اجتياح رفح يهدد بقطع المساعدات الإنسانية عن غزة

قوافل المساعدات الإنسانية لم تتمكن من العبور إلى غزة منذ خمسة أيام، وسط تحذيرات من توقف عمليات الإغاثة.

جنيف - حذرت الأمم المتحدة اليوم الجمعة من توقف المساعدات لقطاع غزة في غضون أيام مع شن القوات الإسرائيلية حربا برية ضد مقاتلين فلسطينيين في مدينة رفح المكتظة بالسكان، وهي ممر رئيسي لتوصيل المساعدات للقطاع المهدد بالمجاعة.

وسيطرت الدبابات الإسرائيلية على الطريق الرئيسي الذي يفصل بين القطاعين الشرقي والغربي لرفح، لتطوق بذلك الجانب الشرقي للمدينة في هجوم دفع واشنطن إلى تعليق بعض المساعدات العسكرية لحليفتها.

وتحدث سكان عن وقوع انفجارات وإطلاق نار بشكل متواصل تقريبا إلى الشرق والشمال الشرقي من المدينة الواقعة على الطرف الجنوبي لقطاع غزة مع احتدام القتال بين القوات الإسرائيلية ومسلحي حركتي المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس والجهاد الإسلامي.

وقالت حماس إنها نصبت كمينا لدبابات إسرائيلية بالقرب من مسجد بشرق المدينة، مما يشير إلى توغل الإسرائيليين لعدة كيلومترات من الشرق إلى مشارف المنطقة المأهولة.

وأمرت إسرائيل المدنيين بالخروج من الجزء الشرقي لرفح مما أجبر عشرات الآلاف على البحث عن مأوى خارج المدينة، التي كانت في السابق الملاذ الأخير لأكثر من مليون شخص فروا من مناطق أخرى من القطاع خلال الحرب.

وتقول إسرائيل إنها لا تستطيع الانتصار في الحرب دون اجتياح رفح للقضاء على الآلاف من مقاتلي حماس الذين تعتقد أنهم يحتمون هناك. وتقول حماس إنها ستقاتل للدفاع عن المدينة.

وذكرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة أن الإمدادات بدأت تنفد بالفعل وأن عمليات الإغاثة قد تتوقف في غضون أيام مع نضوب مخزونات الوقود والغذاء.

وقال هاميش يونغ كبير منسقي الطوارئ في منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في قطاع غزة "لم يدخل أي وقود أو مساعدات إنسانية منذ خمسة أيام تقريبا إلى قطاع غزة".

وقال أبوحسن (50 عاما)، أحد سكان منطقة تل السلطان غربي رفح  "ما فيش أمان، كل رفح مش آمنة والقذائف تسقط في كل مكان من إمبارح".

وأضاف "أنا بحاول أطلع أنا وعائلتي بس ما فيش معي 2000 شيقل (540 دولار) ثمن الخيمة". وتابع "حركة النزوح من رفح حتى من المناطق الغربية في رفح في ازدياد رغم أنه هاي مناطق مش مناطق حمرا أو جزء من تصنيف الاحتلال" وأردف "الجيش بيستهدف كل رفح مش بس المنطقة الشرقية سواء من الدبابات أو الطيارات".

وأغلقت دبابات إسرائيلية بالفعل شرق رفح من جهة الجنوب، وسيطرت على المعبر الوحيد بين القطاع ومصر وأغلقته. وأدى التقدم اليوم الجمعة نحو طريق صلاح الدين الذي يقسم قطاع غزة لقسمين إلى تطويق "المنطقة الحمراء" التي أصدر الجيش الإسرائيلي للسكان أمرا بالإخلاء منها.

وقال جيمس سميث طبيب الطوارئ البريطاني المتطوع في رفح "على مدى الأيام الثلاثة الماضية أو نحو ذلك، تدهور الوضع بشكل مأساوي في رفح".

وذكر "زاد عدد الغارات الجوية. زاد عدد هجمات المدفعية، وسمعنا أن معدات عسكرية ثقيلة ودبابات وما إلى ذلك موجودة في شوارع شرق رفح وأيضا في معبر رفح الحدودي مع مصر".

وأضاف "لم تستطع جميع قوافل المساعدات الإنسانية العبور إلى غزة من الجنوب على مدى اليومين الماضيين. لم يدخل وقود وتخطط الأمم المتحدة بالفعل لأسوأ سيناريو متوقع، إذ يجري توزيع الوقود من أجل الأنشطة الأساسية فحسب".

وقالت بريدجيت روتشيوس، وهي قابلة أميركية متطوعة في مستشفى الولادة الرئيسي في رفح، في رسالة نصية إنها لا يزال بمقدورها تقديم الرعايا الطبية لبعض النساء الحوامل اللاتي يعانين من حالات طبية طارئة، ولكنها أوضحت أن نساء أخريات يتعين إرسالهم لأماكن أخرى للولادة. وتوقف نصف الموظفين تقريبا عن الحضور بسبب أوامر الإخلاء الإسرائيلية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته في شرق رفح حددت مواقع عدة فتحات أنفاق وإنها، تحت غطاء غارة جوية، قاتلت من مسافات قريبة مجموعات مقاتلين من حماس وقتلت عدة أفراد منهم.

وذكر الجيش أن طائرات إسرائيلية قصفت عدة مواقع كانت تُطلق منها صواريخ وقذائف مورتر صوب إسرائيل على مدى الأيام القليلة الماضية، استهدف بعضها معبر كرم أبو سالم.

وأدى احتمال شن هجوم موسع على رفح هذا الأسبوع إلى إشعال فتيل واحد من أعمق الخلافات منذ عقود بين إسرائيل والولايات المتحدة التي تعد أقرب حلفائها والتي أعلنت منع شحنات أسلحة إلى إسرائيل للمرة الأولى منذ بدء الحرب.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس إن الإسرائيليين مستعدون للقتال "بأظافرهم" إذا لزم الأمر، فيما عبر عن أمله في أن يتمكن هو والرئيس الأمريكي جو بايدن من تجاوز خلافاتهما.

وتسببت العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح في وقف تدفق المساعدات عبر المعبرين الوحيدين إلى جنوب غزة، وهما معبر رفح من مصر ومعبر كرم أبو سالم من إسرائيل. وقالت إسرائيل إنها أعادت فتح معبر كرم أبو سالم، لكن وكالات إغاثة تقول إنها لم تتمكن من إدخال المساعدات.

وانهارت محادثات وقف إطلاق النار الخميس دون التوصل إلى اتفاق لوقف القتال وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ هجومها في السابع من أكتوبر تشرين الأول والذي أشعل فتيل الحرب.

وأعلنت حماس هذا الأسبوع موافقتها على مقترح قدمه وسطاء قطريون ومصريون كانت إسرائيل قد قبلته في وقت سابق. فيما قالت إسرائيل إن مقترح حماس تضمن بنودا لا يمكنها قبولها.

وقالت السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 34 ألف فلسطيني قتلوا خلال الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر، ويعتقد أن آلاف الجثث لا تزال تحت الأنقاض.