارستي الفنية أيضًا باستكشاف الجمال الداخلي، الذي يتجلى في العواطف والعلاقات الإنسانية والتجارب الشخصية، فمن خلال فني أسعى إلى التقاط هذا الجمال الداخلي ومشاركته مع الآخرين مما يثري رؤيتي لما هو جميل في العالم بشكل أكبر.

كيف يساهم فنك في إثراء وتطوير هويتك الشخصية ورؤيتك للعالم؟

هناك عدة طرق يعمل بها الفن كوسيلة للتأمل واستكشاف الذات، أولاً، من خلال خلق الفن أستطيع التعبير عن أفكاري ومشاعري وتجاربي بطريقة بصرية وملموسة، مما يساعدني على فهم نفسي بشكل أفضل وتطوير وعي أعمق بذاتي، وثانيًا، يدفعني الفن إلى رؤية العالم بنظرة جديدة وإبداعية، ويُلهمني باستمرار بجمال وتعقيد العالم من حولي، مما يوسع مداركي ويمكنني من اكتشاف جوانب جديدة ومثيرة من الحياة اليومية.

بالإضافة إلى ذلك، يقربني ارتباطي بالفن من أشخاص وثقافات أخرى، مما يثري رؤيتي للعالم من خلال تجربة وجهات نظر وتجارب مختلفة، ومن خلال مشاركة فني مع الآخرين واستقبال ردود فعلهم وتعليقاتهم، أكتسب أفكارا جديدة وطرق جديدة للتفكير تغذي نموي الشخصي والفني، إذ يعكس الفن ذاتيتي من خلال ما أكون وما أؤمن به، ويشكل ويعزز هويتي كإنسانة مبدعة، مما يتيح لي المساهمة بشكل معنوي في الحوار الفني والثقافي الأوسع.