التخييم الشاطئي ملاذ المغاربة من أسعار المنتجعات والفنادق

مئات الأسر تقضي العطلة الصيفية بنفس الروتين اليومي بأرخص التكاليف في ظل موجة الغلاء.

الرباط - "نلتقي هنا كل سنة، يجتمع الجيران والأهل وكل شيء يمضي على ما يرام، والأسعار مناسبة للغاية"، بهذه الكلمات تسرد الحاجة فاطمة دوافعها للتخييم مع عائلتها، في أحد المخيمات الشاطئية بمدينة السعيدية شمال شرق المغرب.

وترى الحاجة فاطمة، وهي سيدة في عقدها الثامن، في المخيمات الشاطئية بديلا ملائما وأقل سعرا من البحث عن منزل مفروش، أو فندق في أحد المنتجعات المنتشرة في البلاد.

وككل سنة، لا تطيب العطلة الصيفية للحاجة فاطمة إلا في هذه المدينة المتاخمة للحدود الجزائرية، داخل خيمة تفي بالغرض، وتضمن للعائلة تجربة مختلفة.

مئات الأسر تقضي العطلة الصيفية كما الحاجة، وبنفس الروتين اليومي، دافع بعضها في ذلك الشغف بنمط الاصطياف الذي يحاكي في بعض صوره مشاهد المغامرات التي يقدم عليها الرحالون الذين يبيتون داخل خيامهم في الخلاء، بينما عند البعض الآخر، هي اختصار للطريق نحو إجازة صيفية بأرخص التكاليف، في ظل موجة الغلاء التي اجتاحت كل شيء.

وهناك بالنسبة إلى الحاجة فاطمة التي نزلت بمخيم "شمس" الكثير من المزايا التي تغريها للاستمرار في هذا النمط لقضاء العطلة الصيفية، ليس أقلها أن هذا الفضاء يتحول في الصيف إلى ما يشبه ملتقى للأحباب.

وتقول الحاجة فاطمة لتأكيد رغبتها في مواصلة النهج الذي سارت عليه منذ عقود، "نلتقي هنا بالأحباب والجيران، وحتى أبناؤنا عودناهم على هذا النمط في الاصطياف".

ومن شدة ارتباطها بالفضاء، سارت هذه السيدة الثمانينية مواظبة على القدوم إلى المخيم حتى في أوقات وعطل أخرى غير العطلة الصيفية، إذ كلما سنحت لها الفرصة بذلك لا تتردد في القدوم ومجاورة أشجار الأوكاليبتوس الطويلة.

والحقيقة أن الميزات المذكورة ليست وحدها ما يغري الحاجة فاطمة، ومئات السياح الآخرين، فحتى الأسعار المنخفضة تغري بالمكوث فيه.

ترسخت في وعي الناس طوال العقود الماضية، صورة ضبابية عن المخيمات الشاطئية، إذ يربطها البعض بكونها أماكن غير مناسبة لقضاء عطلة مناسبة أو بالأحرى مريحة.

وعلى العكس من ذلك، ترى الحاجة فاطمة أن كل شيء وفق المطلوب سواء كانت مرافق صحية أو أماكن الإقامة.

وهذه القناعة يتقاسمها معها رضى بطيوي، وهو شاب يجاورها في المكان، دأب منذ مدة على اختيار هذا النمط في الاصطياف.

وعلى الرغم من تأكيده على أنه يعشق نمط التخييم، وهو أكثر ما يدفعه لاختيار هذه الطريقة في قضاء العطلة، لم يخف الشاب المغربي دور الأسعار في هذا الاختيار.

في هذا المخيم كما كل المخيمات، هناك خياران رئيسان، إما أن تستقدم خيمتك وتستأجر من إدارة المخيم المكان الذي تنصبها فيه، أو تستأجر الخيمة بأثاثها وهو الخيار الثاني المتاح.

سعر الخيار الأول 100 درهم في اليوم (نحو 11 دولارا)، فيما الخيار الثاني متاح بـ150 درهما (نحو 17 دولارا) لليلة الواحدة.

عمليا، يُسمح في كل خيمة بـ5 أفراد، لكن يحدث أن يكون عدد أفراد العائلة أقل، وهو مدعاة لتخفيض الثمن، وحتى إذا كان أكثر تجد العائلة المرونة اللازمة للتعاطي مع الوضع.

زيادة على خيار استئجار الخيمة أو مكان نصبها، هناك خيارات أخرى متعلقة باستئجار أواني تحضير الطعام، بنحو 20 درهما في اليوم (نحو 2.5 دولار).

ويتسع المخيم لحوالي ألف خيمة، وهو رقم كبير يحتاج إلى الضبط قبل كل شيء، هذه المهمة، أسندت إلى مسير المخيم ميلود كنور الذي قال إن نظام المراقبة بالكاميرات لجميع زوايا المخيم سهل ضبط الوضع.

الولوج إلى هذا الفضاء، يمر بنفس المراحل التي يفرضها ولوج فندق مثلا، إذ يلزم الزبون بالإدلاء ببياناته الشخصية التي يمكن للمصالح الأمنية الرجوع إليها فيما بعد، لتبيان هوية "سكان المخيم"، وما إذا كان هناك مطلوبون للعدالة.

ويحرص ميلود لضبط الوضع أكثر، على إسناد الخيام إلى العائلات وتجنب ما أمكن "العزاب"، بما يضمن معه توفير الجو العائلي المطلوب في هذه الفضاءات المشتركة، وتجنب كل ما من شأنه إقلاق راحة العائلات فيه.

وميزة "الضبط" التي يترجمها ميلود في كلمة "السمعة الطيبة" هي أكثر ما يدفع العائلات إلى الإقبال على المخيم، زيادة على ما يضمنه من ميزات أخرى من قبيل القرب من الأسواق والفضاءات التجارية والأهم القرب من البحر.