الاسلاميون صنعوا أزمة التعليم وحكومة أخنوش تدفع الفاتورة

العديد من القوى السياسية تؤكد على مسؤولية حزب العدالة والتنمية عن مراكمة أزمة التعليم التي يحاول استغلالها في مهاجمة حكومة أخنوش والظهور كحليف للأساتذة.
نقابات التعليم تتهم البيجيدي "بالركوب" على مطالبهم لتحقيق المكاسب

الرباط – كشف مسؤول مهني في نقابات التعليم المغربية عن مسؤولية حزب العدالة والتنمية عن أزمة التعليم أثناء فترة قيادته الحكومة، وأن محاولاته الحالية "الركوب على الحدث" لا تنطلي على الأساتذة والمعلمين الذي يستذكرون مواقف الحزب السابقة التي فجرت الأزمة عام 2016، ويحاول اليوم استثمارها في معارضته لحكومة عزيز أخنوش بتأجيج الاحتقان.

 ولجأ الأمين العام للحزب عبد الإله بنكيران، منذ بدء النقاشات ودعوات الحكومة المتواصلة للحوار، إلى إجهاض محاولات حل الأزمة عبر الجمعية الوطنية لموظفي التعليم التابعة له، بالقول إنّ الحكومة فشلت في حل أزمة التعليم بسبب "سوء تصرفها"، وإنّ رفض الشغيلة التعليمية لجميع مقترحاتها إلى حدّ الساعة راجع لفقدان الثقة".

لكن عبد الله اغميمط، الكاتب العام للجمعية الوطنية للتعليم/ التوجه الديمقراطي، أكد أن "حزب العدالة والتنمية مسؤول بشكل مباشر عما نعيشه داخل القطاع، لأن حكومته لم تقم بحل المشاكل ولم تنفذ الاتفاقات وعادت نساء ورجال التعليم"، مضيفا أنه "يحاول الآن الركوب على نضالات الشغيلة التعليمية، لكن هيهات لأن الأساتذة يعلمون جيدا من كان معهم ومن سيظل معهم ومن تحمل المسؤولية لولايتين داخل الأجهزة التنفيذية للبلاد ولم يحل مشاكل نساء ورجال التعليم".

وتفاقمت الأزمة عام 2016 عندما أقرت حكومة عبد الإله بن كيران زعيم حزب العدالة والتنمية "نظام التعاقد" لأساتذة التعليم، الذي يقضي بعدم إدماجهم مباشرة في الوظيفة العمومية، بل عن طريق توظيفهم بواسطة عقد عمل حر.

الكاتب العام للجمعية الوطنية للتعليم يعتبر أن حزب العدالة والتنمية مسؤول بشكل مباشر عما يعيشه القطاع، لأن حكومته لم تقم بحل المشاكل ولم تنفذ الاتفاقات وعادت نساء ورجال التعليم.

ورغم ذلك يتجاهل بنكيران هذه الحقيقة، ووجد في أزمة التعليم فرصة لاستغلالها في مهاجمة الحكومة والظهور كحليف للأساتذة وكسب تأييد الشارع وأولياء التلاميذ المستائين من الوضع، في حين أن موقفه يساهم في الدفع بالأزمة إلى أقصاها بعيدا عن أي حل وسطي ينقذ السنة الدراسية.

وتؤكد العديد من القوى السياسية على مسؤولية حزب "البيجيدي" عن هذه الأزمة حيث اتهمت صحيفة "العلم" لسان حزب الاستقلال، في صفحته الأولى لعدده الأربعاء 20 ديسمبر/كانون الأول الماضي، البيجيدي والنقابة المقربة منه بأنهما كانتا متواطئتين على "الإجهاز على حقوق ومكتسبات الموظفين المغاربة في مختلف القطاعات بما في ذلك قطاع التعليم من خلال إصلاح معيب للتقاعد". وأضافت بأن حكومة العدالة والتنمية "كانت هي التي دفنت قنبلة التعاقد في عمق الوظيفة العمومية، والتي كان يتوقع انفجارها في أية لحظة من اللحظات".

كما اعتبر البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار محمد السيمو، إن من "يعمل على تأجيج الاحتقان الحالي في قطاع التعليم، هم الذين كانوا ضد فتح باب الحوار طيلة عشر سنوات مع ممثلي هذا القطاع"، وحمل السيمو خلال جلسة مناقشة الميزانية الفرعية لقطاع التعليم بلجنة التعليم والثقافة والاتصال في نوفمبر/تشرين الثاني حزب العدالة والتنمية مسؤولية أزمة قطاع التعليم الحالية، مشددا على أنهم "كانت لديهم نقابة متغولة".

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش قد اتهم النقابات التابعة لحزب العدالة والتنمية بالتهرب من الحوار مع اللجنة الثلاثية الحكومية المكلفة بالبحث عن حل لأزمة قطاع التعليم، مشيرا إلى أنها تتمسك بالإضراب، وهي أوضح إشارة من الحكومة إلى دور النقابة التي يسيطر عليها الإسلاميون في تعطيل الحل والدفع نحو سنة دراسية بيضاء.

ولجأ أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي في المغرب للإضراب منذ بداية العام الدراسي 2023/2024 بسبب رفضهم لنظام جديد أقرته الحكومة لتوظيف ومواصلة مهام أساتذة التعليم العام، يقوم على عدم إدماج الأساتذة بشكل رسمي في الكادر الوظيفي التعليمي وإضافة مهام جديدة لهم وفرض عقوبات عليهم.

وقال اغميمط، في حديث لموقع "مدار21" المحلي، تعليقا على استمرار التنسيقيات في الإضراب والاحتجاج رغم توقيع الحكومة لاتفاق 26 ديسمبر/كانون الأول مع النقابات التعليمية الخمس الأكثر تمثيلية، إن "احتجاجات الأساتذة مشروعة وتدل على أن مجموعة من المطالب لم تحقق بعد، ولا يمكننا إلا أن نتضامن مع نساء ورجال التعليم".
وأعلنت الحكومة قبل حوالي عشرة أيام، توقيع اتفاق مبدئي مع النقابات التعليمية ينص على مراجعة "النظام الأساسي الجديد" وإيقاف الاقتطاعات من أجور الاساتذة المضربين عن العمل، وتحسين دخل كل الموظفين والموظفات العاملين بقطاع التعليم، ومعالجة مشاكل فئات رجال التعليم في المغرب حسب القطاعات، وكذلك زيادة مبلغ 500 درهم لأساتذة التعليم الثانوي دون نظرائهم من أساتذة الابتدائي والإعدادي.

وعلى عكس التوقعات لم تهدأ الأمور لعدم اقتناع التكتلات الجديدة التي تشكلت بفعل الأزمة لتمثيل الأساتذة في المفاوضات الرسمية بديلة عن النقابات بمضمون الاتفاق. لتعلن وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة الثلاثاء الماضي عن خطتها لتكييف تنظيم السنة الدراسية 2023/2024: بغية تدبير الزمن المدرسي والتنظيم التربوي لتعليمات التلميذات والتلاميذ، بعد شهرين من الاضطرابات بسبب أزمة النظام الأساسي.

وقالت الوزارة في بيان، إنه تقرر تمديد السنة الدراسية بأسبوع بالنسبة لجميع الأسلاك التعليمية، وتكييف البرامج الدراسية لجميع المستويات التعليمية، من أجل إكمال المقررات الدراسية.

كما تقرر تعزيز آليات الدعم التربوي من أجل مساعدة التلميذات والتلاميذ على تثبيت مكتسباتهم؛ والحرص على ضمان حق التلميذات والتلاميذ في التعليم مع تكافؤ الفرص بين الجميع. وأضافت إنه تقرر كذلك تعديل تواريخ إجراء الامتحانات الوطنية والجهوية والإقليمية الموحدة؛ بحيث تحدد انطلاق الامتحان الوطني لنيل شهادة البكالوريا يوم 10 يونيو 2024 بدل 03 يونيو 2024.