الخناق العسكري الروسي بدأ يضيق على كييف

الجيش الأوكراني يحذّر من أن روسيا تحاول إغلاق كييف من خلال ضرب دفاعاتها في غرب العاصمة وشمالها، مضيفا أن هناك أيضا خطرا على مدينة بروفاري في الشرق.
القوات الروسية توسع عملياتها في أوكرانيا
تركيا تنقل سفارتها من كييف تحسبا لهجوم روسي على العاصمة الأوكرانية
القوات الروسية توسع عملياتها العسكرية في أوكرانيا
زيلنسكي يدعو أوروبا لفعل المزيد والغرب يفرض مزيدا من العقوبات على روسيا

كييف - وسع الجيش الروسي الجمعة هجومه في أوكرانيا وقصف لأول مرة مدينة دنيبرو التي كانت تعتبر ملاذا آمنا واستهدف مطارين عسكريين في غرب البلاد في حين بدأ الخناق يضيق حول العاصمة كييف.

كما نقلت وسائل إعلام رسمية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيليتش قوله إن تركيا نقلت سفارتها من كييف إلى مدينة تشرنيفتسي وسط تقارير عن هجوم روسي مزمع على العاصمة الأوكرانية.

وتركيا الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي والتي لها حدود بحرية مع كل من روسيا وأوكرانيا في البحر الأسود وتربطها علاقات جيدة مع كل من البلدين، من بين آخر الدول التي ما زالت تشغل بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا.

كما تأتي هذه الخطوة بعد أن فشلت مفاوضات بين وزيري الخارجية الروسي والأوكراني استضافتها تركيا في التوصل لوقف لاطلاق النار بينما لم تحرز مفاوضات أخرى بين وفدين من البلدين في بيلاروس الموالية لروسيا تقدما يذكر بعد ثلاث جولات من المحادثات.   

وبعد أكثر من أسبوعين من الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، ما زال مئات آلاف المدنيين محاصرين وتحت القصف، في حين تقدر الأمم المتحدة أن حوالي 2.5 مليون فروا من البلاد.

وفرضت القوى الغربية عقوبات غير مسبوقة على موسكو وأرسلت أموالا ومساعدات عسكرية إلى كييف لكنها فشلت في وقف الغزو الروسي مع الإبلاغ مجددا عن ضربات ليلية في أنحاء أوكرانيا الجمعة.

وفشلت أول محادثات رفيعة المستوى بين الجانبين الخميس في تحقيق اختراق رغم أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال الجمعة إن هناك "تحولات إيجابية"، مشيرا إلى أن المفاوضات "تجرى الآن بشكل شبه يومي".

وأصابت ثلاثة صواريخ مبانيَ مدنية في مدينة دنيبرو في وسط أوكرانيا الجمعة ودمّرت مصنع أحذية وأسفرت عن مقتل حارس أمن. وكانت دنيبرو تعتبر ملاذا آمنا إذ لم تتعرض لكثير من الهجمات.

وقالت سفيتلانا كالينيتشيكو التي تعيش وتعمل في عيادة تضررت بالهجوم "كان يفترض اليوم أن نستقبل أشخاصا يحتاجون إلى الكثير من الدعم. الآن لا يمكننا مساعدة أحد".

وأصيبت دار رعاية للمعوّقين في قرية أوسكيل، قرب خاركيف في شرق أوكرانيا، بغارات روسية دمرت أيضا خمسة منازل، بحسب مسؤولين محليين.

ولم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات. وفي دار الرعاية، كان جميع الموظفين الثلاثين و330 مريضا، معظمهم مسنّون، محتمين في ذلك الوقت. كما قتل جنديان أوكرانيان وأصيب ستة في قصف على مطار لوتسك العسكري شمال غرب البلاد، كما قال مسؤولون محليون. وقالت موسكو إن المطار "أصبح خارجا عن العمل".

وحذر الجيش الأوكراني من أن روسيا تحاول "إغلاق" كييف من خلال ضرب دفاعاتها في غرب العاصمة وشمالها، مضيفا أن هناك أيضا خطرا على مدينة بروفاري في الشرق.

وقال رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو الخميس إن نصف سكان المدينة فروا وأن العاصمة "تحولت إلى حصن".

وواجهت الضواحي الشمالية الغربية لكييف، بما فيها إيربين وبوتشا، أياما من القصف العنيف لكن المدرّعات الروسية تتقدم أيضا على الحدود الشمالية الشرقية للعاصمة.

وأفاد جنود أوكرانيون بحصول معارك عنيفة للسيطرة على الطريق السريع الرئيسي المؤدي إلى العاصمة وسط ضربات صاروخية في فيليكا دميركا خارج حدود كييف الخميس.

ووقعت معارك في اربين ومكاروف غرب العاصمة. كما استهدف القصف بوتشا وسقطت صواريخ في بلدة باريشيفكا قرب بروفاري أصابت مباني سكنية.

وأعلنت السلطات المحلية أن منطقة كييف "تستعد لإجلاء السكان من أكثر المناطق خطرا".

وتم إجلاء ما يقارب 20 ألف شخص يومي الأربعاء والخميس، وحوالي 100 ألف في اليومين الماضيين من المدن التي تشهد معارك، وفقا للسلطات.

كما استهدفت غارات جوية ليلية مدن تشيرنيهيف (شمال) وسومي (شمال شرق) وخاركيف (شرق) والتي استهدفت بشدة منذ بدء الهجوم الروسي، ما ألحق أضرارا بالمباني السكنية والبنى التحتية لإمدادات المياه والكهرباء.

في نيزين قرب تشيرنيهيف قتل شخصان وأصيب ثمانية بجروح جراء قاذفات صواريخ أوراغان. ودارت معارك أيضا قرب تشيرنيهيف وفي منطقة خاركيف.

وقالت ممثلة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع المأسوي في ماريوبول حيث السكان دون كهرباء وماء وغاز "بدأ السكان يتقاتلون من أجل الغذاء. ودمر آخرون سيارة لسحب البنزين منها"، وفق ما قالت ساشا فولكوف في تسجيل صوتي أرسل إلى وسائل الإعلام.

وقالت موسكو إنها ستفتح أيضا ممرات إنسانية يومية لإجلاء المدنيين إلى الأراضي الروسية، لكن كييف رفضت الطرق المؤدية إلى روسيا.

وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن القوات الروسية ترسل عددا متزايدا من القوات لتطويق المدن الرئيسية، ما يقلل الأعداد المتاحة لمواصلة التقدم.

من جانبه، أعلن الكرملين الجمعة أنه سيسمح لمقاتلين من سوريا والشرق الأوسط بالقتال إلى جانب روسيا في ما تسميه موسكو "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا.

وأقر الجيش الروسي هذا الأسبوع بمشاركة مجندين بعدما قال بوتين في وقت سابق إن الجنود "المحترفين" فقط هم من يشاركون في القتال.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في مقطع فيديو على تلغرام الجمعة "إنها حرب مع عدو عنيد جدا... قرر استخدام مرتزقة ضد مواطنينا. قتلة من سوريا، من بلد دمر فيه المحتلون كل شيء، كما يفعلون بنا".

وحذّر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الجمعة، اثر قمة للاتحاد الأوروبي في فرساي، من أن الأوروبيين مستعدون لفرض "عقوبات قاسية" جديدة على روسيا إذا استمرت الحرب في أوكرانيا.

وقال للصحافيين "إذا استمرت الأمور على الصعيد العسكري سنفرض عقوبات جديدة بما فيها عقوبات قاسية"، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يدعم أوكرانيا "حتى النهاية".

بدوره، أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو الجمعة أن كندا ستفرض عقوبات جديدة على الأوليغارش الروس، بمن فيهم رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي الإنكليزي لكرة القدم، ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي الفيديو نفسه قال زيلينسكي إن على الاتحاد الأوروبي "فعل المزيد" من أجل أوكرانيا بعدما استبعد زعماء الدول الـ27 انضمامها السريع إلى الكتلة في اليوم السابق.

ومن المتوقع أن يدعم زعماء الاتحاد الذين يجتمعون في فرنسا الجمعة اقتراحا بمضاعفة تمويل المساعدات العسكرية لأوكرانيا بمقدار 500 مليون يورو إضافية.

وكان الكونغرس الأميركي أقرّ مساء الخميس ميزانية تشمل 14 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والعسكرية لأوكرانيا.

لكن الولايات المتحدة استبعدت فرض منطقة حظر للطيران ورفضت خطة بولندية لنقل مقاتلات إلى أوكرانيا عبر قاعدة جوية أميركية خوفا من الانجرار مباشرة إلى الصراع.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في مقابلة مع وكالة فرانس برس "لدينا مسؤولية الحؤول دون تصاعد هذا النزاع إلى ما وراء الحدود الأوكرانية ليصبح حربا شاملة بين روسيا والناتو".

وأضاف في المقابلة على هامش منتدى في تركيا إن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا "سيؤدي على الأرجح إلى حرب شاملة بين الناتو وروسيا".

وفي وقت لاحق من الجمعة، سيعقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا طارئا بناء على طلب روسيا للبحث في اتهامها الولايات المتحدة بتمويل بحوث لتطوير أسلحة بيولوجية في أوكرانيا.

ونفت كل من واشنطن وكييف تلك الاتهامات فيما قالت الولايات المتحدة إنها دليل على أن موسكو قد تستخدم الأسلحة نفسها قريبا.

وفي غضون ذلك، قالت روسيا الجمعة إنها ستلاحق شركة ميتا قانونيا بسبب "دعوات إلى قتل" مواطنين روس، مشيرة إلى أن الشركة الأم لفيسبوك وإنستغرام خففت قواعدها بشأن الرسائل العنيفة التي تستهدف الجيش والقادة الروس.

وأعلنت هيئة روسكومنادزور الروسية الناظمة في بيان "حظر الوصول إلى تطبيق إنستغرام  في روسيا"، فيما أعرب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان الجمعة عن قلقه إزاء إعلان "ميتا" في هذا الشأن.

وقالت الناطقة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان إليزابيث ثروسيل خلال مؤتمر صحافي في جنيف "من الواضح جدا أن هذا موضوع معقد للغاية، لكنه يثير مخاوف بشأن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي".