اجتماع حاسم لأوبك+ يُحدد مسار العلاقات الأميركية السعودية

دول تحالف أوبك بلاس تقرر الإبقاء على حصص إنتاجها في ظل أجواء من انعدام اليقين، عشية دخول عقوبات جديدة تستهدف النفط الروسي، حيّز التنفيذ.
أوبك بلاس يعقد اجتماعا افتراضيا عشية بدء سريان عقوبات جديدة ضد روسيا
اجتماع أوبك+ يعقد مع بدء سريان قرار أوروبي لتسقيف سعر النفط الروسي
السعودية تولي وجهها شرقا وسط توتر مع الولايات المتحدة

فيينا - قررت دول تحالف أوبك بلاس الأحد الإبقاء على حصص إنتاجها في ظل أجواء من انعدام اليقين، عشية دخول عقوبات جديدة تستهدف النفط الروسي حيّز التنفيذ.

واتفق ممثلو الدول الـ13 أعضاء منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية، وحلفائها العشرة بقيادة روسيا، الإبقاء على المسار الذي أقرّ في أكتوبر/تشرين الأول والقاضي بخفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل في اليوم حتى نهاية العام 2023، على ما أفاد مشاركان في الاجتماع.

وأكد تحالف أوبك بلاس في بيان الإبقاء على القرار السابق الذي اتخذ دعما للأسعار وأثار استياء البيت الأبيض الساعي لخفض أسعار الوقود في المحطات.

واتجهت أنظار العالم في وقت سابق لاجتماع افتراضي للتحالف النفطي، فيما يتوقع أن تضع نتائجه العلاقات الأميركية السعودية على المحك وسط توتر لم يهدأ منذ قرار الكارتل النفطي الأخير بخفض الإنتاج بنحو مليوني برميل يوميا على خلاف رغبة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن برفع الإنتاج أملا في أن يقود ذلك لخفض الأسعار وبالتالي خفض الوقود في الولايات المتحدة.  

وكانت كل المؤشرات تشير إلى أن الولايات المتحدة تتريث في مراجعة علاقاتها مع الرياض انتظارا لأمرين مهمين في سياق علاقات مشحونة تعلق الأول منهما بانتخابات التجديد النصفي لأعضاء الكونغرس وقد جرى في نوفمبر/تشرين الثاني وكانت نتائجه أقل سوء مما كانت تتوقعه الإدارة الأميركية.

أما الأمر الثاني فيتصل باجتماع أوبك+ والذي يبدأ اليوم الأحد وتبقى نتائجه حاسمة ومحددة لمسار العلاقات الأميركية السعودية فإما أن تتجه إلى مزيد من التوتر أو إلى تهدئة واقعية تحتاجها واشنطن أكثر مما تحتاجها الرياض التي ولت وجهها صوب الشرق تحسبا لأي ردّ أميركي عقابي.

وثمة دفع في واشنطن لتضييق الخناق على المملكة ومنها تأخير تسليمها منظومة بارتيوت الدفاعية وما يتصل بها من صواريخ وعدد تقريبا نحو 300 صاروخ، في الوقت الذي تنادي فيها أصوات وازنة من داخل البنتاغون بضرورة التأني وتفادي أي إجراء عقابي من شأنه أن يؤثر على العلاقات مع السعودية أو يؤثر على مهام القوات الأميركية في الخليج.

وقد يشمل أي تقييم أميركي للعلاقات مع الرياض إلى جانب التأخير أو الامتناع عن تسليم المملكة منظومات دفاعية تحتاجها في مواجهة اعتداءات الحوثيين بالصواريخ والمسيرات، الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة لكن يبقى كل ذلك مجرد فرضيات.   

وكان ثمة خياران أمام الكارتل النفطي لا ثالث لهما على الأرجح وهما إما أن يثبت الخفض السابق وهو ما حدث بالفعل أو يتجه لخفض أشدّ في ظل حالة عدم اليقين وتوقعات بتراجع الطلب من الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم.

ويأتي الاجتماع الافتراضي بينما رفضت روسيا السبت تحديد سقف لسعر نفطها بعد اتفاق الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع وأستراليا على آلية قد تحدّ من واردات موسكو لتمويل هجومها في أوكرانيا وقد يبدأ العمل بموجبها الاثنين "أو بعد ذلك بقليل".

وفي اليوم نفسه، يدخل الحظر الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي على النفط الخام الروسي المنقول بحرا حيز التنفيذ، ما سيقضي على ثلثَي واردات الكتلة من خام روسيا. والهدف من تلك الإجراءات، حرمان موسكو من وسائل تمويل حربها في أوكرانيا.

وبالنسبة إلى أوبك بلاس، يبقى السؤال هو ما سيكون التأثير على المعروض الروسي من الخام، فيما يقول محلّلو مصرف "دي إن بي" إن هناك "حالة كبيرة من عدم اليقين".

ويبلغ سعر برميل خام الأورال حاليا نحو 65 دولارا، وهو أعلى بقليل من السقف الذي حدده الاتحاد الأوروبي بـ60 دولارا، ما يشير إلى تأثير محدود على المدى القصير، لكنّ الكرملين حذّر من أنه لن يسلم النفط للدول التي تتبنى هذه الآلية.

وهذا الأمر يضع بعض الدول "في موقف غير مريح بتاتا، إذ يحتّم عليها الاختيار بين فقدان الوصول إلى النفط الخام الروسي الرخيص أو تعريض نفسها لعقوبات مجموعة السبع" كما أوضح كريغ إيرلام المحلّل لدى مجموعة "أواندا" المالية.

وفي مواجهة المجهول، يمكن للتحالف أن يقرر "البقاء بعيدا عن دائرة الضوء ومراقبة ما إذا كانت الأسعار ترتفع" بعد هذه المروحة الجديدة من العقوبات، وفق "دي إن بي".

ويعزّز اختيار اجتماع افتراضي وليس في مقر التحالف في فيينا سيناريو الإبقاء على الوضع القائم، أي خفض الإنتاج بمقدار مليوني برميل في اليوم في ديسمبر/كانون الأول، كما في الأشهر السابقة، وفقا للمحلّلين. وهو توجّه أكده مصدر إيراني.

ورغم ذلك، لا يستبعد كريغ إيرلام إقرار "خفض أكثر حدة" لدعم الأسعار التي تأثرت بقتامة الوضع الاقتصادي العالمي.

ووسط الوضع الاقتصادي القاتم الذي يغذيه ارتفاع التضخم والمخاوف من ضعف طلب الصين على الطاقة بسبب إستراتيجيتها "صفر كوفيد" لمكافحة الجائحة، ما زالت أسعار النفطين المرجعيين في العالم قريبة من أدنى مستوى لها خلال العام وبعيدة عن الذروة التي سجلتها في مارس/اذار.

ومنذ اجتماع التحالف في أكتوبر/تشرين الأول الذي عقد في مقر الكارتل في فيينا، هبطت الأسعار بصورة كبيرة (6 بالمئة) لتعود إلى مستويات مطلع 2022.

وأوضح إدواردو كامبانيلا المحلل في "يونيكريديت" أن لدى الكرملين "عدة خيارات للالتفاف" على هذه التدابير وبإمكانه أن يعول على دعم السعودية التي تقف بجانبه منذ بدء النزاع، مثيرة غضب الولايات المتحدة.

وأضاف "بإمكان موسكو الرد باستخدام نفوذها داخل أوبك بلاس لدفع التحالف إلى اعتماد موقف أكثر عدائية" في تحذير للغرب الذي يثير استياء الكارتل بفرضه قيودا على الأسعار، بينما سيؤدي هذا السيناريو إلى "تفاقم أزمة الطاقة في العالم".