استعادة التمثيل الدبلوماسي بين تونس ودمشق ترفع درجة التنسيق لمكافحة الإرهاب

تونس تأمل الحصول على معلومات من شأنها تعزيز جهود مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي التونسي، والتعرف على الجهات التي كانت وراء دفع الآلاف من التونسيين إلى ساحة الإرهاب.

دمشق - قدم السفير السوري الجديد لدى تونس محمد محمد أوراق اعتماده للرئيس التونسي قيس سعيّد، إثر مبادرة لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاعها في منتصف عام 2011، واستعادة العلاقات بين البلدين والتنسيق في مجالات مكافحة الإرهاب.

وقالت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن إعادة فتح السفارة السورية في تونس تمثل استجابة لمبادرة من الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي اتخذ قرارًا بتعيين سفير لبلاده لدى دمشق.

ومنذ إصدار الرئيس التونسي تعليمات لوزير الخارجية نبيل عمار ببدء إجراءات تعيين سفير لتونس لدى دمشق، بعد تعزيز التمثيل الدبلوماسي التونسي في سوريا في 8 حزيران/يونيو الماضي، تأمل السلطات التونسية في أن تحسم عودة العلاقات الكثير من الملفات من بينها الحصول على معلومات حول تسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر في الخارج.

ولدى الجانبان رغبة مشتركة في تنسيق مجالات مكافحة الإرهاب، حيث تعج السجون السورية بالإرهابيين التونسيين.

وذكرت مصادر مطلعة أن تونس تسعى لفتح أرشيف هذا الملف، والحصول على معلومات من شأنها تعزيز جهود مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القومي التونسي، والتعرف على الجهات التي كانت وراء دفع الآلاف من التونسيين إلى ساحة الإرهاب، وهو ملف لا يزال يثير جدل سياسي حاد في تونس.

وكانت النائبة السابقة بالبرلمان السابق عن حزب نداء تونس فاطمة مسدي تقدمت في ديسمبر/كانون الأول 2021 بشكوى للمحكمة العسكرية تتعلق "بشبكات التسفير إلى بؤر التوتر" التي أحالت الملف إلى القطب القضائي للإرهاب "لأنه يضم مدنيين وعسكريين".

وأوضحت مسدي أنها قدمت وثائق وأدلة تثبت "تورط قيادات من حركة النهضة في هذه القضية"، ومن شأن عودة العلاقات بين البلدين اليوم وتقديم الجانب السوري لمعلومات استخباراتية في هذا الشأن أن تقود التحقيقات إلى مستوى متقدم وتسهل في حل الملف الذي طال آلاف العائلات التونسية.  

كما يرى متابعون أن عودة العلاقات بين البلدين سيترتب عليها تعزيز التبادل التجاري الاقتصادي، فضلا عن التنسيق في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.

وفي عام 2012، لحقت تونس بركب دول عربية عدة قطعت علاقتها الدبلوماسية مع دمشق، خلال عهد الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي في خطوة قوبلت بانتقادات شديدة من أطراف معارضة تونسية.

وفي عام 2015، اتخذت تونس أولى الخطوات الدبلوماسية تجاه سوريا مع تعيين ممثل قنصلي لها في دمشق.

وطلب سعيد في الثالث من أبريل الماضي من وزارة الخارجية بدء إجراءات تعيين سفير تونسي في دمشق. وأتى ذلك بعد إعلانه إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، معتبراً أنه "ليس هناك ما يبرر" عدم تبادل السفراء بين البلدين.

وقال سعيد لوزير خارجيته نبيل عمار، إنّه يتعين اتخاذ قرار بهذا الشأن، مشيراً إلى أنّ تونس تتعامل مع الدولة السورية ولا دخل لها إطلاقاً في اختيارات الشعب السوري. وألمح إلى أنّ هناك جهات كانت تعمل على تقسيم سوريا لمجموعة من الدول منذ بداية القرن العشرين، موضحاً أنّ بلاده لن تقبل بذلك.

وقد تم قبول أوراق اعتماد محمد المهذبي سفيرًا فوق العادة ومفوضًا للجمهورية التونسية لدى سوريا من قبل الرئيس السوري بشار الأسد في يونيو/حزيران الماضي.

ويأتي تبادل التمثيل الدبلوماسي بين البلدين، بعد انفتاح غير مسبوق تجاهها من دول غربية عدة، خصوصاً بعد الزلزال المدمر الذي ضربها وتركيا المجاورة في فبراير/ شباط الماضي.

وخلال السنوات القليلة الماضية برزت مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق بدأت مع إعادة فتح الإمارات لسفارتها فيها عام 2018. وقد زار الرئيس السوري بشار الأسد الإمارات مرتين منذ ذلك الحين، آخرها في مارس آذار الماضي.

لكن منذ وقوع الزلزال المدمّر، تلقى الأسد سيل اتصالات ومساعدات من قادة دول عربيّة، في تضامن يبدو أنه سرّع عملية تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي.