الخيانة والفساد يعصفان بالجيش السوري المعارض

اتهامات لفرقة المعتصم بالتحول من فصيل عسكري ثوري لشركة تجارية أمنية خاصة وبناء امبراطورية مالية هائلة من خلال تهريب وبيع الأسلحة الأميركية النوعية.

مارع (شمال سوريا) - نشر المجلس العسكري التابع "للجيش الوطني السوري" المعارض شمال سوريا في ساعة متأخرة من ليل الخميس بيانا أعلن فيه عزل قائد “فرقة المعتصم”، معتصم عباس، وتجريده من جميع الصلاحيات العسكرية والأمنية والإدارية"، واعتقاله وإحالته للتحقيق الداخلي بتهمة "الخيانة والفساد وإساءة استخدام السلطة وسرقة أموال الثورة والمال العام"، في مواجهة جديدة بين الفصائل العسكرية في شمال سوريا التي تكررت لأكثر من مرة خلال السنوات الماضية.

وذكر القيادي في الفرقة العسكرية، مصطفى سيجري، في بيان العزل أن القرار اتُخذ بعد "اكتشاف أكبر ملف فساد مالي وأخلاقي في تاريخ الثورة السورية، تورط فيه المدعو أبو العباس (المعتصم) وإخوته"، لكن لاحقا نشر على حسابه في موقع إكس منشورا يشير إلى تحول الموقف والإفراج عن عباس وإصدار أمر معاكس باعتقال سيجري ورفاقه.

وقال علاء الدين أيوب الملقب بـ"الفاروق أبو بكر"، القيادي الآخر في المجلس العسكري في تسجيل صوتي إن معتصم عباس جعل من الفرقة شركة استثمار، وصار يلفق تهمًا لخصومه، عدا عن أملاك وعقارات نهبها تحت راية “الثورة”.

وأضاف أن معتصم حاول تسهيل دخول “هيئة تحرير الشام” صاحبة السيطرة العسكرية في إدلب إلى مدينة مارع، ولم يستمع إلى النصائح بأن دخول “الهيئة” مصيبة، كما حاول استلام مبلغ مليون دولار أميركي من قائد “الهيئة”، “أبو محمد الجولاني”، لكن “أبو بكر” وسيجري منعا وعرقلا ذلك.

وذكر “أبو بكر” أن معتصم عباس حاول التنسيق مع “تحرير الشام” لتنفيذ اغتيالات قادة عسكريين وأشخاص مدنيين من مارع بذريعة أنهم سيئون ومفسدون، وأن لديه شهودًا وقائمة بأسماء التصفيات المخطط لها. وأوضح أن محاولة إصلاح ما عمله معتصم عباس والفرقة باءت بالفشل، لافتًا إلى أن معتصم كان يخطط لتصفية “الفاروق أبو بكر”، ومصطفى سيجري.

وجاء الاتهام بعد إصدار قرار بعزل عباس، واعتقاله وتسليمه لقيادة “الفيلق الثاني” (لا تزال قضية بقائه معتقلًا غير مؤكدة)، ومصادرة جميع الأموال والممتلكات والأراضي والعقارات العائدة له ولأربعة قياديين، والمسجلة بعد عام 2011.

واندلعت اشتباكات محدودة بين الطرفين المتصارعين، أسفرت عن إصابة قائد الفرقة واعتقاله ومقتل أخيه، وإصابة آخرين من الفريق التابع له.

وتعتبر "فرقة المعتصم" من أبرز الفصائل المنضوية ضمن تحالف "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا، ويتركز نفوذها بالتحديد في مدينة مارع بريف حلب الشمالي. وكانت قد عاشت قبل أشهر حالة توتر بين الجناحين المتصارعين الممثلين بقائدها وقادة "المجلس العسكري"، بسبب ملفات فساد مالية.

وقال سيجري إن التحرك الأخير بحق “فرقة المعتصم” جاء لخمسة أسباب، أولها اكتشاف أكبر ملف فساد مالي وأخلاقي في تاريخ الثورة السورية، قد تورط فيه معتصم عباس وإخوته. والسبب الثاني أن “فرقة المعتصم” تحولت من فصيل عسكري ثوري لشركة تجارية أمنية خاصة بآل عباس في مارع، وبناء ثروة وامبراطورية مالية هائلة من خلال تهريب وبيع شحنات ضخمة من الأسلحة الأميركية النوعية والأسلحة والذخائر الروسية من سوريا إلى ليبيا وتقدر بملايين الدولارات. والسبب الثالث إخفاء وسرقة كامل العائدات المالية الخاصة بالفرقة وتقدر بملايين الدولارات.

وأضاف رابعًا، نهب وسرقة رواتب المقاتلين القادمة من تركيا والمخصصات الشهرية من المعابر الداخلية والخارجية والمشاريع الاقتصادية وتقدر بمئات الآلاف من الدولارات شهريًا. وخامسًا، انتهاج سياسة الكسب غير الشرعي من خلال نقاط التهريب في مارع وعفرين ورأس العين، وتتضمن إدارة شبكات تهريب البشر والمواد الممنوعة، ومشاريع التنقيب عن الآثار والتي تقدر بملايين الدولارات شهريًا.

وبحسب تسجيلات صوتية متداولة عن معتصم عباس في غرف “تلجرام” (واسع الانتشار في المنطقة)، قال إن ما حصل هو انقلاب وغدر، وبعد شهر من الحديث والمناقشات عن موضوع فساد مالي سلّم القياديين “الفاروق أبو بكر” وسيجري جميع الملفات المتعلقة بذلك.

وأضاف أنه تفاجأ بعد وصوله إلى مبنى الفرقة برفقة مسؤول العلاقات في “الحكومة المؤقتة” ياسر الحجي، باقتحام عناصر للمبنى وإطلاق النار عليه وإصابته في يده، وإصابة شقيقه.

وأضاف أنه احتُجز لأربعة ساعات ثم خرج، مردفا "غدروا بي (سيجري وعلاء الدين أيوب).. لكي يستلموا القيادة".

ويسيطر تحالف "الجيش الوطني السوري" على مناطق واسعة في ريف حلب الشمالي والشرقي. كما يسيطر على جيب في شمال شرق البلاد، يمتد بين مدينتي رأس العين وتل أبيض بريف محافظة الرقة.

ورغم أنه يبدو كتحالف عسكري موحد، غالبا ما تندلع مواجهات بين فصائله العسكرية لعدة أسباب، لم تخرج عنها نوايا الاستحواذ وبسط النفوذ على صورة أكبر.