الغرفة الثانية للبرلمان التونسي لبنة مهمّة في مسار سعيد

المجلس الوطني للجهات والأقاليم يعتبر الخطوة الأخيرة في تعزيز مؤسسات النظام السياسي الجديد الذي شرع في إرسائه الرئيس قيس سعيد منذ اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو 2021.

تونس - أنجزت تونس انتخابات الغرفة الثانية للبرلمان المتمثلة بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم، وسط حالة جدل بين أحزاب تؤيد الحكومة وأخرى تعارضها، فيما تترقب البلاد الانتخابات الرئاسية بحلول الخريف المقبل.
ونشرت الهيئة العليا المستقلة في تونس، في 4 أبريل/نيسان الجاري القائمة النهائية لأعضاء المجلس على جريدة "الرائد" الرسمية وعددهم 77 نائبا.
ويعتبر المجلس الخطوة الأخيرة في تعزيز مؤسسات النظام السياسي الجديد الذي شرع في إرسائه الرئيس قيس سعيد منذ اتخاذه الإجراءات الاستثنائية في 25 يوليو/تموز 2021 .
وشملت تلك الإجراءات حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
وتعتبر قوى تونسية معارضة، تلك الإجراءات "تكريسا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحا لمسار ثورة 2011" التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.
وفي 28 مارس/آذار الماضي قال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر إن "الغرفة الثانية للبرلمان ستباشر مهامها قريبا بعد إعلان الهيئة عن النتائج النهائية ودعوة المجلس للانعقاد من قبل رئيس الجمهورية ليترأس أكبر النواب سنا المجلس إلى حين انتخاب رئيسه ونائبيه".
وأضاف بوعسكر أن "دعوة المجلس للانعقاد من قبل رئيس الجمهورية ستكون بعد 15 يوما من إعلان النتائج النهائية".
ووفق الأمر الرئاسي رقم 598 الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي، تتوزع تونس على 5 أقاليم، الأول يشمل ولايات الكاف وجندوبة وباجة وبنزرت (شمال غرب)، والثاني ولايات تونس وأريانة وبن عروس ومنوبة ونابل وزغوان (شمال)، والثالث ولايات المهدية والمنستير وسوسة والقيروان وسليانة والقصرين (شرق).
بينما يشمل الإقليم الرابع ولايات قفصة وسيدي بوزيد وصفاقس والأخير ولايات مدنين وتطاوين وقابس وقبلي (جنوب).
ووفق المادة 81 من المرسوم الرئاسي رقم 10 لشهر مارس 2023، المتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلية (المعتمديات) وتركيبة المجالس الجهوية ( الولايات) ومجالس الأقاليم، يتم انتخاب 3 أعضاء عن كل مجلس جهوي وعضو واحد عن كل مجلس إقليم، ليتكون المجلس من 77 نائبا.
ووفق النتائج النهائية المعلنة في الجريدة الرسمية يمثل الإقليم الأول 13 نائبا، والثاني 19 نائبا، والثالث 19 نائبا، بينما يمثل الرابع 13 نائبا، والخامس 13 نائبا.
وقبل إعلان التشكيلة النهائية للمجلس الوطني تم إجراء انتخابات المجالس المحلية في دورتين وتقدم للدور الأول من الانتخابات التي أجريت في 23 ديسمبر/كانون الأول الماضي، 7205 مرشحين، فاز منهم 1349 مرشحا، فيما تنافس في الدور الثاني يوم 4 فبراير / شباط الماضي 1558 مرشحا، فاز منهم 779، لتكتمل بذلك المقاعد في المجالس المحلية البالغة 2128 مقعدا.
ووفق هيئة الانتخابات، كانت نسبة المشاركة في الدورة الأولى 11.84 بالمئة من أصل 9 ملايين و80 ألفا و987 ناخبا، وهو ما اعتبرته المعارضة "دليلا على رفض الشعب لمسار سعيد"، أما الدور الثاني فكانت نسبة المشاركة في حدود 12.44 بالمئة.
وفي 8 مارس/آذار الماضي، أجريت قرعة لاختيار ممثلي المجالس المحلية بالمجالس الجهوية بكلّ الولايات، على أن يتم تداول رئاسة المجلس الجهوي كل 3 أشهر.
وانتخبت المجالس في 13 مارس الماضي أعضاء مجالس الأقاليم الـ5 وفق ما ضبطه المرسوم رقم 10.
وقبل إجراء انتخابات المجالس المحلية أجرت تونس دورتين لانتخابات مجلس نواب جديد (الغرفة الأولى)، حيث جرت الأولى في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022، بينما الثانية في 29 يناير/كانون الثاني 2023.
وسبق أن جمد سعيد اختصاصات البرلمان الذي كان يرأسه راشد الغنوشي، المسجون حاليا، ليعلن في 24 أغسطس/آب 2021 عن تمديد تعليق نشاط البرلمان حتى إشعار آخر، واعتبر أن البرلمان "خطر على الدولة".
وفي 30 مارس/آذار 2022 أقر البرلمان المجمد عبر تصويت خلال جلسة عامة افتراضية، قانونا يلغي كل إجراءات سعيد الاستثنائية بعد نحو 8 أشهر من بدئها.
في المقابل أعلن سعيد حل المجلس النيابي، وقال عبر كلمة متلفزة "بناء على الفصل 72 من الدستور، أعلن اليوم في هذه اللحظة التاريخية عن حل المجلس النيابي، حفاظا على الشعب ومؤسسات الدولة".
قانون انتخابي جديد
وفي منتصف سبتمبر/أيلول 2022، أصدر سعيد قانونا انتخابيا جديدا يحل محل القانون الانتخابي القديم عام 2014، ويشمل الاقتراع على الأفراد بدورتين، عوضا عن الاقتراع على القوائم الانتخابية.
وفيما قبلت الأحزاب المؤيدة للرئيس القانون مثل حركة "الشعب" و"التيار الشعبي" (ناصري)، وحركة "تونس إلى الأمام" (يسار)، عبرت الأحزاب المعارضة عن رفضها للقانون، بينها جبهة الخلاص الوطني وهي ائتلاف مكون من 6 أحزاب معارضة.
ودعا سعيد إلى إجراء انتخابات تشريعية لتشكيل برلمان جديد، شارك في الدور الأول في 17 ديسمبر/كانون الأول 2022 نحو 11.22 بالمئة من أصل 9.2 مليون ناخب، واعتبرت أحزاب تونسية أن تدني نسبة المشاركة يعكس رفضا شعبيا لسياسات سعيد، ودعت إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.
وفي 29 يناير/كانون الثاني 2023، أنجز الدور الثاني للانتخابات التشريعية وأعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، أن نسبة المشاركة في الدور الثاني للانتخابات التشريعية المبكرة، بلغت 11.4 بالمائة.
وحسم بالتالي 154 مقعدا في مجلس النواب من أصل 161 مقعدا، فيما لم تجر الانتخابات في 7 دوائر اقتراع خارج البلاد يتوقع إجراء انتخابات جزئية فيها في وقت لاحق، لاستكمالها بعد تشكيل البرلمان الجديد.
وفي 13 مارس/آذار 2023، انعقدت أول جلسة للبرلمان الجديد، وانتخب المحامي إبراهيم بودربالة رئيسا له.
وبعد حوار وطني في يونيو/حزيران 2022 تمهيدا لاستفتاء على مشروع دستور جديد، بهدف الخروج من الأزمة السياسية في البلاد وسط مقاطعة الأحزاب الكبرى، نشر سعيد في الجريدة الرسمية مشروع الدستور الجديد، ويتكون من 142 مادة.
واعتبرت قوى تونسية أن المشروع "يكرس الانقلاب والاستبداد والحكم الفردي المطلق ويمثل انقلابا على دستور 2014 الذي تم إقراره عقب الثورة التي أطاحت ببن علي (1987-2011)".
وعرض الدستور الجديد على الاستفتاء الشعبي في 25 يوليو 2022، ونال ثقة المصوتين بنسبة مشاركة بلغت 27.54 بالمئة من الناخبين المسجلين، فيما رفضت عدة قوى سياسية تونسية النتائج على اعتبار أن 75 بالمائة من الشعب لم يشاركوا في الاستفتاء عليه.
وينتظر أن تشهد تونس انتخابات رئاسية الخريف المقبل وفق قواعد الدستور الجديد المصادق عليه في الاستفتاء.