الانسداد السياسي في ليبيا يعجل باستقالة باتيلي من منصبه

المبعوث الأممي إلى ليبيا ينتقد "التصميم الأناني" للقادة اللليبيين على الحفاظ على الوضع الراهن من خلال المناورات وتكتيكات المماطلة.

طرابلس - أعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي اليوم الثلاثاء تأجيل مؤتمر المصالحة الوطنية الليبية المقرر عقده في 28 أبريل/نيسان إلى أجل غير مسمى، منتقدا سلوك القادة الليبيين الذي وصفه بأنه "أناني"، مؤكدا أنه قدم استقالته إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.

وأشار باتيلي إلى أنه بعد اجتماع اللجنة العليا للاتحاد الإفريقي في برازافيل في فبراير/شباط الماضي والذي خُصص لهذا البلد الذي مزقته الحرب الأهلية، "تقرر عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية في سرت يوم الثامن والعشرين من الشهر الجاري"

وأعرب خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي عن أسفه لإبلاغ المجلس بتأجيل هذا المؤتمر إلى موعد لاحق. وقال "ظهرت الانقسامات بين القادة الليبيين مرة أخرى بشأن هذه القضية الحاسمة"، مؤكدا أنه سيواصل العمل من أجل دعم العملية السياسية وتحديد موعد جديد.

وقال "يؤسفني رؤية أفراد في وضع يسمح لهم بوضع مصالحهم الشخصية فوق احتياجات بلدهم"، معبراً عن "شعور عميق بخيبة الأمل"، مضيفا "إن التصميم الأناني للقادة الحاليين على الحفاظ على الوضع الراهن من خلال المناورات وتكتيكات المماطلة، على حساب الشعب الليبي، يجب أن يتوقف".

وأعرب بشكل خاص عن أسفه لأن محاولاته لمعالجة مخاوف مختلف الأطراف قوبلت "بمقاومة عنيدة وتوقعات غير معقولة ولامبالاة بمصالح السكان".

وتم تعيين باتيلي في هذا المنصب في سبتمبر/أيلول 2022 وجرب العديد من الوصفات لإنهاء الأزمة الليبية، لكنه فشل في جمع القادة الليبيين على طاولة الحوار.

ونقلت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية في وقت سابق عن الباحث التونسي المتخصص في الشأن الليبي بشير الجويني إنه "حتى لو تمكن القادة الليبيين من تنظيم هذا الاجتماع، فإن قراراته لن تتجاوز حدود سرت".

وفي سياق متصل حذر باتيلي اليوم الثلاثاء من أن تحركات قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر، قرب مدينة سرت (شرق)، تهدد اتفاق وقف إطلاق النار.
وأظهر فيديو نشرته منصة "فواصل" الليبية (خاصة) ‎الأحد ما يبدو أنها سفينة للقوات البحرية الروسية تُنزل شاحنات وأسلحة ومعدات عسكرية في ميناء الحريقة بمدينة طبرق.
كما أجرت قوت حفتر مناورات عسكرية في خط سرت - الجفرة خلال مارس/آذار الماضي، وفق إعلام محلي.
وقال باتيلي إن "أي تصعيد للتوترات في ليبيا سيذكي انعدام الاستقرار القائم ليس في تشاد والسودان والنيجر فحسب، بل في منطقة الساحل برمتها".
واستدرك "لم نسجل أي انتهاك لوقف إطلاق النار، إلا أن تنفيذ أحكام وبنود الاتفاق يبقى معطلا، وخاصة بشأن سحب القوات الأجنبية والمرتزقة".
وفي 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، تم توقيع هذ الاتفاق، برعاية الأمم المتحدة، وينص من بين بنوده على انسحاب كل المرتزقة الأجانب من ليبيا خلال 3 أشهر، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
وبخصوص الحوار بين الأطراف الليبية، قال باتيلي إن "الشروط المسبقة من جانب القادة الليبيين تكشف عن غياب رغبتهم في الوصول إلى حل للنزاع".

ويأمل الليبيون في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لإنهاء نزاعات وانقسامات تتجسد منذ مطلع 2022 في وجود حكومتين، إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (شرق) والأخرى مقرها العاصمة طرابلس (غرب) وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
وتدعو أطراف ليبية إلى مشاركة حكومة حماد في حوار يدعو إليه بايتلي منذ نوفمير/تشرين الثاني 2023 لتسوية الخلافات بشأن إجراء الانتخابات، لكنه لم يُعقد جراء خلافات واشتراطات.
وقال باتيلي خلال الإحاطة إن "إضافة مقعد منفصل على طاولة الحوار لتجلس فيه وفود من الحكومة المدعومة من مجلس النواب سيضفي طابعا رسميا على الانقسامات السائدة".
وتابع أن "الأطراف الخمسة المدعوة للحوار تعكس تركيبة القوة على الأرض والتنافس بينها من صلب المشكلة القائمة والحوار وسيلة للتوصل إلى حل جامع".
والمقصود بالأطراف المؤسسية المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية، والقيادة العامة للجيش الوطني بقيادة حفتر.
وأردف باتيلي "للأسف لم تجد محاولاتنا لحل الأزمة الليبية ردا من الأطراف السياسية إلا بالمعارضة وعدم الاكتراث لمصلحة الشعب الليبي، والمواقف المتحجّرة تؤثر سلبا على جهودنا لدفع العملية السياسية إلى الأمام".