الرعب يُخيم على رفح بعد تهديد إسرائيل باجتياح محدود للمدينة

سكان رفح والنازحون يتساؤلون إلى أين سنذهب بعد تهديد الجيش الإسرائيلي بتنفيذ عملية محدودة في شرق المدينة.

الأراضي الفلسطينية - يُخيم الرعب على مدينة رفح بعدما وجه الجيش الإسرائيلي، بينما  أعرب المدنيون الفلطسينيون في جنوب قطاع غزة عن خوفهم الشديد الاثنين.

وأكدت جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني الاثنين انتقال "آلاف" المواطنين من المناطق الشرقية لرفح نحو الغرب. وقال أسامة الكحلوت من غرفة عمليات الطوارئ في الهلال الأحمر "بعد اشتداد القصف، هناك آلاف المواطنين يتركون منازلهم في الشرق ويتجهون نحو الغرب".

قال سكان إن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية على رفح اليوم الاثنين، وذلك بعد ساعات من طلبه من الفلسطينيين إخلاء أماكن من المدينة التي يلوذ بها أكثر من مليون نازح جراء الحرب.

وتزداد المخاوف إزاء شن هجوم شامل في رفح، وهو أمر تهدد به إسرائيل منذ فترة طويلة، على معاقل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في ظل توقف محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة.

وقال عزت الرشق المسؤول بحماس في بيان إن أي عملية إسرائيلية في رفح "ستضع المفاوضات في مهب الريح".

ولم يصدر تعليق بعد عن إسرائيل وذكر تلفزيون الأقصى التابع لحماس أن إسرائيل استهدفت مناطق في شرق رفح بالقرب من أحياء أصدرت أوامر بالإخلاء لساكنيها.

وخرجت أسر على غير هدى تحت زخات المطر بعد أن تلقت تعليمات من خلال رسائل نصية باللغة العربية واتصالات هاتفية ومنشورات بالانتقال إلى ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة خدمات إنسانية موسعة" على بعد 20 كيلومترا.

وكدس بعض الأسر أطفالا ومتعلقات فوق عربات تجرها الحمير، بينما غادرت أخرى بسيارات نقل أو على الأقدام في شوارع موحلة.

وقال أبورائد وهو أحد النازحين في رفح لرويترز من خلال أحد تطبيقات التراسل "كانت بتمطر طول الليل ومش عارفين وين نروح، طول الوقت كنا قلقان انه هيك يوم راح ييجي، هلقيت لازم أشوف وين ممكن تروح بعيلتي".

وقال سامي أبوزهري القيادي الكبير بحركة حماس لرويترز إن أمر الإخلاء الإسرائيلي من رفح "تطور خطير وسيكون له تداعياته"، مضيفا أن "الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية إلى جانب الاحتلال عن هذا الإرهاب"، في إشارة إلى التحالف الأميركي الإسرائيلي.

وتحذر وكالات إغاثة من أن أمر الإخلاء سيزيد من حدة الكارثة الإنسانية في القطاع الساحلي الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة يعانون ويلات الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر.

وقالت منظمة 'أكشن إيد' الخيرية البريطانية "إجبار ما يزيد على مليون نازح فلسطيني من رفح على الإخلاء من دون مقصد آمن ليس أمرا غير مشروع فحسب، وإنما سيؤدي إلى عواقب كارثية".

وقال إنه طلب من سكان شرق رفح المغادرة. وجاء في منشور باللغة العربية ألقي صباح الاثنين في الأحياء الشرقية للمدينة "إلى كل السكان والنازحين، الجيش الإسرائيلي يعمل بقوة ضد التنظيمات الإرهابية، من أجل سلامتكم يجب الإخلاء الفوري إلى المنطقة الإنسانية بالمواصي"، مشددا على أن أي شخص يبقى "في المنطقة يعرض حياته وحياة الآخرين من عائلته للخطر".

وقال أسامة الكحلوت من غرفة عمليات الطوارئ في جمعية الهلال الأحمر في غزة "فعليا بدأت عملية النزوح على أرض الواقع ولكن بشكل محدود، بدأ المواطنون بالإخلاء بعد حالة من الرعب والذعر خاصة بعد الإعلان الرسمي عن المربعات المطلوب إخلاؤها والتي يتواجد فيها حاليًا 250 ألف نسمة".

وفي المقابل، قدر الجيش الإسرائيلي عدد الأشخاص المعنيين بـ "نحو 100 ألف" شخص، بينما يقيم نحو 1.2 مليون شخص غالبيتهم من النازحين في رفح راهنا، بحسب منظمة الصحة العاليمة.

وبقيت مدينة رفح الواقعة في أقصى جنوب القطاع في منأى عن العمليات البرية الإسرائيلية التي بدأت في 27 أكتوبر/تشرين الأول في قطاع غزة، لكنها تتعرّض بشكل منتظم لغارات جوية وقصف مدفعي.

ووسط الأمطار، بدأ بعض النازحين إلى رفح بتوضيب مقتيناتهم استعدادا للانتقال. وتساءل عبدالرحمن أبوجزر (36 عاما) "إلى أين يمكن أن نذهب لا نعلم، مناطق المواصي لا يوجد فيها أماكن، هي مكتظة بالنازحين وأيضا لا يوجد فيها مدارس لاستيعاب آلاف المواطنين. أنا وعائلتي 13 شخصا".

وأضاف "زوجة عمي معنا وهي مريضة وتغسل كلى في مستشفى النجار والمستشفى أيضا ضمن منطقة الإخلاء،  فكيف سنتصرف معها؟، خصوصا أنه لا يوجد في المواصي مستشفيات وبعيدة عن أي خدمات، هل ننتظرها حتى تموت من دون أن نتمكن من عمل شيء لإنقاذها".

وقال محمد النجار (23عاما) محامي "كافة المواطنين والنازحين في حالة حذر وترقب خشية من دخول الجيش الإسرائيلي إلى المدينة وعدم معرفتهم إلى أين سيذهبون، خصوصا أن القطاع قد استنفذ منه جميع مناحي ومعالم الحياة".

وأكد "كان لدينا بصيص من الأمل بأن تنجح المفاوضات ويتم وقف لإطلاق النار"، لكن الآن "الناس في حالة تخبط ..هل يغادرون أماكنهم أم يبقون في بيوتهم وعندها ستحصل مجازر وإبادة حقيقة؟، موضحا أن المنطقة التي حددها الجيش الإسرائيلي "مكتظة بالسكان أصلا ولا يوجد فيها أماكن لوضع الخيم".

وشدد على أن "الناس لا يثقون بما يقوله الجيش بأنها منطقة آمنة فلا يوجد منطقة آمنة في قطاع غزة من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه طالما أن هناك احتلالا".

وشدد الجيش الإٍسرائيلي على أن العملية "تأتي في إطار خططنا تفكيك حركة حماس. وقد كان تذكير عنيف بوجودهم وقدراتهم العملاتية في رفح أمس".

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أربعة جنود وإصابة أكثر من عشرة آخرين في هجوم صاروخي عند معبر كرم أبوسالم مع غزة. وقال إن الصواريخ أطلقت من منطقة محاذية رفح.

وأعربت المنظمات الإنسانية الدولية عن قلقها الشديد من احتمال اجتياح رفح. وقالت بشرى خالدي مديرة المناصرة في منظمة أوكسفام في الأراضي الفلسطينية "من منطلق إنساني، ما من خطة إنسانية موثوقة في حال ووقع هجوم على رفح".

وأكدت "لا يمكنني أن أفهم أن هجوم رفح سيحصل"، سائلة "إلى أين سيذهب النازحون الفلسطينيون فيما محيطهم تحول إلى موت ودمار؟".

واندلعت الحرب في قطاع غزة مع شن حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا، معظمهم مدنيون، حسب تعداد يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 35 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين. وردت إسرائيل متوعدة بـ"القضاء" على حماس، وهي تنفذ حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة، ما تسبب بسقوط 34735 قتيلا غالبيتهم مدنيون، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.